-٣١-

8.5K 268 73
                                    

مضت شهور و الاستقرار يسود حياتها، كان للعمل و سد الفراغ ما يجعل المرء يواصل مسيره في هذه الحياة، ومع اشتداد عود أبنتها أصبحت أكثر انشغالا فلا تجد وقت فائض للتفكير بما مضى، كان  هذا التغيير يلحظ في تصرفاتها و انعكاس واضح في تعاملها مع يوسف، بتلقائية اخذت دور الزوجة و الام و الكنة في منزلهما وفسحة تنفسها عندما تأخذ دور المعلم خارج اسوار بيتها.

ذات يوم كانت تقف لمراقبة الطالبات اثناء ادائهم الامتحان فاتتها نوبة دوار قوية بالكاد استطاعت امساك نفسها عن السقوط ارضاً و انسحبت الدماء من وجهها فأصبحت شاحبة و شفاهها مبيضة، سارعت زميلتها لإسنادها و هي تسألها ان كانت بخير، لم تقوى على الرد فقد جاءتها نوبات متتابعة جعلت راسها يترنح، فما كان لزميلتها من سبيل الا اخراجها و استبدالها بمراقبة اخرى.

جعلتها تجلس في غرفة المعلمات الفارغة و تأكدت انها بخير و تستطيع البقاء بمفردها حتى انتهاء الامتحان، وكانت مضطرة لتركها و قد وعدتها ان ترسل المديرة اليها ما تنتهي جولتها حول بقية الصفوف.
لم تتأخر المديرة عنها طويلاً و اتت لتطمئن عن حالها وسألتها بقلق وهي ترى الشحوب مكتسي وجهها: هل أنت بخير؟ هل ترغبين ان تذهبي للمشفى ؟

اجابتها رفل بصوت ضئيل: لا حاجة، ربما لأني لم استطع تناول الافطار هذا اليوم قد جعلني اصاب بالدوار!

هزت المديرة رأسها: لابد انه انخفاض في الضغط، سأطلب من العاملة ان تحضر لكِ شيء تأكليه.

رغم انها لا تشعر بأي رغبة للأكل لكن لم تستطع الاعتراض عل هذا الدوار يفارقها، وما ان احضرت لها العاملة الطعام لم تستطع اجبر نفسها الا على اكل بسكويت مملح.

جاءت صديقاتها فور انقضاء الامتحان و تحلقن حولها بقلق ثم قالت أمل بنبهة و بصوت حاد فرح : لا بد أنك حامل ؟

اطبقت رفل فمها معترضة تنفي الامر ثم قالت بعد تطلع النسوة نحوها: لا مجال لذلك، استخدم المانع على الدوام، انه هبوط في الضغط لا غير.

-أرجو أنك حقاً بخير، فالأيام الماضية ايضا كنت نوعا ما شاحبة و قليلة النشاط.

اكملت أمل التأكيد على شكوكها بإصرار:  ها قد قلتيها فهي شاحبة لا طاقة لها على الحركة و انخفاض الضغط كلها مؤشرات الحمل، منذ متى اتك الحيض؟

قابلتها رفل بنفس الاصرار: اخبرتك اني اخذت الحيطة كما ان حيضي غير معتاد، احيانا يتأخر موعده اسبوع او اسبوعان.

ولم تشأ للحظة ترك نفسها فرصة واحدة للتفكير بهذا الاحتمال و امام انزعاجها الواضح من الفكرة تركن صديقاتها الحديث عن الامر و اخذن يتكلمن مع رؤية عن مشكلتها و هن يقمن بتصحيح دفاتر الطالبات.
كانت رفل تدهش مثل كل مرة عندما تستمع لرؤية و كم تعتز بقوتها.

الظالًِم حيث تعيش القصص. اكتشف الآن