الفصل السادس
في يوم ما كانت حكايته أولها حب..
ثانيها الهوى.. وثالثها العشق!
في يوم ما كان هذا العاشق الهاوي المحب لتلك الجميلة التي سلبت منه الخفقة الأولى من أول لقاء..
وما سبق كان في يوم ما، كان يؤمن أن كل يوم يمر عليه يموت فيه شيء ما ويولد في فراغه شيء أخر أفضل..
ولكن..!
لقد مات داخله كل شيء في ليلة واحدة، لقد دفن نفسه بكلمة واحدة ولو أنكر..
لفافة تبغه الذي لا يعرف عددها كادت أن تنتهى وتفني كأحلامه التي تفتت ودُفنت بالأمس، ملامحه جامدة، بصره تهرب من انعكاس شعاع شمس خجول تسلل من النافذة الواقف بالقرب منها..
على عتبات الإفاقة من صدمته كان يتفتت، يموت، يرى أن كل شيء ضاع ولا يعرف بيد من كان الضياع!
بالأمس لم يشعر بما حدث سوى وهو مع تلك الصغيرة التي صارت زوجته!
زفافه بالأمس لم يملك فيه الابتسامة ولا هي حتى ابتسمت، بل لم تنطق بكلمة واحدة كانت تسير برفقته كمن يساق إلى الموت..
ابتسم ساخرا مشعلا لفافة أخرى هامسا بنبرة مرهقة:
-لقد صرت وحش يا أحمد..
كاد أن يبكي مما وصل له والصدمة تنسحب من كيانه تاركة له الندم والجنون.
نظر إلى لفافته، وتذكر أنه منذ أن عرف غادة وكان قد ترك التدخين كما طلبت منه..
رفع يده ضاربا وجهه بخفة متابعا ضاما اللفافة ببصر متهكم:
-لقد ذهبت غادة ..
أمسك بإحدى القطع الزجاجية الصغيرة ملقيا بها جدار الغرفة متأملا تفتتها كما تفتت هو ..
-ماذا هناك؟
كان واقفا بظهره إلى باب الغرفة الجالس بها عندما استمع لهذا الهمس الهادئ، التفت ببطء لتلك العروس بملامحه المرهقة والهالات المحيطة بعينيه، بخصلاته المبعثرة، وبنظرته التي استوحشت فجأة وهو يتابع هيئتها المبعثرة بفعل يده هو.. نظراتها المرتعبة وملامحها الخائفة
-أهلا بالعروس
اقترب منها بخطوات بطيئة فيزيد خوفها مع كل خطوة ويزيد داخله هو الألم..
-إذا أردت أن لا أرتكب جناية اليوم يا صغيرة الزمي غرفتك ..
هزت رأسها خوفا، باكية بلا صوت، تلك العبرات التي ذكرته بصورة غادة بالأمس، هز رأسه بعنف هادرا بها وقبضته تضرب الحائط بعنف:
-لمَ تبكي؟، لا تبكي ..
زاد بكائها أكثر وانعدام الصوت صار شهقات اخترقت رأسه فلا يتذكر بحالتها سوى غادة..
أنت تقرأ
واجتاحت ثنايا القلب ... أسماء رجائي
Romanceجميع الحقوق محفوظة للكاتبة واجتاحت ثنايا القلب ما بين خفقة و إخفاقة