فالنتعلم من الحسين -عليه السلام-

144 4 0
                                    


(( تعلم من الحسين"؏" كيف تهتم بالعبادة ))

لعل من أعظم وأروع الدروس الكربلائية
*التي يقدمها لنا الحسين (ع) بسخاء ضمن عطائه الثر المنبثق من ثورته الخالدة ، هو درس الاهتمام بالعبادة والمحافظة عليها .
لقد كان الإمام الحسين(ع) شغوفاً متيماً بحب الله جل وعلا ، وقد دفعه الحب الإلهي والعشق الرباني إلى تعاهد العبادة والمحافظة عليها والاستكثار منها والتقرب بها ...

ومثالاً حياً على حبه للعبادة وشغفه بها وإقباله عليها وانقطاعه إليها.
فقد ذكر المؤرخون أنه في عصر يوم الخميس التاسع من المحرم أراد عمر بن سعد الهجوم على الحسين وأصحابه بقصد الحرب والقتال،فأرسل الحسين(ع) إليه أخاه العباس ليطلب منه تأجيل الحرب إلى اليوم العاشر

قائلاً (ع) :(يا أخي،ارجع إليهم فإن استطعت أن تؤخرهم إلى غدوة لعلنا نصلي لربنا هذه الليلة وندعوه ونستغفره، فهو يعلم أني كنت أحب الصلاة له ، وتلاوة كتابه ، وكثرة الدعاء والاستغفار).




لاحظواأيها الأعزاء ـ

إن الإمام الحسين يطلب من ابن سعد أن يمهله سواد ليلة واحدة ، فلماذا ؟!!! هل كان الحسين خائفاً من الموت ويطمع في
الحياة ؟!! هل ليلة واحدة ستؤثر في عمر الحسين أو ستضيف إليه جديداً ؟!!!!.
 كلا!!!


فإن الإمام الحسين(ع) كان على علم مسبق بأن نهايته هي الموت قتلاً ، وقد صرح بذلك في أكثر من موطن وموطن ، ولم يكن(ع) خائفاً من هذه النهاية بل كان راغباً فيها ساعياً بكل جد نحوها، وهو القائل (ع) :

( والله لا أرى الموت إلا سعادة ، والحياة مع الظالمين إلا برما).
وهو القائل (ع) في اليوم العاشر من المحرم :
( ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين :بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة ،يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون
و حجور طابت وطهرت وأنوف حمية ونفوس أبية ، من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام ... ).



إذن لم تكن المسألة عند أبي عبدالله (ع) مسألة خوف من الموت ، ولم يطلب المهلة سواد ليلة واحدة حباً في الحياة ، وإنما كان ذلك لغاية نبيلة وهدف شريف هو:

الانقطاع إلى الله،والإقبال عليه،والتزود من العبادة ما استطاع.
الله أكبر!!!!!
إنسان تتجمع عليه الصفوف،وتتزاحم عليه الألوف ، وتشهر السيوف في وجه ، ويرى الموت أمام ناظريه محدقاً به من كل مكان ، فلا يكترث بذلك ،ولا يأبه به ، وإنما يكون كل همه اقتناص شيئاً من الوقت ولو ليلة واحدة ليلتقي فيها بمعشوقه الحقيقي ويتفرغ لعبادته!!!!! ،
فيحيي تلك الليلة مع أهل بيته وأصحابه بالصلاة والاستغفار والدعاء والتضرع ، ولهم دوي كدوي النحل ما بين قائم وقاعد وراكع وساجد ، وتالٍ لأجزاء القرآن،ورافع يديه بالمسألة والدعاء في ذلة وانكسار وبكاء، كما وصفهم السيد حيدر الحلي بقوله في رائعته العصماء :
سمة العبيد من الخشوع عليهم
لله إن ضمّتهم الأسحار
وإذا ترجلت الضحى شهدت لهم بيض القواضب انهم أحرار ضع نفسك



قارئي الكريم

مكان الامام الحسين!!! ، تخيل السيوف مشهورة في وجهك ، وشبح الموت يهددك بقبض روحك!!!،تصور السيوف ستقطعك إرباً إرباً!!!،وستجعلك أشلاء موزعة على الأرض ملطخة بالدماء!!!!!!!.

هل ستفكر في تلك الساعة في شيء اسمه العبادة؟!!!!
هل ستقول للموت:
أمهلني قليلاً حتى أصلي لله ركعتين؟!!!!!.
أم أن رهبة الموقف ستنسيك كل شيء ، وتجعلك لا تفكر في أي شيء إلا في إنقاذ نفسك وتخليصها من الموت؟!!!!!.
إنه درس عظيم من دروس كربلاء الدامية في وجوب الاهتمام بالعبادة والحرص عليها .



||اكسير العشق الفاطمي||

لعلك تهتدي؟!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن