واجتاحت ثنايا القلب ... أسماء رجائي

الفصل التاسع عشر

الفصل التاسع عشر 

********************

البعض منا يخاف الحب!

البعض منا يخاف الهوى والغرق في أعماق الهوى..

البعض منا يخشى التيه بين سطور العشق ومفرداته المعقدة على القلوب..

و يا عزيزي سأخبرك سر صغير هو إحدى قواعد الحياة (احذر أن تخشى، فما تخشاه سيطاردك ، يلاحقك، سيركض خلفك ، ما نخشاه يا عزيزي سنلقاه)!

احذر أن تخشى فتهرب، وفي الهروب ستجد أن روحك فارغة، الخوف من خوض حرب القلب والمشاعر سيرغم أعماقك على سكون الفراغ والصمت..

ممتلئون نحن بالفراغ، ومتعبون نحن ولو أنكرنا ، مرهقون والقلب تاق لمن يسكنه، والروح اشتاقت لمن يعشقها ويمنحها بعض من الحياة، والنفس ماكرة تريد أن تحلق في السماء عاشقة ولو أنكرت..

وهو أنكر الحب، يخشاه ويهابه، تهرب منه بعد تجربة لم تكتمل، رضى بفراغ قلبه عوضا عن مأسي الحب وعراقيله ..

معقدة أهواء القلب والحياة مُرة دون تلك العقد!

كان واقفا في شرفة منزله معانقا للسماء بابتسامة متذكرا نقاشه الممتع في بداية النهار، ارتشف الشاي مستمتعا بمذاقه وكأنه لم يذق تلك اللذة من قبل.

جلس على المقعد المصنوع من خشب الخيزران.. هذا القديم العتيق المتوارث من جدته لوالدته مستحضرا بابتسامة عريضة لقائه مع ألاء..

كان جالسا بالغرفة الخاصة بالأستاذة منتظر إياها بعد أن طلبها ليناقشها في بعض الأمور الهامة ببحثها منكرا أن هذا الصوت الخبيث المستمتع بالنقاش معها رغم معارضته لبعض من أفكاره يسعده ويعجبه !

دخلت هي بطلتها الهادئة وجلست بالمقعد القريب من مكتبه هاتفة بصوت عالي قوي كشخصيتها :

-لقد جئت كما طلبت مني يا دكتور بهي..

رفع نظره إليها متأملا جلستها ، كبريائها ، هذه الأنثى بها شيء مميز غريب وغامض ، متناقضة الآراء فلم يتمكن يوما من تصنيفها نسوية هي أم ....!

-ألاء لي سؤال هام أود معرفة الإجابة عليه؟

توقف عن الحديث ونظره لا يحيد عنها منتظرا منها الرد والذي وصل له بهزة رأس وحيدة..، ابتسم مكملا بعدها :

-لمَ أشعر أن لديك موقف عدائي ضد القوانين ودائما تصفينها بالمعقدة وأنها بجانب الرجل دائما؟

راقب ملامحها التي لم يصدر منها حركة سوى التواء فم صغير وسريع مستفهمة هي الأخرى منه:

-ألا ترى أن القانون ينصف الرجل ؟

ذكية ! همسها داخله ويعجبه ذكائها ، أجابها وهو يغلق بعض الأبحاث المفتوحة أمامه :

-لا أنا أرى أنه عادل، القوانين ربما بالماضي كانت بالفعل معقدة ولكنها بعد العديد من التعديلات منحت المرأة حقوقها .. بل وساندتها..