الفصل السابع عشر
وتواجهنا الحياة بأشياء لا نعرفها..
تواجهنا بما لم نتوقعه ، لم نحسبه يوما، لم ندركه حتى في أحلامنا..
ولو كان القدر منصفا حاملا لنا تلك الأشياء الجيدة إلا أن النفس تخشى الأشياء التي لا تعرفها ..
نحن نخاف!
فالنفس يتلبسها القلق .. القلب يتعالى ضجيجه لإدراك ما سقط فيه.. العين تقف في المنتصف تارة تنظر حولها توجسا بما هو أت من المجهول وتارة تغمضها خوفا من رؤية هذا القادم!
أما الجسد فتائه كصاحبه يخاف الاقتراب فيُجرح ، ويخاف التأقلم فيعتاد ليفاجئه القدر بصفعة تجبره أن يفتح عينيه على خسارة هذا الجديد!
(المؤلم يا عزيزتي أننا نخاف ونخشى .. نرتبك . نتوجس.. نحتار.. وأحيانا نهرب بقلب لا يهوى المواجهات من كل قادم وكل قادم ما هو إلا جديد)!
وهي تخشى الجديد ، تخشى الانهزام مرة أخرى، تموت من أن يواجهها الخذلان في أزقة حياتها وهي من أكتفت فأزقة حياتها لطالما كانت مضللة بأنوار خادعة ولا تدري هل ذهبت تلك الأنوار المضللة أم لا!
كانت ممسكة بقلمها ويدها تدور أعلى ورقة بيضاء بتيه ، ذهنها مشتت بعد لقائها الأخير بفؤاد هذا الرجل الذي لم تتوقع أنها خذلته بالماضي..
رفعت بصرها للنور المتسلل بغرفتها الصغيرة بمنزل والدها والتي تقضى بها عطلتها كل نهاية أسبوع عندما يذهب أبناؤها مع والدهما كما هو متفق عليه..
تذكرت وهي تتلاعب بالورقة صورة قديمة جمعتها بحازم ، صورة سعيدة عندما حمل ابنتهما ..
كانت راقدة بالمشفى بعد الولادة تلك الليلة التي لمست فيها خوفه عليها ، قلقه وهو يحملها بين يديه من أن يصيبها مكروه..
-حمد لله على سلامتك يا هديل..
همس بها بعد أن انحنى مشرفا عليها بجسده مقبلا خصلاتها في مودة مكملا بعد أن جلس بمقعد قريب منها ويداه احتوت يديها في رقة..
-ابنتنا بخير لا تقلقي عليها فقط كوني أنت بخير لأجلنا..
عادت وكلمة لأجلنا تلك ترددت في ذهنها أكثر من مرة ، هل أحبها حازم ؟، أم هو مجرد تعاطف اللحظة؟
ولكنها بالنهاية وقفت أمام إدراك واحد ( الذكريات السعيدة التي حوت لحظات الفرح لن تعيد لأرواحنا السكينة ، أرواحنا التي تشبعت بالخذلان)
استقامت من مكانها ودارت بغرفتها ووقفت بالقرب من شرفة غرفتها لتفاجئها صورة أخرى عندما كان يأتي فؤاد ليلا ليراها من أسفل الشرفة مانحا إياها ابتسامته ووعد عين لم تمكنها الحياة من إدراكه..
-هديل عزيزتي..
صوت شقيقها أخرجها من شرودها ، فالتفتت إليه وتأملته بنظرة زائغة ، سمعت نداءه الذي تكرر وكأنه قادم من عالم أخر ..
أنت تقرأ
واجتاحت ثنايا القلب ... أسماء رجائي
Romanceجميع الحقوق محفوظة للكاتبة واجتاحت ثنايا القلب ما بين خفقة و إخفاقة