الفصل الثالث والعشرون

1K 42 1
                                    


الفصل الثالث والعشرون

وداخلنا الكثير من الحكايات .. من القصص.. من الروايات المنسية.. من تراكمات تشبعت منها الروح بالغضب.

داخلنا حرب وحب، نلجأ لقسوة الحرب متدثرين برداء الجمود مع البشر، والحب نخفيه .. ندفنه في أعماقنا المعتمة .. بل إننا ننكره وكأنه لمحة ضعف قد يراه الأخرون فينقضون علينا ملتهمين إيانا دون رحمة..

نهرب من أن نمحي عبرات غيرنا خوفا من أن يبكينا هو يوما، نهرب من مراعاة خاطر سوانا خوفا من أن يكسروا بخاطرنا يوما..

النفس يا عزيزتي تهوى الركض حتى ترى الحياة لكنه الكتمان والجمود من يتسربون لتلك النفس المقبلة على الدنيا كسرطان ماكر، خبيث، صامت هو حتى يتمكن من سكون خلايا الجسد كلها.. فتجد أنك تقف مكانك ثابتا تخاف الركض حتى لا تواجه حقيقة ما قد تجدها بالنهاية أنك بالاتجاه الخاطئ..

ولطالما كانت هي المتهربة الأولى من تلك المشاعر التي لمحتها في عيون العاشقين، هي من أنكر الحب والحياة داخلها رافعة سيفها في وجه الجميع بغية جرحه حتى لا يجرؤ آخر على جرحها..

هي تخاف من أن تحيا حرب المشاعر وليتها تعلم أنها في وكر الحرب ولا سلام سوى بالحب ..

عيناها شاردة في الطبيعة المطل عليها نافذة المطبخ في منزل والدة سفيان، خصلاتها تحيط وجهها في حماية، ملامحها تائهة وحائرة؛ وكأنها على موعد مع المصير..

غامت عيناها في ليلة الاحتفال بزواجها من سفيان!

تعجبت مبتسمة من وعيها أنها صارت حاملة للقب متزوجة وهي من اعتقدت أنها لن تتزوج أبدا..

بعد انتهاء الحفل هتف الجميع من عائلته في المكان مهللين بفرحة:

-هيا احملها يا سفيان..

احمرت هي خجلا من تلك الهتافات، كيف يجرؤن على طلب هذا الشيء علانية!، التفتت إلى سفيان الذي منحها نظرة لم تفهمها لكنها لم تشِر نحوه سوى بنظرة تحذير وكأنها تخبره ( إياك أن تفعلها)..

ولأنه يهوى مخالفتها ورؤية غضبها وخروجها من إطار صقيعها المعتاد كان رده على نظرتها ابتسامة اتسعت شيئا فشيئا مرفقا معها غمزة عين نشبت في قلبها القلق والتوجس..

اقترب منها بخطوات بطيئة متأنية قاصدا إياها، وقف أمامها أخيرا وانحنى مقبلا جبهتها فسمع همسها المكبوت بنبرة غضب واضحة:

-إياك أن تحملني يا سفيان، والله لو فعلتها ل..

لم يمنحها فرصة أن تكمل تهديدها الذي لم يثِر داخله سوى الضحك ..

انحنى قاطعا همسها حاملا إياها بين ذارعيه أمام الجميع هامسا لها بابتسامة متسعة قد يراها الجميع همسات الهوى لكنها كانت همسات من التحدي:

واجتاحت ثنايا القلب ... أسماء رجائيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن