الواحد والخمسين

105 6 3
                                    

ضيق عاصم عينيه وقال : هتروحي على فين..؟
قالت هبه بدهشه : على البيت يا عاصم مع ولادي..
قال عاصم بهدوء صارم:
- قصدك بيت طارق.. لأ يا هبه...ده مش هيحصل..البيت ده مش هتدخليه تاني..
قالت هبه بذهول :
- يعني ايه..عايز تبعدني عن ولادي..
قال عاصم بنفي : انا مقولتش كده..لكن مقدرش اسيبك ترجعي بيت طليقك بعد ما بقيتي مراتي..
هتفت هبه باستنكار:
- امال هاروح فين..
قال عاصم ببساطة : بيتي طبعا..
اتسعت عيناها وقالت بدهشة :
- انت مش قولت اننا هنأخر جوازنا اسبوع لحد القسيمة ما تطلع ونعمل باسبور..
اخذ عاصم نفس عميق وقال:
- ايوة قولت..لكن ده مايمنعش انك تعيشي فى بيتي الفترة دي..
قالت برفض : لا طبعا..انا مش ممكن ادخل الفيلا غير وانا مراتك فعلا..
قال بهدوء : انا كنت عارف انك هترفضي..بس عندي اماكن تانية مناسبة غير الفيلا..ومنهم شقة كبيرة ومجهزة بالكامل كنت بقعد فيها على فترات..تقدري تقعدي فيها الفترة دي..
قالت بحنق:  والولاد..اسيبهم..
قال عاصم بجدية : لو يحبوا يعيشوا معاكي فيها انا معنديش مانع..ولو يوافقوا يعيشوا معانا بعد الجواز فده شئ يسعدني جدا..انا عمري ما فكرت ابعدك عنهم يا هبه..
هتفت بجزع :
- مش هيقبلوا..مش ممكن يعيشوا فى بيتك..وبيت ابوهم موجود..انا عارفة اني هتنقل بيتك بعد جوازنا.. بس على الاقل خليني افضل معاهم الفترة البسيطة دى
قال عاصم بحسم :
- اسف..مقدرش اقبل على كرامتي انك ترجعي بيته ولو ساعة واحدة..
قالت ولاء لتهدئ الموقف :
- استهدوا بالله يا جماعة..انتوا اتحسدتوا ولا ايه..ما تقول حاجة يا محمود..
تكلم محمود الذي كان يجلس مع ولاء بالقرب منهما وقال بهدوء :
- عاصم عنده حق يا هبه..
نظرت لاخيها بذهول فأكمل : وانتي كمان من حقك تفضلي مع ولادك الكام يوم دول وتستعدي نفسيا لبعدك عنهم..وعشان كده انا عندي حل يرضي جميع الاطراف..
قال عاصم باهتمام:
- ايه هو يا محمود..
قال محمود : تفضل هنا الفترة دي ومعاها آيه..وكريم يرجع من الشركة على هنا ويتغدى معانا وبعدين يروح السنتر ويبقى يروح بيته بالليل..اظن ده حل مناسب..
قال عاصم:
- انا موافق..واظن ده حل مناسب ليكي انتي كمان..
نظرت له بغيظ دون حديث فقال بتنبيه :
- وبردو عايزك تروحي الفيلا عشان تشوفي ايه اللى حابة تغيريه فى الديكور..
هتفت بضيق : مش هغير حاجة..
قال باستنكار : ولا حتى الجناح بتاعنا..
قالت باندفاع : غيرو انت لو تحب..
تطلع اليها بلوم فقال محمود ليخفف من حدة الموقف :
- هي تقصد انها واثقة فى ذوقك يا عاصم..
قال عاصم وهو ينظر اليها بعتاب :
- دي حاجة خاصة جدا بكل زوجين يا محمود..لازم يختاروا اوضة نومهم سوا..
شعرت بغباء عبارتها لكنها استمرت على صمتها فقالت ولاء بحرج :
- طيب خلينا نسيبهم يناقشوا التفاصيل دي مع بعض براحتهم يا محمود..
قال محمود موافقا :
- ايوة...اتكلموا انتوا براحتكم واحنا هنطلع نقعد مع الشباب فى الجنينة..
خرج محمود مع زوجته الى الحديقة الصغيرة الملحقة ببيته والتي جلس بها كريم ومنة وزياد وآيه بعد انصراف الاصدقاء..
ظلت هبه على صمتها وظل هو ينظر لها بعتاب ثم قال :
- مش عايزة تختاري ديكور الجناح اللى هنعيش فيه سوا...مش فارق عندك يتغير ولا يفضل زي ما هو بذكرياته القديمة..
قالت بضيق :
- ايوة مش فارق..لأني متأكده انك غيرته بعد ما سيبتها..
ضيق عينيه وقال بتساؤل:
- عرفتي منين اني غيرته..
تنهدت وقالت : الوجع اللى كنت بتتكلم بيه وانت بتحكي يخليني اتأكد انك مش ممكن تحتفظ بأي ذكرى قديمة..فأكيد هتغير الاوضة اللى فيها كل ذكرياتكم..
قال بعتاب :
- حتى لو...بردو لازم تتغير..لازم نختار المكان اللى هيجمعنا سوا وهنعمل فيه ذكريات جديدة..
قالت بلوم :
- لو هفكر بنفس طريقتك...هقولك انه مش كفاية تغيير الديكور..وعايزة اعيش معاك فى مكان جديد محدش عاش فيه معاك قبلي..
هتف سريعا :
- لو دي رغبتك فأنا ممكن.....
قاطعته بهدوء :
- لأ يا عاصم...لأن ده بيتك طول عمرك وفيه كل ذكرياتك..مع عيلتك ومع ولادك وصعب ترتاح فى اي مكان تاني...وكمان ولادك لما بيرجعوا من السفر ولمتهم حواليك..دي حاجة مقدرش احرمك منها خصوصا وانا عارفة قد ايه بتشتاقلهم وبتفرح برجوعهم وخصوصا عاصم الصغير..
قال عاصم باحتواء :
- انا فعلا بحب الفيلا دي وفيها كل ذكرياتي...لكن بردو عايزك تبقي مرتاحة..ولو مش حابة الفيلا خلاص نسيبها ونعيش فى مكان تاني..
قالت برفض :
- لأ يا عاصم...انا قصدي اقولك ان المكان مش هيفرق واذا كان على ديكور الجناح بتاعك..فهنختاره سوا اذا كان ده يريحك..لكن باقي الفيلا سيبها زي ماهي عشان ولادك مايحسوش بتغيير.
ابتسم وقال:
- زي ما تحبي..وانا هجيبلك كتالوجات نختار منها عشان الوقت..
قالت باستعطاف :
- طيب خليني اروح مع الولاد النهاردة بس..عشان حتى الم هدومي وحاجتي..
عبس وجهه من جديد وقال : آيه تلمهالك..
قالت هبه بالحاح : مش هتعرف..فى حاجات خاصة بيا غير الهدوم..حاجات ليها ذكريات حلوة عندي والبوم صوري و......
قاطعها بانفعال :
- صور ايه وذكريات ايه اللى انتي عايزاها...عايزة تحتفظي بذكرياتك القديمة معاه..
نظرت له بصدمة ثم قالت بحزن :
- لأ يا عاصم...ذكرياتي مع امي الله يرحمها ومع محمود وانا صغيرة...وصوري مع ولادي فى مراحل مختلفة... الصور اللى انت تقصدها مبقيتش ضمن حاجاتي من بدري اوي..من قبل حتى ما اوافق على الارتباط بيك..
لعن نفسه على حماقته واندفاعه وحاول الاعتذار قائلا :
- انا اسف يا هبه...مقصدتش اني..
قاطعته بحزن :
- اظن اننا اتسرعنا فى كتب الكتاب..
هتف بذهول : بتقولي ايه..
ردت بألم : دي الحقيقه...انت قولتلي خدي وقتك وفكري وانا طلبت منك تفكر انت كمان وتشوف اذا كنت تقدر تتخطى فكرة جوازي قبلك ولا لأ.. لكن انت اتسرعت...والواضح كده انك مش هتقدر..
قال بلهفة :
- لأ يا هبه..جوازك قبل كده مش عيب فيكي عشان اقدر اتخطاه...انا كمان كنت متجوز..
قالت باختناق :
- ايوة..بس انت مكنتش بتحبها وشرحتلي ده..لكن انا جوازي كان طبيعي وانت عارف اني كنت با.....
وضع يده على فمها يمنعها من اتمام عبارتها وقال بخفوت وهو ينظر فى عينيها بعمق :
- ماتقوليهاش...كل اللى فات من حياتي وحياتك انتهى.. ودلوقتي احنا بنبدأ من جديد..وفى يوم من الايام هخليكي تقولي انك ماحبتيش حد غيري..ده وعد مني.. سامحيني على اللى قولته..مكانش قصدي ازعلك..ده بس من غيرتي عليكي..
قالت بحزن :
- وغيرتك دي هتفضل على طول...انا رأيي بلاش نستعجل جوازنا وراجع نفسك احسن...احنا لسه ع البر..
احاط وجهها بيديه وقال باستنكار :
- اراجع ايه يا مجنونة..ده انا بعد الايام عشان تبقي في بيتي..انا بحبك يا هبه عارفة يعني ايه بحبك..عمري ماحبيت بالشكل ده..عمري ماحبيت اصلا..فكرة اني اسيبك دى مش مطروحة من الاساس..خلاص انا مابقيتش اقدر ابعد عنك..
اخفضت عينيها فوضع اصبعه اسفل ذقنها ليرفع وجهها اليه ويقول :
- انا اسف اني زعلتك..بس عشان خاطري بلاش تختبري غيرتي عليكى..لاني بجد مبقدرش اسيطر عليها..
حركت عينيها بعيدا بصمت فقال بعتاب :
- وبعدين انتي مش ملاحظة اننا عمالين نتخانق..بئا بذمتك دي مناسبة نتخانق فيها..؟
هتفت بلوم : قول لنفسك..
ابتسم وقال بحنان : خلاص بئا حقك عليا..لسه زعلانة..
هزت رأسها برقة فاقترب منها وقبل جبينها بعشق ثم نظر بعينيها واقترب قليلا باتجاه شفتيها لكن منعه صوت زياد اتيا من الخارج يقول بصوت مرتفع :
- ايه يا باشا هنبات هنا ولا ايه..؟
ابتعد عنها قليلا وهو يضغط على شفتيه بغيظ ويلعن بسره فضحكت هبه بخفوت ونظر لها هو بغيظ قبل ان يدخل الجميع خلف زياد وينهض عاصم قائلا :
- لا يا سيدي مش هنبات هنا..اتفضل عشان نمشي..
قالت آيه بعفوية :
- واحنا كمان يا ماما..الوقت اتأخر..
توترت هبه فقال محمود :
- ماما مش هتمشي يا آيه..هتفضل هنا لحد جوازها وانتي كمان هتقعدي معاها..
نظرت له آيه باستغراب ونقل كريم عينيه بينهم وفهم من توتر هبه ونظرة عاصم انها رغبته هو فقال بتفهم :
- سيبي ماما على راحتها يا آيه..
هتفت آيه باستغراب : طيب وهدومك وحاجتك..
قالت هبه : انتي هتروحي تلميهم يا آيه بس بكرة ضروري عشان اقدر انزل لشغلي..
قال عاصم :
- مش ضروري شغل الفترة دي يا هبه عشان تلحقي تجهزي نفسك وكمان ترتبي حاجتك فى الفيلا..
هتفت هبه برفض قاطع :
- لأ يا عاصم..هنزل شغلي وكفايه الفترة اللى هنسافر فيها... ولما نرجع بردو هاشتغل..انا مش هسيب الشغل وده مش مجال مناقشة..
اتسعت عيناه وقال بانبهار :
- طيب اهدي..انا بس مش عايز اتعبك..
قالت بحسم : مش هتعب..
قال باستسلام : اللى يريحك يا حبيبتي..
قال كريم : لو كده يبقى آيه تروح معايا دلوقتي عشان تلحق تجهزلك حاجتك وانا هاجيبها بكرة..
قال محمود : ايوة الاحسن تاخدها معاك..واعمل حسابك انت كمان انك هاتيجي من الشركة على هنا وتبقى تبات فى بيتك..
ابتسم كريم وقال : حاضر يا خالو..
      ...............................................................

فرصة تانيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن