الفصل العشرون ج1

1K 39 2
                                    


الفصل العشرون

وتمر بنا الحياة..

تمر بنا كما تهوى، تارة تغرقنا في أحزانها، تسقطنا في أوجاع لا نملك القدرة على دحرها، وتارة أخرى تمنحنا الفرح حاملة أرواحنا لأعلى فتعانق السماء طائرة بأجنحتها البهية، والغريب أنها بعد أن تهدينا السعادة طائرة بنا نجد أنه هناك شعور غريب يتسلل لداخلنا، شعور خوف خبيث كخيط رفيع في حجمه، ولكن مسه قد يبتر أناملنا..

غريبة الحياة ومتقلبة هي الأقدار كالأيام التي حوتها لنا، ومؤلم هو هذا الخوف الملازم لنا حتى في الفرح، حتى لو صرحنا بأننا لا نخاف..

حتى لو واجهنا أنفسنا كل ليلة في المرآة وبنظرة عمق خالصة هامسين بأمل متهربة أشعته من هذا الخوف إلا أننا نتمسك به (السعادة لنا، سنحياها مبتهجين ) لنجد بعدها ابتسامة يائسة من انعكاسنا وكأنه يحاول أن يجارينا.. هو يجارينا ونحن نجاري الحياة والحياة متقلبة لا تعرف الرضى..

وهي تلك الراضية بأٌقل لمحات السعادة، هي تلك المتمسكة بالفرح لو مر بجانبها، هي التي تمايلت مع أحزان الحياة التي مالت عليها وهي من تراقصت مع أفراحها عندما رضت عنها ..

صباح زفافها كان سعيدا، لا لم يكن سعيدا، كان بهجة لم تحلم بالوصل لها يوما..

استيقظت بعد ليلة حالمة وردية كتلك التي كانت تنتهي بها الروايات التي كانت تهديها لها غادة عندما يختم الكاتب مشهدها بغموض..

تأملت ملامح هذا الساكن بجانبها في هناء نومه، ملامحه الهادئة في سكون وسلام، يده التي حاوطتها في رعاية مانحة جسدها قبس من السكينة ..

داعب ثغرها ابتسامة وملامحها من ذكريات الأمس تلونت بالخجل من كل تفاصيلها..

امتدت أناملها نحو ملامحها فتلمس منها ربما الطمأنينة أكثر قاتلة بها هذا الشعور الغريب المتسلل لها بخوف من القادم..

غامت عيناها في مخاوفها وكأن الشيطان يلاعبها ببث وساوسه بروحها ليخرجها هذا الساكن بحركة يديه أعلى أناملها الثابتة أعلى ملامحه، التفتت إليه مرفرفة العينين، عانقت نظراته الثابتة أعلاها بقلق أدركته، احتوى يدها بقوة محاولا أن ينهي هذا الخوف الساكن في ملامحها، هذا التذبذب الذي لمسه من نظرة عينيها، هذا الصقيع الخافت الذي تسرب له من لمسة يديها أعلى ملامحه ..

-صباح الخير يا علي..

جذبها لجسده بحركة مباغتة مريحا رأسها أعلى صدره، متلاعبا بخصلاتها، خائفا هو الآخر رغما عنه ولا يدري السبب ..

همس مغيرا كل الأجواء الذي لم يعتقد لمسها في صباح ليلة زفافه ويده لا تترك خصلاتها:

-أكثر نعومة مما تخيلت..

ابتسمت لحديثه متناسية كل تلك المشاعر الغريبة في صباح فرحتها التي انتظرتها، هامسة هي الأخرى بندائِه:

واجتاحت ثنايا القلب ... أسماء رجائيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن