6

107 9 34
                                    

بخشونةٍ يُرمى بالمنفردة بعد الإجرائات اللازمة ، غرفة صغيرة رثة ، تكاد مساحتها لا تتعدى المترين مربع ، القذارة تملئها ، رائحةٌ خانقة ، بمراحاضٍ صغير بإحدى زواياها ، مُعتمة يكسر ظلامها ضوءٌ بسيط من الرواق بالخارج حيث يجلس الحراس ، يتنهد بثقل و عدم إكتراث ، ليهم للجلوس بإحدى الزواية ناحية الباب ، يتكمكر حول نفسه ، معانقاً جسده محدقاً بالفراغ بهدوء ، يتأمل بصمت ، لتهرب خلسةً منه إحدى ماساة كريستاليتيه اثر مشاعر و ذعر متفاقمٍ مكبوت ....

...............

مر الوقت طويلاً ، إلى أن أضاعه ، أهو يومان أم أربع ، أم أسبوع ، وجبة واحدة مقرفة كل بعض أيام و أخرى دون طعام ، بردٌ و حر يداهم بالتتابع جسده ، آخذاً لنفسه مكاناً بذات الزاوية ، يُغطي جسده بجدرانها يلتصق بها ، و بيديه دفئاً لذاته ، لتُفتح نافذةٌ صغيرة بالباب الحديدي المغلق بالكامل ، يطل منها وجه أحد الحراس للتفقد إن ما كانت روحه غادرت جسده أم بعد ، ليُفتح الباب بالكامل ، يدخل ، يقف أمامه مباشرةً محدقاً به من الأعلى ، بالذي يتكور حول نفسه ، يرفع رأسه بصعوبة يحدق بعينين شبه مفتوحتين ، برعشة الإرهاق بجسده و شفاهه بالآخر

" هممم ... أتشعر بالبرد ؟!! ... "

جان : ....

" ... ما رأيك ببعض الدفئ إذاً ؟! ...."

لينخفض نحوه ، محدقاً بقذارة بعينيه بينما الآخر يبادر ببرود ، بلمسةٍ طفيفة من التوسل

...............

إرهاقٌ و تعبٌ شديد يضرب جسده ، ليجفل قلبه قليلاً بسماع صوت الباب يُفتح مجدداً ، إلا أن جسده ليس بالقوة الكافية لإعطاء أي ردة فعل ، عينيه ضبابية ، و وعيه يتأرجح

" ... فلتتناول القليل ... "

يحاول التركيز بما يراه ، ليجد حارساً آخر غريباً ، بطبقٍ من الطعام الأقل تقززاً عن ما سبق و أكله

جان : ...

" ... لا تقلق ... إنه طعامٌ جيد ... هيا .. فلتأكل ... ستموت إن بقيت هكذا ... "

جان : ...

" ... لا تخف ... لا أريد شيئاً بالمقابل ... "

يحدق به بهدوءٍ و صمت ، ليضع الحارس الطبق أرضاً و يهم للمغادرة مُكملاً واجبه بالحراسة ، يشرد فحمي قليلاً بالطبق ، ليمد بعد مدة بيده يأخذه لحجره ، و بصمت و بطئ يتناول ، يُسكت جوعاً شديداً يفتك بجسده بأكمله ، يتأكل به خلاياه و أعضائه ...
بعض الراحة و القوة عادت إليه ، معاوداً ضم نفسه ، و التحديق بالجردان أمامه بصمتٍ تام ، ليُعاود ذات الحارس المجيئ و أخذ الطبق قبل الشك بأمره من قِبل الحراس الآخرين ، حيث يُمنع منعاً باتاً إدخال الطعام للمنفردة ، عدى الأوقات المحددة بالكميات المحددة ، ليُحدق الآخر بأثره ، تضرب بعينيه بريق المفاتيح ، ليشيح بصره مكملاً تأملاته الصامتة

أخرجني 2حيث تعيش القصص. اكتشف الآن