-١٥-

20K 709 129
                                    

كان يوسف طول الطريق للشقة يغلي ويفور من الغضب، ضغط على دواسة البنزين لتزداد سرعة السيارة بشكل جنوني. لم يرى امامه لا طريق ولا ناس كل ما يرى امامه الان سلسلة من المشاهد حول قتل رفل حتى تلفظ اخر أنفاسها.

كان عقله يصور له مشاهد لخياناتها، يتصور انها خانته ألاف المرات، استغفلته لتنام بحضن زوجها السابق بينما هو المغفل تركها واثقاً.

بينما صوت المنطق يهمس له ' أنك الملام، طلقتها بالغصب وتزوجتها بالإكراه، ماذا كنت تتوقع ولاء تام وإخلاص لا شائبة به، كان عليك ان تدرك يا يوسف ان هذا أمر لا مفر منه، إنها غلطتك والان ستجعل الفتاة تدفع ثمنها عنك'

لكن هذا الهمس الخافت لم يبرد شيء من النار المتأججة التي تعتمل في صدره ولا صوت ازيزها الذي يطن في إذنه.

ضغط يوسف على مكابح السيارة بقوة فأصدر توقفها صوت عالي مزعج ينذر بكارثة قريبة. ترجل من السيارة وبخطوات قوية سريعة صعد لشقته.

كان الوقت تقريباً منتصف النهار و رفل لديها عطلة أسبوع و نصف قبل الامتحانات النهائية لذلك، كانت جالسه تتسامر مع سعاد في المطبخ وهي تعد الغداء عندما دخل يوسف و سحنته مسودة من الغضب و هناك عرق بارز في منتصف جبينه ينبض بشدة، جفلت المرأتان لرؤية الوجه المرعب و كتمتا انفاسهما بترقب لم يدم طويلاً فهي لحظة عندما تحرك يوسف خطوتين تكاد ان تكون وثبتين ليمسك رفل من شعرها و يجرها.

من حرارة الموقف صرخت سعاد التي بقت جامدة دون حركة وهي تنظر للفتاة التي تساق خارج المطبخ تتلوى بين يدي زوجها من شدة الوجع.

يوصف الغضب على انه وحش اخضر شرير ذو عين واحدة لكن في هذه اللحظة غضب يوسف لم يكن له عيون ولا عقل ولا أي شيء، ما يجب ان يوصف به، انه نار مستعرة تأكل كل شيء امامها وما يقف في طريقها.

عند الغضب يفقد الانسان كل تعقله لذلك يوسف لم يتصرف كانسان بل كان كحيوان يجر فريسته ليأكل لحمها و ينهش عظامها. جرها ناحية غرفتهما دون هدف وإدراك، هناك راح ينهل عليها بالضرب و الصفع و هو ينطق بغضب بعض الكلمات التي لم تفهم رفل منها شيء ، أكتفت ان تلملم نفسها على نفسها و تتكور لتحمي ما تقدر على حمايته من جسدها.

عندما خفُتَ صوت صراخها عاد عقل يوسف للعمل، لان الغريزة أنبئته ان أي ضربة أخرى ستسلب حياتها.

ابتعد وهو يكور قبضتيه، ساحقاً اسنانه على بعض ومطلقاً شخير عالي من انفه. ثم نظر لجثمانها الساكن دون حركة لولا انينها لقال ان الجسد الذي امامه بلا روح.

جثى امامها بنوع من العصبية المشبعة بالندم، فمنظرها دل على شدة قسوته. لكن الوقت الان ليس وقت ندم. امسكها من شعرها مرة اخرى لكن برفق اكثر من المرة الاولى حتى رفع راسها لتقابله، كان وجهها متورم و خدها تكونت عليه كدمة سريعة حمراء تتدرج للون القرمزي القاني و انفها و فمها يسيل منهم الدم و هناك قطع على شفتها و تورم كبير تحت عينها اليسرى. بدت بحالة مزرية جداً
لم يهتم يوسف الان بحالتها بل الاهم ان تركز معه لان عيناها لم تكن ثابتتان و مقلتيها تدوران بتشتت ما جعله يمسك فكها لتنظر له بتركيز و قال

الظالًِم حيث تعيش القصص. اكتشف الآن