الفصل الثاني
الزمن لا يعود، لا يمكنه الرجوع حاملا ذكرياتك للنسيان حيث نقطة البداية .
الزمن لا يظلم أحدا ولكن نحن من نظلمه ونظلم انفسنا!
الملل آفة تصيبنا وفي سنوات حياته السابقة مل التكرار، لم يتقبل الروتين، نفسه المنتفضة حثته للوقوف على حافة الثورة، دعمته للغرق في قاعها، منتفضًا.. ثائرًا.. رافضًا و.. مقاومًا يغامر.
وهي تلك الشريكة أهدته الخلاص بيدها , بل أخبرته صراحة (اذهب)..
وكشمس منصهرة ذائبة في سماء الصيف توهجت أكثر بعد ذهابه..
وهو لا يعرف هل كانت مغامرته قد استحقت الثورة، أم أنها كانت محض خبال مسّه فجعله مختالا بنفسه فخورا بنصر زائفٍ.
حائرًا في كتابه الممسك به بين يديه، قلّب صفحاته بتيه، شاردا في حياته معها، لا يجد مسمى لها ولا يتقبل ما وصل إليه .
هو رجل حائر وهي لاهية بابتسامتها الجميلة كزهرة نبتت من تلقاء نفسها..
وقفت على حافة غرفتهما تتأمله بسكون تام، السنوات الأخيرة لها معه باتت كالحرب الباردة. هل ملَّ منها واشتاق للتجديد؟
أم ملَّ واشتاق لملله الأول حيث غريمتها سلمى؟!
دخلت الغرفة بخطواتها المتمهلة وجلست بجانبه أعلى الأريكة الموجودة بإحدى أركان غرفتهما متحدثة بنبرة هادئة ويدها ترتفع لملامحه منتزعة عويناته بلطف :
-ما الذي يشغل بالك كرم؟
ورغم صوتها الناعم الملتحف بالوعود الثائرة والإغراءات لكنه لم يشعر بها إلا ويدها تنزع عويناته، التفت لها متأملا ملامحها التي كانت تحمل الجذب للمغامرة في الزمن الماضي والآن هو على حافة الجسر الممتد بينهما من الحيرة !
اغلق كتابه وعيناه تحرر ملامحها من الأسر. تنهد بصوت مسموع قائلا بعدها بينما يده تنقر أعلى الكتاب برتابة:
-من برأيك يا كوثر قد يشغل بالي؟
منحته ابتسامة جانبية سريعة مقتضبة لم تكملها إلا وهي تخبره بما تراه تشعر به ويظهر لها جليًا بلا أخبرته بما تؤمن له:
-كل ما أتيت من عندها تتلبسك هذه الحالة.
عقد حاجبيه وكأنه غافلا عن المقصد والعنوان متسائلا باستخفاف ونظراته لا مكترثه :
-عندها, هل يمكنني أن اعرف أي هاء تتحدثين عنها..
تغاضت عن سؤاله العائم, هي تفهمه, تعلم أي رجل هو, تعرف أنه قادر على منحها السعادة باترا إياها في لحظة بكلمة تقلب العالم حولها!
ومع ذلك رفعت عينيها له مبتسمة تهديه الإجابة واضحة:
-أقصد سلمى, ضرتي!
أنت تقرأ
واجتاحت ثنايا القلب ... أسماء رجائي
Romanceجميع الحقوق محفوظة للكاتبة واجتاحت ثنايا القلب ما بين خفقة و إخفاقة