الفصل الثامن والعشرون

1.1K 41 1
                                    

الفصل الثامن والعشرون

ونخشى الحب..

نخشى الحب ونهابه، نخاف الغرق فيه ونتهمه بالضعف، والضعف لم يمسه من قبل بل هو داخلنا نحن.

نتهرب من الحب خوفا من شعور الندم، من أن نفشل في علاقة نبذها العقل ووقف أمامها القلب متمردا مصرحا بقراره ..!

نخشى أن نرتمي بأرواحنا في عناق الهوى فتجبرنا الحياة ذات ليلة معتمة على رفع يدنا ملوحين بالوداع حينما ينهشها العشق..

وهي تخشى الحب، تخاف أن تستلم لشعوره المناوش للقلب دون استيحاء، هذا الشعور الذي بات قريبا منها كلما تحدثت مع بهي، هذا الرجل التي اعتقدت أنه اختيار درب العقل فيقف القلب بجانبها ساخرا أن الدروب ربما تتلاقى ..

كان يومها الأول برفقته في طريقهما إلى الجامعة سويا، خيم الصمت على الأجواء بينهما بينما هي بقيت مكانها منزوية بعيدا عنه وجسدها ملتصق بباب السيارة وعيناها معلقة بتفاصيل الطريق من نافذتها ..

ظنت هي أنه لا يراها، لكنه كان ينظر تجاهها بين حين وآخر متمعنا في تفاصيلها ..

-هل هناك ما يثير ضيق نفسك يا ألاء؟

هتف متسائلا بعد أن نفذت مقاومته ورهانه مع نفسه حينما أخبرها أنه لن يشتاق للحديث معها..

لكنه اشتاق للحديث معها، النقاش بينهما عن حقوق المرأة، تجذبه هي كفراشة ملونة تثير النظر وتأسر الروح..

نظرت نحوه واعتدلت في جلستها المنزوية ووجهت له ابتسامة هادئة وأجابته بنبرة هادئة ومتزنة مخالفة حرب المشاعر المتضاربة داخلها:

-لا، أنا بخير..

بترت حديثها وأكملت بعد أن نظرت له بتمعن وعيناه تعانق الطريق بتمعن:

-لمَ ظننت ذلك ؟

رفع كتفيه لأعلى متابعا الحديث معها وعينيه تمنحها لفتة سريعة فتخشاه هي أكثر وكأنه يناديها لدرب لا يهواه العقل:

-أراكِ ملتزمة الصمت منذ أن ركبتي السيارة برفقتي ..

تنهدت خافية عنه ربكتها وحيرتها وهذا التيه الظاهر بعينيها من هذا التضارب المقام داخلها، تخشى أن يلمس ضعفها ربما لأن الحب في نظرها هو الضعف..

-هناك سؤال يحيرني ولكني لا أعرف إجابته..

وكأنثى صريحة وواضحة لم تراوغه، لم تتلاعب معه بالألفاظ ، لا تهوى المناورة بمكر حتى لو أخطأ الطرف الآخر فهم المقصد ..

-ما رأيك أن تشاركيني حيرتك يا زوجتي ؟

اتسعت عيناها وهي تسمع لفظ (زوجتي) من فمه، تلك الكلمة التي أشعرتها بانتمائها له، وكأنه ملجأها، ورغم هذا الأمان برفقته لكنها خافت الانتماء لرجل!

واجتاحت ثنايا القلب ... أسماء رجائيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن