مرت أيام على تلك الحادثة ولكنهما لم ينسياها ... فهو كانت تخطر بباله الحادثة كلما رأئها في ذلك الصباح على الحاجز... وهي أصبحت تشعر بالخوف من العساكر أكثر من ذي قبل وأصبحت تتوقع منهم شيئا في كل يوم تمر فيه من ذلك الحاجز...
كان يوم الخميس وكانت تعمل لنصف اليوم وكانت قد إستلمت راتبها منذ أيام ولكن بسبب الأجواء الشتوية والعمل لم تسنح لها الفرصة لكي تنفقه ... ولكن ذلك اليوم كان الجو لابئس به كان غائما ولكنه لم يكن مثلج أو ممطر أو عاصف... كان الجو هادئ ... لذا قررت التوجه الى المدينة لشراء بعض الثياب فقد أصبحت ثيابها مهترة ولا تقي من البرد...
توجهت أولا الى المدرسة وأنهت عملها كالمعتاد... وبعد مغادرة المدرسة كانت الساعة منتصف النهار وكان هذا جيدا لكي تتمكن من التجول براحتها دون إستعجال... إتجهت الى الشارع الذي توجد فيه المحلات كان شارعا هادئا وكان يتكون من محلات معدودة ... وهي كانت تريد شراء الثياب توجهت الى محل الألبسة النسائية الذي كانت تديره فتاة فرنسية جميلة كانت عينيها زرقاوتان وشعرها أصفر وكانت متبرجة وترتدي سروال جينز و معطف قصير .. ومثل هذه الثياب لم تكن تليق بنساء القرى ...
تجاهلتا بعضهما البعض فصاحبة المحل عرفت من ثيابها أنها جزائرية وهي لا تتعاطى مع الفرنسين مهما كان جنسهم فهم الأعداء ولكن للأسف فهو المحل الوحيد الموجود لبيع الألبسة النسائية فلذلك هي مظترة الى تحمل الفتاة الفرنسية... جابت في المحل لمدة ربع ساعة وأخيرا تمكنت من الإختيار ... فقد إختارت بنطلون جينز ومعطف طويل وأيضا فستان طويل ذو أكمام وحذاء يتناسب مع الجميع ...وتوجهت الى الفتاة التي كانت ترمقها بنظرات حادة وكان العداء والكره من كلتاهما واضحا ... ولكن لم تحدث أية مشكلة دفعت المال وغادرت كانت سعيدة بالثياب فهي لا تقتني الثياب الا عند الحاجة الظرورية... كان لازال الوقت مبكرا فالساعة كانت ٢ بعد الظهر لذا قررت أن تمر على المكتبة فقد تذكرت أنها تريد بعض الأوراق والأقلام .... كانت قد قررت أن تستغل اليوم وتشتري كل مستلزماتها حتى لا تظتر الى العودة فهي لا تعرف كيف ستكون الأجواء في الأيام المقبلة... توجهت الى المكتبة ودخلت وكانت تتأملها وإذا بها ترى فتاة فرنسية جميلة أخرى بدل تلك العجوز كانت تشبه العجوز كثيرا تأملتها جيدا تلك العيون الزرقاوتان وذلك الشعر الأصفر القصير وكانت ترتدي فستان قصير يكشف عن ساقيها وكذلك ذراعيها...كانت الثياب غريبة ولكن الفتاة بدت جميلة في ذلك الفستان الأبيض بدت كعروس تتظر عريسها ....
... رددت في نفسها أجميعهن جميلات ويمتلكن عيون زرقاء
تجاهلت الفتاة وإتجهت نحو الكتب لكي تتفحصها لعلها تجد كتابا يعجبها الى جانب تلك الأوراق و الأقلام فهي تحب القراءة كثيرا ... و في تلك اللحظة التي كانت تتأمل الكتب سمعت الباب يفتح ... نظرت بتجاهه فإذا بها ترى ذلك المنظر لم تصدق عينيها وكانت خائفة جدا إنه الظابط صاحب تلك البدلة المخيفة رددت في نفسها ياإلهي ألا يمكن التخلص منهم أبدا ولو لبعض الوقت
بينما هي كانت حزينة وخائفة لرئيته كانت تلك الفتاة الفرنسية عكسها تماما فقد هرعت إليه والبسمة العريضة على وجهها وهي تعرض مساعدته ... ولكنها في الواقع تريد لفت إنتباهه ... هو أيضا إستغرب لرئيت الفتاة بدل العجوز وظن أن العجوز قد ماتت تشكرها على عرض المساعدة وكان لطيفا جدا وهادئ وطلب منها الهاتف و توجهت نحو المكتب لكي تحظره له وكانت تمشي ببطأ وبتمايل لكي تلفته أكثر ... هو إكتفى بالإبتسامة لكونه فهم مرادها كان وظحا أنها فتاة في مقتبل العمر ...عادت بعد لحظات ومع الهاتف تشكرها وهم بطلب الرقم لكي يطمئن على جدته وجده وفي تلك اللحظات كانت الفتاة الفرنسية ترمقه بنظرات الإعجاب وهو أيضا كان يبادلها الإبتسامة في كل مرة يجد عينيها مصوبتان نحوه لم يكن لديه مانع في تلك النظرات و لكن مر وقت طويل على أخر مرة إلتقى فيها بفتاة فرنسية وشرد في الهاتف وخاصة أن لا أحد يرد عليه ...مما زاد من قلقه و تفكيره بأشياء سيئة تراه ماذا حدث لهم لماذا لا أحد يجيب ... وبقي يتصل .... ويتصل ...