الفصل السابع

87 8 8
                                    

قاد سيارته دون ان يتفوه بحرف واحد طيله الطريق...
وهى الى جانبه... ترى الضيق على وجهه ولا تدرى ما السبب.... ماذا حدث ليترك الحفل ويذهبا سريعا هكذا... لكنها التزمت الصمت حتى يعودا الى البيت...
ما ان دخلا الى البيت حتى القى مفاتيحه على النضدة امامه بعصبية شديدة..
فسألته بتعجُب من حالته: مالك يا طارق... فى ايه... من وقت ما خرجنا من الحفلة وانت متضايق وطول الطريق ما تكلمتش ولا كلمه.... ايه اللى حصل...؟
نظر اليها وملامحه تنم عن غضب شديد وقال:
- مش عارفه ايه اللى حصل...؟
قالت وهى تحاول فهم مابه: لو اعرف اكيد مش هسألك... ياريت انت تعرفني..
ضغط على أسنانه وهو يقول: مالفتش نظرك حاجه فى الحفلة... ماخدتيش بالك الناس هناك كان شكلها ازاى... وانتى شكلك ازاي..
نظرت لنفسها وقد تضاعف تعجُبها من حديثه:
- ماله شكلى..؟
ازداد غضبه وهو يسألها: انتى مش خرجتى تشترى لبس مناسب لحفلة... ليه مش اشتريتى فستان سواريه... ليه اشتريتى لبس عادي....؟
اتسعت عيناها بدهشة وقالت: ده عادي... ده تايير مناسب لسهرة... صحيح مش سواريه... لكن بردو مينفعش اخرج بيه فى العادى.... وبعدين انا مش متعودة على لبس السواريه... وانت ماقولتش لازم اجيب سواريه... فاشتريت حاجة مناسبة وبس..

علت نبرة صوته وهو يقول: مش لازم اقول.... لازم انتى تبقى عارفه ايه اللى يناسب خروجك فى مكان زى ده...
عشان ميبقاش شكلك غريب عن الموجودين وحد فيهم يحرجك بكلمه ولا حتى بنظرة..
هزت رأسها يمينا ويسارا وهى لا تستوعب سبب غضبه وثورته عليها وقالت: انا ماحسيتش للحظة انى اقل من الموجودين فى الحفلة.... ولا حسيت فى كلامهم او حتى نظراتهم ليا بأى شئ يسببلي الحرج... بالعكس الناس كانوا لطاف جدا..
صاح فى وجهها وقد فقد السيطرة على نفسه:
- محدش يقدر يتعامل معاكى بطريقه وحشه لأنك مرات (طارق صفوان) ... وانتى كمان لازم تعملي حساب لده... وتاخدى بالك من مظهرك اللى هو جزء من مظهرى قدام الناس..
اتسعت عيناها بصدمة وقالت ببطء وصوت مختنق:
- قصدك ايه يا طارق....؟ انى... كنت مصدر احراج ليك..
لجم لسانه... ولم يستطع النطق وقد وعى لحماقة ما تفوه به...
اما هى فنظرت اليه بألم وقالت: انا.... آسفة..

ودخلت غرفتها دون التفوه بحرف اخر.... اما هو فظل واقفا مكانه يحاول استيعاب ما حدث....
انها المرة الاولى التى يحتد عليها ويعنفها هكذا.... طيلة سنوات زواجه منها لم يتشاجرا ابدا... ولم يرتفع صوته عليها بهذا الشكل.... فما الذى حدث....؟
دخل غرفته وقام بتبديل ملابسه... بعد قليل خرجت هى من المرحاض الخاص بغرفة النوم...
كانت قد بدلت ثيابها واخذت حماما دافئا.... كان يبدو على وجهها اثار البكاء...
اتجهت الى التخت وتسطحت عليه دون كلمة واحدة..
اغلقت الضوء بجوارها واولته ظهرها محاولة النوم... فاقترب هو منها وناداها بصوت منخفض: هبه...
اكمل بتلعثم: ما....ماتزعليش منى.... حقك عليا...
هى صامته لا تجيب..
اقترب أكثر ووضع يده عليها فشعر بتجمدها اثر لمسته... يعلم انها حزينه وغاضبه منه... لكنه لن يتركها هكذا...
عانقها من الخلف وضمها بشدة اليه وقال: انا ماقصدش ازعلك... بس انا عارف الناس دى.... اهم حاجة عندهم المظاهر وممكن يضايقوا اى حد يحسوا انه مش زيهم ويعملوا منه مادة للسخرية... خفت عليكي... خفت حد يضايقك..
صامته لا تجيب..
لفها اليه... فوجدها تبكى... مد يده يمسح دموعها وهو يشعر بالضيق مما سببه لها وقال: ليه الدموع طيب.... عشان خاطري... انتى عارفة انى مش بحب اشوف دموعك..
قالت بصوت مختنق: انت شوفتني قبل ما نخرج.... وسألتك رأيك ايه.... قولتلى حلو... ايه اللى حصل لما روحنا هناك..... ليه اللى كان حلو ومناسب بقى فجأة مش مناسب..
اخفض عينيه بخزى...لا يعرف ماذا يقول.. هل يخبرها ان رأى رنا اثر به.. لن يفعل بالطبع.
نظرت اليه بعتاب قائله: انا يا طارق اتسببت لك فى احراج.... وبقلل منك قدام الناس..
احتضن وجهها بين كفيه وقال: حقك عليا يا حبيبتي... والله ما كنت اقصد.... مش عارف ايه اللى حصلى.... يمكن ضغط الشغل الفترة الاخيرة اثر على اعصابي...
ثم اضاف وقد التمعت برأسه فكرة:  ايه رأيك اخد اجازة ونسافر انا وانتى والولاد نغير جو...
قالت بحماس من بين دموعها وقد تناست حزنها منه:
- ياريت يا طارق..
ابتسم وقبل رأسها وقال: خلاص..... بكرة هحاول ارتب الموضوع ده... اضحكى بقى عشان اعرف انام مرتاح انا كمان...
ابتسمت وقالت: انت عارف انى مقدرش ازعل منك.
ضمها اليه وهو يريح رأسها على صدره ويحاول طرد تلك الافكار التى تعبث بعقله وتجعل ذهنه مشتت.... يفكر بأمور لا يجب لمثله التفكير فيها..

فرصة تانيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن