وجودٌ ثمين غالٍ

28 6 13
                                        


اظن قد حان وقتي لإروي جزء من القصة التي ليست بالمميزة
فأنا محض طباخ شهير مختلط الدماء ولا اقصد بمختلط الدماء ساحر وبشري بل نبيلة وخادم،
أحبت أمي والدي وجعلته ماهو عليه اليوم علاقتهما واجهت الكثير من المشاكل التي لن ادخل بتفاصيلها

...
مرضت أمي بالسل الرئوي في مراهقتي فخصصت كل وقتي للاعتناء بها ومساعدتها للعناية بأخوتي
والدي بالكاد كنا نراه بسبب انشغاله بافتتاح مطعمه وتحقيق النجاح
إن الأدوية والسحر والجرعات كانت فقط لتخفيف الاعراض وجعلها تعيش اطول مدة ممكنة
فهناك أمراض حتى السحر لايقدر عليها...

كانت رؤيتها تذبل تدريجياً يقتل روحي،
من كانت تملأ المنزل بحبها وبتغازلهما هي وأبي اصبحا بالكاد يتكلمان
أمي التي لم ارها يوماً تبكي
تنهار باكية في حضني وليس بسبب مرضها بل بسبب والدي الحقير
فبدون قصد أظهر تقززه من بصقها الدماء عليه عندما كانت تضمه
ومهما اعتذر لم تسامحه ظننت أن أمي تبالغ قليلاً فأحيانا من الصعب التحكم بردات الفعل
لكن عندما سمعت حديثها مع خالتي تقول :
" ان نظراته نحوي تغيرت، وأصبح يتقزز حتى أنه طلب النوم بغرف منفصلة لان سعالي يمنعه من النوم " ........

شعرت بغليان دمائي حينها فذهبت للمطعم مباشرة ولمكتبه الفخم حيث كان يجلس ،نظرت إليه والكره يملأني قلت وقد كان صوتي يرتفع تدريجياً:
_ مابالك؟ ماخطبك بحق الاله !!
تتقزز من الدماء؟ يمنعك السعال من النوم؟ هل نسيت أصلك أيها الخادم
هل نسيت ان امثالك ينظفون غوط الحيوانات وينامون على الأرض ؟

نهض نحوي ودون كلمة صفعني صفعة شعرت ان فكي كاد ينخلع بسببها
لكني لم اتزحزح ولم يتغير موقفي
قلت:
_ اكرهك ايها الوحش ،انت تفتك بروحها اكثر من المرض
لا تأتي للمنزل وتزيد من بؤسنا

ركضت خارجاً واشتريت جرعة سحرية باهظة الثمن لعلاج كدمتي فأمي لاينقصها القلق.

وضعت على عاتقي حماية ماتبقى من روحها فإن لم استطع منع المرض فعلى الأقل جعل ماتبقى من حياتها يستحق العيش
لم اهتم لتعبي ولم اظهره يوماً ، وكنت استمتع بدوري
فضحكاتها وابتسامها يمنحاني قوة خاصة لأتحمل فوق قدرتي واخلق الوقت من العدم
لكن فشلت بتحقيق أحد أكبر احلامها وهو اللقاء بالسيدة ماريا وطلب الصلاة لها
فكان الوصول لها شبه مستحيل بسبب الاجراءات الأمنية المشددة ....

وفي النهاية وكما هو متوقع بريقها ظل يبهت حتى اختفى وفارقت الحياة
وبالرغم أني تجهزت نفسياً وبالرغم اني كنت مستعداً
إلا أن حقيقة عدم الرد عند مناداتها ، ألا تبتسم بتعب عندما القي نكاتي 
ألا أشعر بالفتور حتى في أطرافها
دمرني اكثر مماتوقعت
أمسكت يدها النحيلة التي بدأ البرد يتسلل إليها:
_ لقد ارتحتي الآن

نور مصدره أنتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن