الفصل الثامن
لا تتجاهل ما يحاك من حولك، لا تتخطي العلامات، لا تنكر تلك المشاعر التي غازلت قلبك في كل اللحظات، لا تذهب مغادرا لأرض المعركة الحقيقة متجاهلا لكل هذا الانهيار راسما تلك الابتسامة البلهاء أعلى وجهك ..
عزيزتي لا تكوني حمقاء!
و الشك في عرف المنطق هو أفة المثالية التي أوهمت نفسها بمفرداتها بل وبوجودها، ليتها تفهم أن المثالية والحياة الخالية من المشاكل ما هي إلا عبث اخترعه بعض الفاشلين ..
أخبرك سرا المثالية هي الفشل ذاته!
فخوفك من الفشل يخلق داخلك الخوف والنفور من المغامرة، يمسخك لأخر ضعيف خائف من المجازفة ..فتبقى رغما عنك في مستنقع الخسارة..
وهكذا المثالية تخلق منك إنسان برتبة ألة..
وستفشل في الحالتين جازف، غادر، رحب بالمغامرة..
وهي لم ترحب يوما بالمغامرة، كبتت روح البطلة داخلها متناسية من هي كأنثى فرض على شريكها الكثير، تجاهلت، تنازلت، تخطت ولم تتعافَ ولكنها وقفت أمام الجميع مبتسمة هاتفة أنا بخير عائلتي بخير ..
اليوم بعث لها حازم أن موعد وصوله ليلا، اقتنصت هي الفرصة بفكر هاوي ووضعت أبنائها لدى والدتها راغبة في خلق ليلة ربما تمسك بزوجها من الملل!
وقفت أمام مرآتها مراقبة لصورتها المزينة بإتقان، جاهدت وللمرة الأولى بصعوبة لتبتسم، تحاول أن تعرف إلى أي مدى قد وصل حازم..
هتفت بصوت وانعكاسها يواجها:
-حازم لا يمكن أن يخون يا هديل ، لمَ يخونك ؟
أقرت السؤال ومنحت حالها الإجابة، بكل ثقة ولتحترق كل العلامات المخالفة لثقتها تلك..
-ولم لا يخون ؟
سؤال أدرك ذهنها فانقبض قلبها شاعرة بحرارة غريبة ، وكأن هناك أحد ما قبض على روحها..
أمكست بفرشاة شعرها تمررها أعلى خصلاتها ببطء مكملة الحديث لنفسها وكأنهما شخصين:
-لأنني كاملة ، أنا أنثى لا ينقصني شيء..
وهي مؤمنة بهذه الحقيقة التي غُرزت داخلها منذ ولادتها .
ألقت الفرشاة من يدها، تلاعبت بخصلاتها مانحة انعكاسها نظرة مغوية وغمزة عين ..
ونست أن الإنسان لا يهوى الكمال أحيانا يهرب باحثا عن النواقص.
خرجت من غرفتها تجاه غرفة الطعام التي حضرت أعلاه عشاء مكون من كل الأطعمة التي فضلها حازم ، أضاءت الشموع بنظرة حب وبصرها معلق بالساعة ..
وفي نفس اللحظة كان حازم يفتح باب الشقة، هرولت تجاهه بأذرع مفتوحة، راغبة في اقتناص العناق منه، لا لأجله بل لأجلها هي..
أنت تقرأ
واجتاحت ثنايا القلب ... أسماء رجائي
Romanceجميع الحقوق محفوظة للكاتبة واجتاحت ثنايا القلب ما بين خفقة و إخفاقة