الفصل التاسع

879 44 3
                                    

الفصل التاسع

الحياة قاسية!

الحياة دائما وأبدا لها طرقها الخاصة في تعليمك منهجها المتقلب المضطرب.

القدر له تدابيره الغير مألوفة، هو ببساطة لن يؤجل رصاصته التالية من أجل نواحك على ما مضى!

"عزيزتي تعلمي التخطي والتعايش تعلمي المرور من الأحزان بسرعة الضوء، أعلم أنه ربما محال وأعلم أنك ربما ستمضين عمرك في التعلم ولكن لا تيأسي أبدا"

ماتت والدتها، دخلت محمولة كجثة أنهكتها الحياة منتظرة التراب والتخفي من عالمنا..

جاء الطبيب وأخبرهم بوفاتها، أكد الوفاة وملامحه حزينة تعاطفا مع الجميع ولكنها ابتسمت..

ابتسمت هاتفة بعد أن رحل الطبيب ويدها تلوح للجميع بينما العبرات تعانق بشرة وجهها الشاحب:

-ارتاحت يا حظها ارتاحت..

حاولت سلمى الاقتراب منها باكية دون صوت مستمعة لشهقتها التي تبعتها بحديث أخر:

-ارتاحت من همي الذي حملته طوال العمر..

أحنت رأسها مكملة بضعف:

-ارتاحت من همي القادم، لقد كنت حمل عليها ولم تتحمله.

كلماتها سربت الكسر لقلوب الجميع، نظراتها الباهتة كانت تعانق الجميع وكأنها باحثة عن أحد ينتمى لها ..

فتواجهها حقيقة جديدة ( لقد صارت وحيدة، لم يعد لها أحد)

جذبتها سلمى لعناقها باكية معها، ولا تعرف هل هي تبكي كريمة أو غادة أو ربما تبكي نفسها؟!

شددت سلمى ذراعيها حول جسدها تشاركها الأحزان، احتوت جسدها المرتعش، ودت لو تمكنت من حمل أحزانها عنها !

-لمَ لم تأخذني معها ؟

همست لها سلمى وهي تحاوطها دون فكاك وكأنها تحتوي ابنتها حقيقة:

-استغفري الله يا حبيبتي، استغفري الله يا غادة..

ولكن غادة لم تر فرق، والدتها مات جسدها وسيحتضنها تراب الأرض، وهي قتلوا روحها وستحضنها أشواك الحياة..

انهار جسدها للأرض فشاركتها سلمى الانهيار، لازمتها محتوية جسدها وكأنها تلملم وجعها داخل هذا العناق.

بكت ألاء رغما عنها مائلة برأسها على كتف شقيقتها زهراء التي قاومت عبراتها بصعوبة، مدت ذراعها محتوية كتف شقيقتها راغبة في الصراخ هاتفة ( لم توجب علي تلك العاشقة أن تحيا هذا الشقاق؟)

أما الجد فوقف مكانه مستندا على عصاه راغبا مشاركتهم البكاء هو الأخر، عيناه متسعة .. مذهولة وكأنه لا يصدق وفاة كريمة.

وهذا هو الموت لا يصدقه أحد حتى يدركنا محققا لحالته..

بعد ساعة تقريبا كانت غادة ممددة أعلى سريرها، بصرها كان معانقا سقف غرفتها، عبراتها تنهال من مقلتيها، جسدها متصلب وكأنها ميتة بل هي هنا في تلك اللحظة ميتة!

واجتاحت ثنايا القلب ... أسماء رجائيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن