التاسع والثلاثون

86 7 5
                                    

اتسعت عيناها بصدمة تحاول استيعاب ما نطق به للتو وظلت عيناه معلقة بها ينتظر ردها عليه..
مرت لحظات من الصمت قبل ان يقول:
- مقولتيش ايه رأيك..
قالت بصوت متحشرج : فى ايه..
قال بترقب :
- فى اللى قولته...انا باعرض عليكي الجواز...ايه رأيك..
هزت رأسها بعدم تصديق وقالت وهى مازالت تحت تأثير الصدمة : مينفعش...انا مش مناسبة ليك..
ضيق عينيه وقال بتساؤل:
- مش فاهم...قصدك ايه..
قالت باضطراب وعينيها تهرب منه بكل اتجاه :
- انا عمري ٤٧ سنه... عندي ولاد شباب..لو ابني اتجوز النهاردة هبقى جدة بعد سنة..
اخذ نفس عميق وقال:
- وانا عمري ٥٠ سنة...وولادي اكبر من ولادك وفيهم واحد متجوز..وانا جد فعلا بقالي سنة وحفيدي اجمل حاجة حصلت فى حياتي...لكن ده ايه علاقته بأني عايز اتجوزك..
قالت برفض :
- علاقته انه مينفعش...انا مش لسه صغيرة هبدأ من جديد...كفاية عليا تجربة واحدة فاشلة..انا مش حمل تجارب تانية..
قال باستنكار حزين :
- ليه حكمتي عليها بالفشل من قبل مانجرب حتى..مش يمكن القدر جمعنا عشان ده نصيبنا سوا..
اخفضت عينيها بصمت فأضاف هو بتساؤل:
- انتى معترضة على شخصي..يعني انتي رفضاني كإنسان..
هزت رأسها نفيا بصمت فسألها مرة أخرى بتوجس:
- لسه بتحبيه..
هتفت باستنكار : طارق...لا طبعا..انا اتخطيته من زمان..
تنهد بارتياح وقال:
- طيب ليه مش عايزة تدي لنفسك وليا فرصة تانية... مش يمكن....
قاطعته بحسم حزين:
- انا اسفه يا عاصم بيه..بس فكرة الجواز نفسها مش فى بالي...مش هقدر افكر فيها مرة تانية..انا اسفة بجد.. وبالنسبة للشغل فانا هفضل فيه لحد ما تشوف حد غيري..
هتف باستنكار:
- ايه اللى بتقوليه ده...ايه علاقة الشغل بالكلام ده..
قالت بارتباك : مفتكرش هينفع نشتغل مع بعض بعد كده..
قال بحزم : هبه...الشغل مالوش علاقة بالمسائل الشخصية واظن انتى عارفة كويس انى مش بخلط بين الاتنين..
قالت بتوتر : يا عاصم بيه انا....
قاطعها برجاء :
- على الاقل ماتسيبيش الشغل..انا ماصدقت الاقى حد ارتاح معاه..وانتي كمان بتحبي شغلك وناجحة فيه.. وانا اوعدك انى مافتحش معاكي الموضوع ده تاني دلوقت..أتفقنا..
مطت شفتيها وهزت رأسها ايجابا ثم قالت:
- طيب اسمحلي امشي دلوقت..
وقفت فوقف هو الاخر وقال:
- اتفضلي..هوصلك..
قالت برفض : لا من فضلك..انا همشي لوحدي..
قال باصرار:
- انا عارف ان عربيتك مش معاكي..واكيد مش هسيبك تمشي لوحدك..حتى لو انتى مش عايزة..احنا طريقنا واحد..
نظرت له بإستغراب وهى لا تدري هل يقصد طريق العودة...ام طريقهما بالحياة...
خرجت معه واوصلها الى بيتها دون حديث وتابعها بعينيه حتى صعدت ثم تحرك بسيارته عائدا الى بيته..

    ....................................................................

دخلت رنا البيت امام طارق والقت حقيبتها بعصبية وهى تقول بحدة:
- عشان كده مكنتش عايزني اروح معاك...عشان تاخد راحتك مع الهانم..
اغلق الباب والتفت اليها وهو يقول بغضب مكبوت :
- اخد راحتي معاها يعني ايه..
هتفت بسخرية:
- والله شوف انت بئا.. ايه معنى انها تروح هناك وهي عارفة انك رايح..ومتشيكه ع الاخر وواخدة بالها من شكلها...وانت مش عايزني اروح يبقى ايه..
هتف بغيظ:
- يبقى مش عايز اعرضك ولا اعرضها لموقف سخيف..
صاحت بغضب:
- وايه اللى يجمعك بيها من اصله..
صاح بحدة :
- كده او كده بشوفها وبنتقابل...وجودها طبيعي فى اي اجتماع عائلي وقولتلك كده الف مرة...لازم احافظ على علاقتي بيها عشان...
قاطعته بسخرية غاضبة :
- ولادك...لازم تقابلها عشان ولادك...لازم علاقتك بيها تبقى كويسة عشان ولادك... ولادك اللى بتتحجج بيهم دول كبروا خلاص مش لسه اطفال صغيرين وكلها كام سنه وكل واحد هيبقى ليه حياته..
هتف طارق بحنق:
- وعشان كده لازم ابقى معاهم باستمرار..
ضيقت عينيها وقالت بترقب :
- يعنى ايه...مش فاهمة..
صمت لحظات يحاول انتقاء كلماته فسبقته هي قائلة بتحذير :
- اسمع يا طارق...لو بتفكر انك ترجعها..فاعمل حسابك اني مش ممكن هقبل الوضع ده..
قال بتوتر : تقصدي ايه..؟
قالت بحسم :
- اقصد اللى فهمته..
قال طارق بحنق :
- يا رنا انا محتاج ابقى جنب ولادي...مش قادر افضل بعيد وكل ما اعوز اشوفهم اخد ميعاد زي الغرب..
قالت بجمود :
- دي مش مشكلتي..
هتف بضيق : قبل ما نتجوز ماكنش عندك مشكلة انك  تكوني زوجة تانية..
هتفت بعناد :
- كان...لكن دلوقتي لأ...معنديش اي استعداد حد يشاركني فيك..دلوقتي لازم تختار...تفضل مع الست اللى تليق بيك وبمكانتك قدام الناس..ولا ترجع للعجوزة اللى اخرها تقوم بدور الام وتعملك الاكل اللى بتحبه فى البيت..
قالت عبارتها واتجهت الى غرفتها وتركته يفكر بحديثها وهو يقول لنفسه بأسف :
- يظهر انك مش شايفة هي بقت ازاي...مابقتش الام وست البيت وبس..بقت واحدة تانية رافضه انى ادخل حياتها من تاني...ياريت تديني فرصة الإختيار..كنت اخترتها هي من غير تردد..
     ..................................................................

فرصة تانيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن