الفصل الحادي والعشرون
لا يعرفنا سوانا..!
ونقضي العمر في الحياة باحثين عن من يفهمنا، من يملك القدرة على الوصول إلى دهاليز النفس تلك المختبئة بعقدها كلها في جانب مظلم لا يرى الشمس..
ننتظر من يفهمنا .. يحتوينا .. يشعر بنا، هذا المنتظر منه كشف العتمة عنا فيخرج النفس للحياة حينها تعانق الشمس وترى ضوء القمر..
يمر العمر في خدعة الانتظار لهذا الشخص فتجد بالنهاية أنك تقف في انتظار السراب..
لأنه ببساطة لن يفهمك سواك، لن يصل لدهاليزك المعتمة سواك، ولن يحتويك سواك أنت..
منذ أن استيقظت في الصباح التالي وهي مكانها ثابته في شرفة الغرفة المطلة على الطبيعة التي سلبتها أنفاسها..
نظرت حولها بتفحص قبل أن تزيل حجابها محررة خصلاتها وكأنها تريد أن تحيا شعور الطفلة الخالية من القيود ..
أغمضت عينيها تاركة للهواء فرصة معانقتها والتلاعب بخصلاتها كما شاء..
ابتسمت براحة غريبة للمرة الأولى غالبة حيرتها المواجهة لها في كل خطوة..
وعند شعور الحيرة التفتت إلى هذا النائم في هناء وهي من لم تملك القدرة على النوم كونها بجانبه..
-من أنت يا سفيان؟
همست متسائلة داخلها، همست حائرة وعينيها تشاركها التشتت، همست من هذا الرجل الذي لم تشعر معه بغربة أو فقد !
-إلى أين حكايتنا ؟
سؤال آخر ظهر لها في دربها، سؤال إجابته مبهمة وبعيدة عنها كنجمة في السماء متوارية خلف الظلام ودرب الوصول إليها المشقة فيه عنوان..
التفتت مرة أخرى تتأمل الطبيعة حولها متنعمة بالدفء المغمورة هي فيه، وهذا النائم قد استيقظ من سباته وبقي مكانه متأملا وقفتها ..
راقب خصلاتها المتطايرة خلفها، جسدها الذي تمايل مع نسمات الهواء وكأنها زهرة حقيقية تتمايل مع أغاني الهواء عازفة معه مقطوعة خاصة بها..
ارتفعت يداها لأعلى وكأنها تعانق تلك النسمات الدافئة فيحسدها متمنيا هذا العناق له هو!
وعندما راوده هذا الخاطر هب من نومته متحركا تجاها دون أن يفلتها من عينيه، دون أن يحيد عن تفاصيلها وحركاتها المهلكة له ولقلبه..
وقف خلفها بخطوة واحدة وخصلاتها المتطايرة تواجهه ملامسة ملامح وجهه بنسيمها المختلط بنسيم الهواء الطلق..
وقف مكانه للحظات وأنفاسه الثائرة تنبئها بوجوده، تجمدت مكانها فجأة، قربه فيه سحر يتخلل لأنفاسها فيزعزع ثباتها رغما عنها..
لم تتنبأ بخطوته القادمة لكنه صدمها بذراعيه ملتفين حول خصرها عنوة وكأنه يخبرها بطريقته هذا وضعها الصحيح..
أنت تقرأ
واجتاحت ثنايا القلب ... أسماء رجائي
عاطفيةجميع الحقوق محفوظة للكاتبة واجتاحت ثنايا القلب ما بين خفقة و إخفاقة