-٣٢-

8K 275 89
                                    

استفاقت رفل من غيبوبة دامت اكثر من يوم، لم تعي شيء اولا، نظرت بوهن لمحيطها و شعرت بوخز في جميع انحاء جسدها بالإضافة الى تنميل قدميها، وجدت امها جالسة على يسارها منحنية تكفكف دموعها، اطلقت آنه طويلة في محاولة لتحريك يدها، تنبهت الام و نهضت مسرعة تلقفت يد رفل لتعيدها لمكانها و قالت بصوت طاعن الكبر: لا تتحركي يا حبيبتي!!

ثم مسحت شعر ابنتها برفق وأكملت : هل أنت بخير، بماذا تشعرين؟

انزلقت دمعة سريعة تبعها المزيد من الدموع الحارة بللت الوسادة التي تنام عليها، نظرت لأمها كما ينظر الطفل اليتيم، لم تستطع التكلم او الحركة، دموعها و عيونها من شكت الظلم الذي حل بها، بادلتها امها بدموع سخية متأسية.

كلما مرت الدقائق واخذت تصحو اكثر تعاظم عليها الالم و تحولت دموع الحزن لدموع اوجاع، عصرت عينيها بقوة واخذت تشير لامها بانها تتألم، سارعت المرة لنادى اقرب ممرضة رأتها امامها، اخبرتها باستيقاظ ابنتها و توجعها، وصلت الممرضة للغرفة واخذت تقرأ تقرير حالتها وبعدها اعطتها مهدئ فعادت من جديد لتنام، واستمر حالها هكذا لثلاث ايام لم يأتي خلالها احد ليطمئن عليها من عائلة يوسف.

كان الاخر لا يزال في قوقعته يفكر و يقرر و يريد الخلاصة لكن لا جواب يأتيه، أكثر ما استفز كيانها كان ضحكتها و استهزائها به امام رجل اخر، كلما يتذكر كيف تسخر من رغبته بها يزداد حقده نحوها ثم يعود ليفكر انها بالفعل صعبة المنال، خلال سنتين من زواجه بها لم يرى منها اي تصرف مشين، كان يعرف كم تخشاه و يعرف كم حاولت تفادي الوقوع بأي زلة تثير غضبه، اذا كيف و ماذا حدث، من يصدق انور الذي يبدو من صوته انه مشمئز و كاره لرفل و كأنها حقا تتحرش بها ام يصدق رفل و الاتهامات التي ذكرتها، لكن عقله يأبى ان يشك ولو لوهلة بمريم، انه يعرف معدنها و يعرف نوعها من النساء.

هل كان غيابه فترات طويلة عن المنزل ما يمنعه من رؤية الوجه الثاني لهم، من يصدق؟

ليوم كامل انفرد بنفسه حتى اتته امه، توسلت ان يأكل و يخرج يطمئن على انور، ماذا سيقولون الناس ان علموا بهذه الفضيحة.

زجرته بقوة: لم اعهدك جباناً تضع رأسك بين ساقيك، ابن عمتك في السجن والشرطة تنتظر ان تصحو رفل، اذا تكلمت بحرف عن الذي حدث ماذا سيحدث لسمعتك و سمعة عائلتنا. اطمس السر يا أمي و لنحل الامر بيننا.

سأل امه بصوت واهن ضعيف : هل لديك علم بالأمر، هل كل ما ذكرته عمتي صحيح ؟

جلست امه بجانبه تربت على كفيه و اجابت بصدق لا مواربة فيه: الفتاة انت من جئت بها و تعرف عنها أكثر من اي شخص بيننا، لكن الحق يقال منذ ان دخلت البيت حتى يوم الامس لم ارى منها اي تصرف مشين، قد تختلف في لبساها و تصرفاتها احيانا لكنها كانت منعزلة لم تتدخل يوما بأي شخص منا، لكن البارحة اخبرتني مريم انها رأت رفل تخرج من غرفة عمتك و في اعقابها انور ولم يوضح الاثنين ماذا حدث بينهما او يفسرا خلوتهما. الا ان الفيديو اظهر ما كان خلف الابواب المؤصدة. لكن يا بني علينا ان نعرف ما اصل المشكلة، فالطرفين يدعون خلاف الظاهر.

الظالًِم حيث تعيش القصص. اكتشف الآن