الفصل السابع والعشرون
ويداهمنا اليأس ..
نسير في الطرقات خائفين من أن نعود خائبين ، ونتساءل لم الخوف؟ ، ربما نعود تلك المرة بالحياة دون خيبة ،بفرحة مبتورة الألم ، لكن الروح دائما ما تمنحنا الإجابة ببساطة حينما تهمس لنا بنبرة خالصة من الصدق والبرود (لأننا يا عزيزي اعتدنا الخيبات ، لازمتنا الأوجاع، ورافقنا الانكسار)..
فنقف حينها بالمنتصف مراقبين ما مر من العمر الذي لم ينصفه القدر بعد لنجد أننا لم نحصد سوى اليأس، يأس من أن نلمس الأمل من موضعه..
يأس من أن تزل أقدامنا فنسقط ..
يأس من أن نبقى بمفردنا ف ساحة الدنيا دون رفيق يمنحنا هذا الشيء المفقود من أرواحنا..
والمفقود هذا لم يكن سوى الأمل..
هنا بعيدا عن المدينة وضوضائها جلس بمكتبة والده بتلك المنطقة الشعبية بمساحتها الصغيرة وأزقتها الضيقة، بضوضائها التي صارت محببة لسمعه من المقهى القريب منه ، هذا المكان الذي بات ملاذا له برفقة والده في ساعة العصاري..
ونغمة المكتبة المعتادة من تلك الجالسة أعلى المقعد المقابل له ويديها ممسكة بقلمها تدون به بعض الملاحظات أعلى صفحات كتابها الذي طوقته بنظراتها وكأنه سر الحياة..
(وع هدير البوسطة اللي كانت نقلتنا)
راقب أناملها وهي تتمايل تارة بخفة مع نغمتها المفضلة وتارة أخرى تداعب قلمها الملون بين سطور الكتاب..
-هل سيأتي اليوم عم إبراهيم يا دكتور؟
كان شاردا في مواجهتها بين تأملها .. حياته السابقة و تلك التي لم يملك القدرة على مغفرة ذنبها لنفسه..
بين والدته ووالده بين ذنبه ومغفرته..
لم يكن شاردا بل كان تائها وفي خلايا العقل كان يقام سباق في ليلة صيف حارة ..
أجلى صوته راسما بسمة هادئة أعلى ملامحه متأملا ملامحها المثيرة للراحة والهدوء فيدرك سبب تبسم والده كلما هلت عليه..
-لا يا عالية لن يأتي اليوم ..
نظر لساعة يده ليدرك وقته جيدا ثم رفع نظره لها مرة أخرى متابعا الحديث معها:
-سأذهب أنا له اليوم لنتناول الغداء سويا ،لقد صمم أن يطهي لي الطعام ليثبت لي أنه طباخ ماهر..
ابتسمت على حديثه في هدوء ، لم تفتعل الضجة ، لم تخترق حواجز صمته التالية بثرثرة أنثى ، كانت رزينة للغاية ..
هادئة للغاية ..
ومريحة للغاية..
-هل تذوقت طعامه من قبل يا عالية؟
أنت تقرأ
واجتاحت ثنايا القلب ... أسماء رجائي
Romanceجميع الحقوق محفوظة للكاتبة واجتاحت ثنايا القلب ما بين خفقة و إخفاقة