نبذة عن تاريخ المآتم والعزاء . .المحاورون : أطلب من سماحة الشيخ البدأ بنبذة عن تاريخ المأتم الحسيني من أوله إلى هذا اليوم. ومن أين نشأ العزاء وكيف تطور؟ . سماحة الشيخ المهتدي البحراني :
حماسة عاشوراء أعظم حركة نهضوية مأساوية في التاريخ البشري، وهي النبع الزلال والنقي الفعال الذي يلهم الأجيال حاكمية الله والعبودية له سبحانه وماتتفرع عنها من قيم الخير والعدل والرحمة والسعادة.. وذلك إنما نظراً إلى قائدها الإمام الحسين سبط نبي الأمة وسيد شباب أهل الجنة عليه السلام.. . . 🔶أول من بدأ المأتم والعزاء بعد واقعة يوم عاشوراء كان الإمام السجاد وعمته السيدة زينب وأيتام الحسين في عصر يوم العاشر عند جسد الحسين والشهداء وكانت الخيول ورجال البيت الأموي يرهبونهم ويرضون جسد الحسين بن بنت رسول الله وأجساد أنصاره الشهداء ورؤوسهم مرفوعة على الرماح أمام الثكلى واليتامى. . 🔶ثم كان المأتم والعزاء في الكوفة.. وذلك لما أدخلوا السبايا فخطبت السيدة زينب وأختها السيدة أم كلثوم في الناس المتجمهرين في الطرقات، وضجوا من فاجعة صورتها السيدتان ابنتا علي وفاطمة فزلزلتا العرش الأموي وزادتها بخطبتها الصاعقة في مجلس بن زياد الطاغية. . 🔶واستمرت قافلة السبايا تنحو الحسين الشهيد المظلوم المذبوح عطشاناً حتى دخلت الشام وقلبت الطاولة على رأس الحكم الطاغي يزيد بن معاوية، فبعد الخطبة التي اضطر أن يوافق عليها قام الإمام زين العابدين وصعد الأعواد ولم ينزل إلا بعد فضح آل أبي سفيان. فكاد يخسر المجرمون المزيد المزيد، فلعب يزيد لعبة جديدة وهي السماح لسبايا أهل البيت عليهم السلام بإقامة مأتم العزاء في خربة الشام لثلاثة أيام، تغطية على جريمته ملقياً مسؤوليتها على واليه في الكوفة عبيد الله بن زياد.
. 🔶وبعد الفضيحة والهزيمة وفي محاولة للتستر عليها وافق يزيد بن معاوية على عودة القافلة إلى مدينة جدها رسول الله صلى الله عليه و آله ، فاختارت الذهاب إلى كربلاء أولاً لزيارة الحسين عليه السلام ، ولما وصلت القافلة في يوم الأربعين (٢٠ صفر) والتقت هناك مع الصحابي الجليل جابر بن عبدالله الأنصاري الذي كان قادماً أيضاً لزيارة قبر الحسين عليه السلام بمساعدة تلميذه وخادمه، وكان في أواخر أيام حياته ضريراً وهو يتجشم عناء أول سفر على المجهول إلى رمضاء كربلاء رغم المخاطر والتحديات، فكان بذلك قد وضع الحجر الأساس لسنة الزيارة وشد الرحال ومواجهة الصعاب في سبيل نصرة الحسين عبر إحياء الشعائر. فاجتمعوا هناك وقرؤوا مأتم عزاء وقاموا بنوح وبكاء.. وهو ما لايخلو من حركة الضرب باليد على الرأس والصدر كما هي عادة العرب والطبيعة البشرية حين المصيبة. . 🔶ثم خرجت القافلة متجهة إلى المدينة المنورة، فما أن دخلتها حتى ضج أهلها بالبكاء وزلزلت الأرض من شدة النحيب على الحسين عليه السلام وشاركت النساء في المأتم وفي مقدمتهن السيدة أم سلمة زوجة النبي الأعظم والسيدة أم البنين زوجة أمير المؤمنين. وأخذ مظاهر التنديد بجريمة يزيد بن معاوية تتسع في الناس.. . 🔶وانتشر خبر استشهاد الإمام الحسين عليه السلام في بلاد المسلمين فأخذ كل مجموعة وبطريقتها العفوية تبرز حزنها وتألمها واستنكارها للجريمة النكراء، وهكذا بدأت المآتم تتشكل وتتوسع تدريجياً. وخاصة في أيام محرم حيث كانت ذكرى الواقعة الفجيعة، وكذلك في الأيام التي كان المسلمون يأتون إلى كربلاء، ويمكن القول أن المآتم الحسينية انتظمت بعد ذلك من بداية القرن الثالث الهجري. . .
المصدر: كتاب لماذا التطبير للشيخ المهتدي البحراني بتصرف
||سيد علي||
اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
