الفصل الخامس عشر

130 7 2
                                    

التفتت هبه الى مصدر الصوت فوجدت رجل طويل القامة رياضي الجسد شديد الأناقة وسيم الملامح ينظر اليها بابتسامة جذابة...
وقفت الفتاة الجالسة امامها سريعا وهى تقول باحترام شديد: صباح الخير يا عاصم بيه..
رد عليها عاصم بنفس الابتسامة:
- صباح الخير يا سها..
ثم اضاف وهو ينظر لهبه مرة اخرى ويقول :
- ماتعرفتش بالهانم..
وقفت هبه بهدوء فى حين قالت سها :
- مدام هبه عبد الرحمن... كانت جاية بخصوص وظيفة مندوب التسويق..
ضيق عينيه وهو ينظر لسُها بتساؤل... ففهمت على الفور واجابت بتوتر:
- مستر أمجد فى ميتينج.... وطلب مني انا اعمل الانترفيو بداله..
هز رأسه متفهما وقال موجها حديثه لهبه:
- طيب اتفضلي.. نكمل الانترفيو فى مكتبي..
قالت هبه وهى تلتقط حقيبتها استعدادا للخروج:
- مفيش داعي... الانسة فهمتني انى مش مناسبة للوظيفة..
قال بابتسامته الجذابة:
- مش هتفرق من ربع ساعة كمان ندردش فيها... يمكن نقدر نستفيد بخبراتك فى حاجة تانية غير التسويق... طبعا اذا ماكنش عندك مانع...
هزت رأسها وابتسمت ابتسامة متوترة وشعرت بالاحراج من حديثه عن خبراتها... فماذا لو عرف انها لا تملك اى خبرات..
سبقها الى الباب الآخر الملحق بهذا المكتب والذي يؤدي الى مكتبه... فتحه بهدوء واشار اليها بلباقة لتدخل خلفه... تجولت بعينيها داخل مكتبه الذى كان مزيجا من الفخامة والاناقة والرقي...
جلس خلف مكتبه وجلست هى امامه وبعد لحظات دخلت سها وبيدها ملف وضعته بهدوء امامه فقال:
- شكرا يا سها... خليكي فى المكتب اللى هنا... وسيبي الباب مفتوح من فضلك..
قالت سها باحترام: حاضر يا فندم..
ثم غادرت على الفور..
احست هبه بشئ من الراحة... فقد اعجبها تصرفة... وشعرت نحوه بالاحترام...
طالع الاوراق داخل الملف سريعا قبل ان يقول:
- دى شهادات الكورسات اللى اخدتيها... لكن مفيش حاجة فى (c.v) عن الاماكن اللى اشتغلتي فيها قبل كده..
قالت هبه بهدوء: انا اشتغلت فى مكان واحد بس... شركة (.........)
ضيق عينيه وقال بتذكر:
- بس الشركة دى صفت اعمالها من سنين..
هزت رأسها وقالت: فعلا... والحقيقة انا سيبتها من قبل ما تصفى بكذا سنه..
عقد حاجبيه وقال بتساؤل:
- وطول الفترة دى مفكرتيش تدوري على شغل...
هزت رأسها نفيا وقالت:
- لا... كنت مكتفيه بدوري كزوجة وأم..
ضيق عينيه بإستغراب وقال:
- سامحيني على فضولي... بس ايه اللى يخليكى تنزلي بعد السنين دى كلها تدوري على شغل... خصوصا يعني ان مظهرك بيقول انك مش محتاجه للشغل..
اخذت نفس عميق وقالت:
- وهو الاحتياج لازم يكون مادي بس.. يعني لو حضرتك عندك اللى يكفيك ماديا مش هتشتغل...
ابتسم وقال: اكيد لا... انا مقدرش ابطل شغل يوم واحد بس ده لأني طول عمري بشتغل... لكن حضرتك بعيد عن مجال الشغل لفترة طويلة..
قالت بهدوء:
- ظروف حياتي اختلفت... ولادي كبروا.. وانا قومت بدوري معاهم... ودلوقتي بقيت محتاجه للشغل... نفسيا... وماديا كمان..
فقال باستفهام: وزوج حضرتك...
مطت شفتيها وقالت بتوتر: احنا منفصلين..
هز رأسه بتفهم... فوقفت وهى تقول:
- على العموم انا عارفة ان فرصتي فى الشغل ضعيفة... ده مش اول مكان يتقالي فيه انى مش مناسبة...بس ده مش هيخلينى ابطل ادور...
وقف هو الاخر وهو يقول:
- على فين..
قالت بهدوء: همشي... ومتشكرة جدا لذوق حضرتك ولوقتك..
قال بهدوء : بس انا ماقولتش انك مش مناسبة للشغل هنا... كمان احنا لسة مخلصناش كلامنا... اتفضلي اقعدي
نظرت له بتساؤل وهى تجلس من جديد..
فى حين قال هو:
- شوفي يا مدام هبه... وظيفة التسويق فعلا مش مناسبة ليكي... لكن فى مكان تاني انا شايفك فيه اكتر..
قالت هبه باهتمام:
- مكان ايه..
قال: اكيد لفت نظرك وجود اصطاف سكرتارية بره..
اجابته: ايوه... التلات آنسات اللى بره..
اومأ برأسه وقال: تمام... واكيد بردو شوفتى المكتب الملحق بمكتبي ده..
هزت رأسها بايجاب فأضاف:
- ده يبقى خاص بمدير مكتبي... وحاليا المنصب ده غير موجود..
اومأت برأسها وقالت:
- وحضرتك عايز ترقي حد من مجموعة السكرتارية و تعيني انا مكانه..
ضيق عاصم عينيه وقال بابتسامة :
- يعني... مش بالظبط... بس ليه افترضتي انى عايز اعينك فى السكرتارية..
قالت وهى تبتسم بتلقائية:
- لان مش ممكن هتعيني مديرة مكتبك وانا معنديش اى خبرة..
اتسعت ابتسامته وهو يقول:
- يمكن افاجئك..
اختفت ابتسامتها ونظرت له بعدم استيعاب فقال:
- مالك مصدومة كده ليه... انا فعلا عايز اعينك مديرة مكتبي..
قالت بعد تصديق: من غير خبرة..
قال بهدوء: فى المكان ده انا مش محتاج لخبرتك... لكن محتاج حاجة تانية..
سألته بترقب: اللى هيه...؟
قال بتأكيد: شخصيتك..
ضيقت عينيها وقالت: مش فاهمه.. يعني ايه..
اخذ نفس عميق وقال:
- شوفى يا مدام هبه... مجموعة الانسات دول بيتنافسوا على المنصب ده لانهم عارفين انه مش هيفضل فاضي... وللاسف التنافس بينهم مبقاش فى صالح العمل... اتحول لمقالب واحيانا اذيه فى بعض عشان كل واحدة تثبت ان هى بس اللى شاطرة فى شغلها والباقى مستهترين ومش شايفين شغلهم كويس..
انا غيرت مجموعة السكرتارية ٣ مرات فى اقل من سنة..
قالت هبه بفضول: طيب مفكرتش تجيب راجل للمنصب ده..
قال موضحا: كان فى واحد فى المنصب ده فعلا... اشتغل معايا لسنين طويلة... بس كبر فى السن وتعب وفضل انه يستريح.. و طبعا لو عينت شاب هتبقى المصيبه اكبر... هيبقى مكتب غراميات.. وكل واحدة هتشوف فيه فارس الأحلام ومش هنخلص..
ضحكت هبه على حديثه المرح وبادلها هو الضحك.. قبل ان تقول بهدوء:
- بس انا معرفش حاجه عن شغل السكرتارية..
قال بعملية: ولا تعرفي حاجه عن شغل التسويق.. لأن قوانين السوق اختلفت تماما فى الفترة اللى انتى بعدتى فيها عن الشغل.. وكل اللى انا عايزه منك انك تسيطري عليهم وتتتابعي شغلهم .. يعنى تبقي مديرة عليهم... وطبعا لو شخصيتك قويه معاهم هيعملولك حساب... خاصة انك اكبر منهم ومفيش مجال للمنافسة. شعرت بالتوتر وبعض الخوف من المسؤليه التى يريد ان يلقيها على عاتقها..
وكأنه شعر بما تفكر به فقال ليساعدها على حسم قرارها:
- ايه رأيك لو نجرب ٣شهور... فترة الاختبار الطبيعيه لأى وظيفة... ونشوف هنرتاح مع بعض ولا لأ... لو انا حسيت ان المكان اكبر منك وانك مش مناسبة ليه هقولك طبعا.. ولو انتى حسيتي ان الشغل معايا او مع المجموعة مش مريح...بردو هتصارحينى وننهي التعامل فورا... لكن لو ارتاحنا مع بعض... يبقى انا كسبت مديرة مكتب كويسة... وحضرتك كسبتى الوظيفة اللى بتدوري عليها..
ابتسمت هبة وقالت ببعض الراحة:
- انا موافقه... نجرب.. وان شاءالله اكون قد المسئولية..
ابتسم عاصم وقال: ان شاءالله... وصدقينى انا متفائل بيكي جدا... ودلوقتي ياريت تفضلي معانا شويه وسها هتعرفك نظام شغلنا واختصاصاتك ايه بالظبط... ده طبعا لو معندكيش ارتباطات تانيه النهاردة..
قالت بحماس:
- لا معنديش حاجة تانية..
قام بالضغط على احد الازرار فوق مكتبه فأتت سها على الفور فقال لها:
- مدام هبه هتبقى مديرة مكتبي...وصليها لمكتبها وعرفيها على اختصاصاتها اللى هتبدأ فيها من بكرة..
نظرت سها اليه بإستغراب لم تستطع اخفاؤه لكنها اسرعت تقول : حاضر يا فندم... مبروك يا مدام هبه.. اتفضلي معايا..
قامت هبه معها وهى تقول: متشكرة..
خرجا معا الى المكتب الاخر وجلست سها مع هبه لتعرفها تفاصيل عملها والمطلوب منها...
وبعد عدة ساعات دخلت سها الى مكتب عاصم مرة اخرى وقالت: حضرتك عندك اجتماع كمان ساعة..
رفع عينيه عن شاشة الحاسوب امامه وقال:
- فاكر يا سها... قوليلى اخبار هبه ايه..
قالت سها بتعجُب: الحقيقة يا عاصم بيه حضرتك دايما بتفاجئني.. بس المرة دي المفجأة شديدة..
ضحك عاصم وقال:
- ليه بئا يا ست سها..
قالت بدهشة: ليه..؟ لأن ده منصب مهم جدا يا فندم... ازاى تديه لحد مشتغلش قبل كده ومعندهوش اى خبرة
قال عاصم بابتسامة:
- انا شفت فيها شخصية قوية.. واستعداد كويس.. قولت اديها فرصة.. وادى لنفسي فرصة.. ارتاح من وجع الدماغ بتاعكم.. هى دى اللى هتعلمكم الادب..
ضحكت سها وقالت: تفتكر..
قال بتأكيد: انا ليا نظرة فى الناس..
رفعت سها كفها مؤكده: فى دى بالذات مقدرش اقول حاجة...
قال عاصم: طيب قوليلي.. فهمتيها هتعمل ايه..
اجابت سها: الخطوط العريضة لكل حاجة وبعض التفاصيل الصغيرة..
اومأ برأسه وقال: الباقى هييجي مع الوقت... بس كفايه عليها كده... خليها تروح وتيجي بكرة فى الميعاد الرسمي..
قالت سها باحترام: حاضر يا فندم
..........................................................................

فرصة تانيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن