الخامس والثلاثون

106 6 1
                                    

نزل صلاح من بيته صباحا فوجد اسلام بانتظاره امام المركز وهو يقول :
- صباح الخير يا بابا..
رد عليه والده : صباح النور يا اسلام..نزلت بدري ليه..من غير ما تفطر معانا..
قال اسلام بتوتر : كنت بجهز شوية حاجات لاختبارات الطلبة..
هز رأسه متفهما وقال:
- طيب يا حبيبي ربنا يوفقك..بس متنساش تفطر..
هم بالذهاب فاستوقفه اسلام قائلا :
- بابا...انا كنت محتاج اتكلم مع حضرتك شوية..
قال صلاح باستفهام :
- كنت بتقول انك مشغول دلوقتى..
قال إسلام سريعا:
- لأ انا جهزت الورق اللى هيحتاجوه بس...لكن الاختبارات دي فى اللغة وهيشرف عليهم زينب وسارة..انا لسة قدامي ساعتين..
قال صلاح باسما :
- طيب تعالى معايا المعرض ونتكلم هناك..
ركب سيارة والده وذهب معه الى معرض الاثاث الذي يمتلكه...ثم دخلا الى مكتبه فقال صلاح :
- ها يا سيدي..ايه اللى عايز تتكلم فيه..
قال اسلام وهو يحاول انتقاء كلماته حتى يسترضي ابيه :
- اولا يا بابا عايز أكدلك ان نقطة اني اختار بينكم وبين اى حد تاني دي مستحيلة...اي اختيار بينكم وبين اي حد او اي حاجة معناها اختياركم انتم من غير ذرة تفكير..
اخذ صلاح نفس عميق وقال:
- اكيد يا اسلام...الاهل مش مجال اختيار لأنهم طبيعي جزء من حياتك..مينفعش يبقوا فى مقارنة مع حد ولا يبقوا فى وضع اختيار..
قال اسلام بلهفة : يعني حضرتك متفق معايا فى النقطة دى..
قال والده بتأكيد : طبعا..
قال اسلام بحزن :
- طيب ليه موضوع جوازي اتحول لاختيار بينكم وبين البنت اللى انا عايزها...وليه فكرة انى اسكن بره البيت باقت معناها اني بقاطعكم... اقاطعكم ازاي وانتوا حتة مني...ولنفرض ان العمارة دى مش بتاعتنا وماليش شقة فيها...مش بردو كنت هدور على شقة تانيه وقت ما اقرر اتجوز..
اخذ صلاح نفس عميق وقال:
- حكاية الاختيار والقطيعة اللى شاغل نفسك بيها دي..مش مطروحة اصلا عشان تزعلك بالشكل ده.. احنا وانت كيان واحد لاينفع نقاطعك ولا ينفع تتقطع منا.. انسى الكلام الفارغ ده..
قال اسلام بحزن :
- بس ماما قالت...
قاطعه والده بحسم : سيبك من اللى امك قالته...انت عارف انها وقت ما بتتعصب بتقول كلام مينفعش يتقال ولما بتهدى وتروق بتراجع نفسها..
قال اسلام : بس هي مش رايقة ونظراتها ليا كلها زعل..
قال صلاح بلوم :
- وانت كمان..داخل خارج مكشر وساكت وحتى لما بتقعد معانا على الاكل..بتعمل نفسك بتاكل وبعد لقمتين بتقوم..ده بردو مينفعش..
اخفض إسلام عينيه فأكمل والده :
- انت عارف امك بتحبك انت واخواتك قد ايه...انتوا كل حياتها..ملهاش اخوات وعشان كده خلفت كتير عشان تعمل عيلة..كل اللى بتتمناه فى الدنيا انكم تفضلوا حواليها وتشوف ولادكم ماليين عليها البيت..
قال اسلام بصدق :
- عارف والله ومقدر...انا كمان مقدرش ابعد عنكم وحتى لو اخدت شقة بره هفضل معاكم...ده انا شغلي فى نفس البيت يعني هبقى يوميا عندكم..
قال صلاح بهدوء:
- انا قولتلها نفس الكلام..واتناقشت معاها...بس انت كمان لازم تقنعها من نحيتك..وتطمن قلبها انك مش هتبعد عنها..
هتف إسلام بفرحة :
- يعني انت موافق يا بابا..؟
تنهد صلاح وقال :
- انا مقدر موقف حماك لأني اب زيه..وفاهم يعني ايه اب يكون قلبه مش مرتاح من ناحية بنته خصوصا اني جربت القلق ده بعد اللى حصل مع اختك...وبردو شايف الخلافات الموجودة بين حريم اخواتك..وعارف ان ساره غلبانة ومش هتسد قصادهم..
انتفض اسلام من مقعده وقبل رأس ابيه ويديه وهو يقول بفرحة عارمة :
- ربنا يخليك لينا يا بابا..ربنا ما يحرمني منك ابدا..
هتف صلاح بحنق مرح:
- خلاص بئا زهقتني...بس بردو لازم تراضي امك وتخليها توافق..
هتف اسلام بلهفة : ده انا هروح ابوس ايديها ورجليها لحد ما ترضى وتوافق..
ضحك صلاح وقال :
- طيب..على الله ماتخليهاش تزهق منك وتطردك من البيت قبل جوازك..
قال إسلام بصدمة : كده بردو يا حاج...انا بزهق..
قال صلاح بتهكم : لا ابدا...ده انت جميل.. اقعد بئا عشان عايزك فى حاجة مهمة..
جلس إسلام وهو يتابع والده وهو يخرج بعض الاوراق من درج مكتبه ويقول :
- شوف دول وقولي رأيك..
نظر إسلام للاوراق وقال بدهشة :
- ايه دول..؟
قال والده بجديه :
- دى تقسيمات شقق مطروحة للبيع بالتقسيط عن طريق البنك فى المجمع السكني اللى شغالين فيه على طريق(....) مش بعيد عننا...المسافة بينا حوالي نص ساعة..والاستلام خلال سنة..
هتف اسلام بذهول :
- ولحقت تسأل وتدورلي على شقة..
ابتسم ابيه وقال :
- وعرفت تفاصيلها كمان والورق المطلوب والمقدم وقيمة القسط وكل حاجة..انت بس هتختار التصميم والمساحة المناسبة ليك..
التمعت عينا اسلام بالدموع تأثرا وقال بامتنان :
- انا مش عارف اقولك ايه يا بابا...بجد مش عارف..
ربت صلاح على يده وقال باحتواء ابوي :
- متقولش حاجه يا حبيبي..انت ابني..بكرة تبقى اب وتعرف معنى الكلمة دي..
ثم اكمل باهتمام : خلينا فى المهم...مساحات الشقق مختلفة وطبعا كل مساحة وليها سعر.. شوف ايه اللى يناسبك..
قال اسلام بحيرة وهو ينظر للاوراق :
- مش عارف..انت رأيك ايه..
قال والده بجدية :
- انا رأيي خليك فى المتوسط.. تقسيماته كويسة ومساحته حلوة...تفرق عن مساحة شقتك حاجة بسيطة.. وكمان قسطه معقول..
سأل إسلام :
- طيب والمقدم..اكيد كبير..
قال والده : المقدم مش مشكلة..انا هساعدك فيه..لكن القسط هو اللى محتاج ترتيب..
قال إسلام : والقسط مش مشكلة..اقدر ادفعه من شغلي..
قال والده :
- ايوه بس بعد كده هيبقى صعب شويه لما التزاماتك تزيد...لان القسط ده على كذا سنه يعني هتتجوز وانت لسه بتسدد...عشان كده انا فكرت فى حل..
سأله إسلام : حل ايه..؟
قال صلاح :
- شقتك اللى فى العمارة..أجرها وقيمة الايجار تدفع بيه القسط...انا ممكن ابيعها تمليك وتاخد فلوسها تجيب بيها شقة على طول..بس انا مش حابب ده..خلي شقتك..يمكن تحتاجها فى يوم..
ابتسم اسلام وقال :
- وانا مش هعمل غير اللى حضرتك شايفه..
ابتسم صلاح وقال :
- خلاص..بكرة الصبح ان شاءالله نروح البنك نعمل الاجراءات..وربنا يتم لك على خير يا حبيبي..
قال إسلام بلهفة :
- طب وهنروح لوالد ساره امتى..
هتف صلاح بعبوس مصطنع :
- لما امك توافق...مسروع على ايه..
قام إسلام وهو يقول بفرحة :
- انا مش هسيبها النهاردة غير لما توافق..
قال صلاح بتهكم : ورينا شطارتك..
اتجه اليه إسلام وعانقه بحب وهو يقول :
- انا متشكر يا بابا..متشكر اوى..
بادله والده العناق ثم ربت على كتفه وقال :
- يالا..اتوكل انت عشان ماتتأخرش على شغلك..
ابتسم اسلام وذهب فجلس صلاح وتنهد قائلا :
- ربنا يسعد قلبك يابني..
         ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

فرصة تانيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن