الفصل الثالث والعشرون

82 6 2
                                    

عاد عاصم الى فيلته بعد انتهاء العمل مباشرة ليحظى بالغداء مع ابناؤه فهو حريص على تناول الغداء معهم يوميا طيلة فترة تواجدهم بمصر..
استقبلته سالي بابتسامة عذبة وهى تحمل ابنها بين ذراعيها فابتسم لها عاصم وهو يأخذ منها حفيده ويقول:
- قاعدة لوحدك كده ليه..هما راحو فين..
قالت سالي برقة:
- يوسف وزياد فوق مع طنط سوزي..
اختفت ابتسامة عاصم وهتف بضيق:
- هي جات..
أومأت برأسها وقالت:
- حضرتك عارف..اول مابتعرف اننا موجودين بتيجي على طول..
تنهد عاصم وقال : عارف يا حبيبتي..عارف..
هبط زياد الدرج بخفة وهو يقول بمرح:
- انت وصلت يا بابا...كويس اوى عشان نتغدى مع بعض
لحق به يوسف ومن خلفه سوزان زوجة عاصم السابقة..امرأة متوسطة العمر شديدة الجمال..تهتم بأناقتها كثيرا ومغرورة الى ابعد حد..قالت بتعالي:
- ازيك يا عاصم..
رد عاصم ببرود: بخير يا سوزان..
ثم نادى ام إبراهيم بصوت عالي فأتت على الفور وقبل ان يتحدث هو تحدثت سوزان بتكبر:
- الطباخ جهز الأصناف اللى قولت عليها..
قالت ام إبراهيم بهدوء: ايوه يا هانم..
هتفت سوزان بعصبيه:
- ومستنية ايه..امشي جهزي الغدا بسرعة..
نظر لها عاصم بحدة قبل ان يقول:
- استني يا ام إبراهيم..
انتظرت ام إبراهيم بصمت فأكمل عاصم بهدوء:
- من فضلك يا ام إبراهيم اطلعي الجناح بتاعي وجهزيلي شنطتي.. وبلغيهم جوه يجهزوا الغدا..
أومأت برأسها وقالت: امرك يا عاصم بيه..
فقال عاصم بلطف: متشكر يا ام إبراهيم..
انصرفت ام إبراهيم لتنفيذ ما أمر به عاصم تحت نظرات سوزان الحانقة فقال يوسف :
- مفيش داعي تكلمي داده بالطريقة دي يا ماما..
هتفت بحنق:
- امال اكلمها ازاي..اطلب منها بأدب..دى خدامة لا طلعت ولا نزلت..
قال عاصم بصرامة:
- ام إبراهيم مش خدامة..دي ست بتشتغل معانا باخلاص من سنين طويلة..يعني ابسط حقوقها اننا نتعامل معاها بذوق..
هتفت باستنكار : حقوقها..
قال زياد بتوضيح:
- بابا يقصد انها مربيانا وتعبت علشانا كتير..واحنا كمان بنحبها..
قالت سوزان بحدة:
- كانت بتاخد مقابل تعبها يا زياد...ولازم تتعامل بشدة مع الخدامين عشان يفضلوا فاكرين الفرق بينك وبينهم
هتف عاصم بضيق:
- كلنا بنخدم شغلنا ومش معنى انهم بيشتغلوا عندنا اننا نستعبدهم وننسى انهم بني ادمين زينا..
زفرت بضيق وقالت :
- اعفيني من محاضراتك الانسانية..انا لا فايقه لها ولا عايزة اسمعها..
اغلق عاصم عينيه بضيق فهو يعلم انه لا فائدة من الحديث معها..
اتت احدى الخادمات وهى تقول باحترام:
- الغدا جاهز يا فندم..
انصرفت الخادمه وذهب الجميع الى غرفة الطعام لتناول الغداء والحديث عن امور العمل..
انتهوا من تناول الطعام ثم ذهبوا الى غرفة المعيشة وبعد ان جلسوا قالت سالي:
- على فكرة يا اونكل انا هروح بكرة عند بابي وهقعد هناك اسبوع.. اصلهم وحشوني اوي..
ابتسم عاصم وقال:
- اكيد يا حبيبتي..انتي بتغيبي عنهم بالشهور..بس ياريت ماتتأخريش اكتر من كده..انتى عارفة انى مش بقدر ابعد عن عصوم طول ما هو هنا..
ابتسمت سالي وقالت برقة : حاضر يا اونكل..
قال يوسف باسما:
- متقلقش يا بابا..انا هجيبه لحضرتك كل يوم يقعد معاك شوية..
هتفت سوزان بحنق:
- وهتوديه يقعد معاه فين...انت عارف هيبقى فين...انا مش فاهمة ايه اصرارك انك تسيب البيت وتمشي اول ما انا باجي..كأنك بتقولي انك مش عايزني اكون موجودة هنا..
قال عاصم بضيق: انا مقولتش كده..
هتفت بغيظ :
- بتقولها بتصرفاتك...انا باجي علشان ولادي مش علشانك..
قال عاصم بهدوء:
- وانا فاهم ده ومقدره وعلشان كده بسيب الفيلا عشان تاخدي حريتك فيها..
ثم اضاف بسخرية : طبعا فى الشوية اللى بتشوفي ولادك فيهم حسب ما يسمح وقتك..
نظرت له بغيظ وكادت ان ترد لولا دخول ام إبراهيم وهى تقول لعاصم:
- شنطة سيادتك جاهزة..تؤمر بحاجة تانية..
شكرها عاصم فانصرفت قبل ان يقول:
- اطلع يا زياد هات الشنطة وحطها فى العربية..
هتفت سوزان بحنق:
- وزياد يطلع ليه..خلي حد من الشغالين ينزلها..
قال عاصم بضجر:
- مش بحب حد يدخل الجناح بتاعي غير ام إبراهيم وطبعا مش هخليها تنزل شنطة زى دى..
قالت بتعالي: ده شغلهم يا عاصم..
هتف بضيق:
- بقولك ايه يا سوزان..ريحي نفسك وبلاش تشغليها بالتفاصيل دى..
ثم نظر الى زياد واضاف : هتطلع تجيب الشنطة ولا اطلع انا..
قام زياد سريعا وهو يقول:
- لا طبعا يا بابا..انا هنزلها حالا..
نظرت له سوزان بحنق فتجاهل نظراتها تلك وهو يحمل حفيده ويداعبه.. تبادل يوسف وسالي نظرات متوترة قبل ان تقول سالي لتخفيف الموقف:
- على فكرة يا اونكل..بابي قالي انك وحشه اوى وبقالكم فترة مش اتقابلتوا فكان عايز يعزمك على الغدا الاسبوع ده فى اليوم اللى يناسب حضرتك..
ابتسم لها عاصم وقال:
- فعلا بقالنا كتير ماتقابلناش بس اعذريني يا حبيبتى انا مشغول جدا الفترة دي..
قالت سالي برجاء:
- عشان خاطري يا اونكل..هتبقى فرصة نقضي وقت حلو كلنا مع بعض..حضرتك عارف انى بكون لوحدي فى فرنسا وبشتاق جدا لجو العيلة..
قال عاصم بأبوة : حاضر يا حبيبتي.. عشان خاطرك..
قالت سالي بسعادة: ميرسي يا اونكل..
هتفت سوزان بضجر:
- انتي عايشة معظم الوقت فى ارقى الاماكن فى باريس ومش عاجبك..
قال يوسف باسما:
- قوليلها يا ماما...دى طول الوقت بتحاول تقنعني اننا نسيب فرنسا ونرجع مصر على طول ونبقى نسافر على فترات طويلة..
هتفت سوزان بحدة:
- اوعى يا يوسف...فى حد يكون عايش فى باريس و يرجع هنا..
قالت سالي بضيق:
- عايشة فى باريس لوحدي يا طنط...بعيد عن عيلتي واصحابي...وبعدين باريس مش جنه..زيها زي اي مكان تاني فيه الحلو وفيه الوحش..
هتفت سوزان بتهكم:
- ايه الوحش اللى هناك بقى...ده انتي عايشة فى مستوى محدش يحلم بيه..
قالت سالي باعتزاز:
- الوحش اني بعيد عن اهلي...اما بالنسبة للمستوى فده مش غريب عليا...طول عمري عايشة فى مستوى عالي حضرتك عارفة كويس انا بنت مين..
تدخل يوسف قائلا بحرج:
- ماما متقصدش يا سالي...هى تقصد ان حياتنا هناك افضل بكتير..
قالت سالي بهدوء:
- انا فاهمة قصد طنط يا يوسف..لكن عايزة اقول ان مش كل حاجة بتتقاس بالماديات... وجودك بين اهلك ده ميتقدرش بتمن..
هتف عاصم بتقدير :
- عندك حق يا سالي...مفيش حاجة ابدا تعوض لمة العيلة...انا كمان غيابكم بقى صعب عليا خصوصا بعد ماجه عصوم..
قال يوسف بعناد: بس انا اتعودت على حياتي هناك وكمان انا اللى بدير الشركة..
قالت سالي بجديه: تقدر تديرها من هنا وتسافر على فترات..
هتف يوسف بعصبية : سالي احنا اتكلمنا فى الموضوع ده قبل كده وانتي عارفة رأيي..
هتفت سالي : بس يا يوسف......
قاطعها عاصم قائلا:
- خلاص يا سالي...بعدين نتكلم فى الموضوع ده ونلاقى حل يرضيكم انتوا الاتنين..
عاد زياد الى الداخل وهو يقول:
- خلاص يا بابا نزلت الشنطة وحطتها فى العربية..
نهض عاصم وهو يقول:
- عظيم...انا همشي دلوقت وعايزك تيجي بكرة الشركة يا زياد عشان نرتب الحاجات اللى اتكلمنا فيها..
اومأ زياد برأسه موافقا وقبّل عاصم حفيده وهو يستعد للخروج فاستوقفته سوزان قائلة:
- استنى يا عاصم..انا كمان خارجة وصلني فى طريقك للنادي..
قال عاصم ببرود:
- للأسف النادي مش فى طريقي.. اختاري العربية اللى تعجبك والسواق يوصلك..باي..
انصرف عاصم على الفور فقالت سوزان بحدة:
- شايفين قلة الذوق..
قال زياد بلباقة:
- اكيد مرتبط بميعاد ومش عايز يتأخر...انتي عارفة بابا مواعيده دقيقة اد ايه...انا هوصلك..
هتفت بحنق: معايا عربيتي..
نظروا لها جميعا بإستغراب فقالت باستدراك:
- ماليش مزاج اسوق..
مط زياد شفتيه وقال بتفهم :
- طيب هوصلك بعربيتك وابقى ارجع انا..
خرجت معه سوزان بعصبيه فقالت سالي بإستغراب:
- بتستغل اى فرصة عشان تكون معاه لكن طريقتها بتبعده اكتر..
هتف يوسف بضجر:
- هى مش غلطانة انها بتحاول عشان يرجعوا لبعض.. انتى بس اللى مش بتحبيها..
قالت سالي باستياء:
- انا مش بكرهها يا يوسف..لكن بتضايق من اسلوبها.. دايما بتتعامل بغرور وتكبر عكس اونكل عاصم.. بسيط ولطيف..
هتف يوسف مدافعا:
- مش غرور يا سالي بس ماما من طبقة ارستقراطية واتعودت تتعامل مع الناس فى حدود معينة..
ابتسمت سالي بسخرية وقالت:
- كلنا من نفس الطبقة يا يوسف لكن مش بنتعامل بالطريقة دى مع حد وباباك جده كان باشا ونص حياته كانت بره ومع ذلك عمره ما اتعامل بتعالي مع حد..
كان يدرك صدق حديثها لكنه لا يحب ان تنتقد امه فقال:
- كل واحد وله طريقته يا سالي..المهم هتروحي امتى عند والدك..
تفهمت تغييره لمجرى الحديث فقالت:
- بكرة الصبح والمفروض انك هتيجي معايا..احنا اتفاقنا
تنهد يوسف وقال:
- هكون بين هنا وهناك عشان ماما وزياد كمان انتي عارفة اننا مش دايما بنعرف ننزل سوا..
قالت بعبوس: وطبعا فى ايام كتير هتبقى فى الشركة عشان ترتب الشغل قبل السفر..يبقى فين الاجازة بقى وانت هنا مشغول وهناك مشغول..
ابتسم وقال:
- انا مش هنزل الشركة باستمرار ومع ذلك الايام اللى هنزل فيها الشركة هرجع عليكي على طول والايام اللى مش هنزل فيها هقضي اليوم معاكي وابقى ارجع على هنا... والحكاية كلها اسبوع بس مع باباكي ومامتك وبعدين هتيجي هنا ونبقى مع بعض على طول..اتفاقنا..
ابتسمت وقالت: اتفاقنا..
       
       ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

فرصة تانيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن