الفصل الحادي عشر

978 40 3
                                    

الفصل الحادي عشر

الألقاب ..

تلك الكلمات التي ألحقها بنا المجتمع ، الألقاب التي لم تفرض من جهة عليا ، التي لم يجدها أحد في طيات الماضي..

الألقاب هي تلك المسميات التي باتت تتعلق بكل أنثى..

في مقتبل العمر سيخبرونك أنك العروس التي وجب عليها أن تسابق الحياة حتى تتمكن من اللحاق بالقطار..

وإن فاتك القطار سيلحقون بك لقب (عانس)، وإن انفصلت فأنت في نظرهم مجرد امرأة لم تتمكن من الحفاظ على منزلها بعد ورحبي بتعاستك القادمة (أنت مطلقة) ، وإن توفى زوجها سيمنحونك لقبا شرفيا (أنت أرملة)..

ولكن أتعلمين ربما لم تدركي بعد أو لم يخطروك بعد أن هذه الألقاب لا تعيبك ، ربما حان الوقت أن تدركي أن ما يعيبك أن تسيري خلف القطيع حتى تتمكني من اللحاق بالقطار ، ما يعيبك أن تتخلي..!

وهي تخلت، أجل تخلت عن حقها في الحياة، تخلت عن حقها في قول (لا) وقول (نعم) وقول لا رغبة لي في الإجابة الأن..

لقد عاشت حياة توقعها الجميع منها ونسيت ما توقعته النفس منها..

في ممرات الجامعة سارت بخطوات هادئة، ثابته، شامخة ، الكبرياء المشع من نظراتها المتوهج من هيئتها المعانق لكل خلجاتها لم يتناقص بعد الحصول على لقب مطلقة ، بل كان يتعالى داخلها وكأن شيئا لم يكن..

لكن بالداخل في أحد الأركان المظلمة كان هناك أنين من نفس تعودت على الألم في صمت..

لقد صدقت والدتها المجتمع تختلف معاييره طبقا للقبك يا عزيزتي !

دخلت الغرفة الخاصة بها هي وهادية وهمس البعض من بعيد معتقدين أن صوتهم لن يصل أو ربما أيقنوا أنه سيخترقها جيدا، هؤلاء من منحوها القدر الكبير يوما والأن نزعوا منها كل شيء وكأنها هبطت من مكانة عليا للقاع..

(لقد تطلقت)، (لقد فشلت في الحفاظ على بيتها)، (خسرت كل شيء ، سمعت أنه تزوج عليها ، مسكينة)..

ألقت حقيبتها بإهمال أعلى المكتب الخاص بها ، ارتفع كفيها أعلى أذنيها وكأنها تصمهما عن كل شيء حولها ، أغمضت عينيها حتى تحجب عن ذهنها الخبيث كل الصور ولكن عبثا أن يحدث ما تتمناه!

اقتربت من النافذة وعيناها راقبت الطلبة من الأعلى في شرود غريب..

داخلها حرب ولا تعرف أطرافها ..

رنين هاتفها أخرجها من حالتها تلك ، اقتربت من حقيبتها بخطوات مهملة وكأنها فقدت الحماس لأي شيء هذا اليوم، نظرت للهاتف فكان المتصل والدتها أجابتها سريعا بلهجة هادئة جاهدت بتر الفتور منها كما تعودت منها :

-كيف حالك يا أمي؟

ووالدتها لم تنخدع بنبرتها ، ولو أنكرت هي الوجع فالروح فضحته في كل ما خرج منها:

واجتاحت ثنايا القلب ... أسماء رجائيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن