-٣٦-

8.4K 285 55
                                    


دخلت رفل القاعة و المحامي على يمينها يطمئنها و يشدد عليها ان لا تتخاذل او ان تتراجع، اي علامة ضعف تبديها سوف يتم استغلالها، كعادة المحامين نصحها بالحيلة و الكذب ان اضطرت او حشرت في الزاوية، وان تم استجوابها او سؤالها فعليها ان تذكر التفاصيل بشكل مبالغ و درامي حزين، وللحق رفل لم تكن بحاجة ان تبالغ او تكذب فما تعرضت له من اضطهاد و ظلم كان كافي لجعلها المنتصرة في هذه المعركة.

كانت صديقتها رؤية حاضرة تشجعها و امها تقوي عزمها و لم يكلف احد من اقاربها نفسه بالتواجد، نظرت اولا لمكان القاضي، كان كبير في السن ذو شعر ابيض و عيون مترهلة مجعدة وذو سحنة كئيبة صامتة، خافت رفل منه او بالأحرى شعرت بالرهبة من مكانته. ثم نظرت ليوسف و الرجل القصير الذي يرافقه، تضايقت من نظراته المرتاحة، لم يبدو انه في محكمة او ان القضية مرفوع عليه، بدا كأنه واثق من الفوز.

قدم المحاميان بعض من نسخ التقارير التي بحوزتهما للقاضي  ثم تراجعا ليعلن القاضي عن بدأ الجلسة، شعرت رفل برجفة تهز اوصالها عندما تكلم القاضي يعلن عن بدأ المحاكمة: تم رفع قضية حضانة ضد السيد يوسف عبدالله الطائي من قبل السيدة رفل محمد الراجحي للحصول على حقها في رعاية الطفلة جنى، تحت ادعاء ان المدعى عليه طلقها غيابي  و أنه لم يمنحها الحق برؤية ابنتها منذ تاريخ الطلاق حتى هذا اليوم، هل هذه الادعاءات صحيحة؟

نظر القاضي باتجاه محامي يوسف وهو يسأله عن صحة الذي ذكر.

كأي محامي ماهر لم يجب جوابا صريحا بل ادلى بجملة من الاتهامات تحيد عن السؤال: سيدة القاضي، ان السيدة ليس لها حق بالمطالبة بحاضنة الطفلة، كانت قد تركتها بملء ارادتها واردة عائلتها، فهم لم يرغبوا بتربية طفلة موكلي مدعين ان مرجعها في الاخير لأبيها.

اعترض محامي رفل بصوت وقور ينفي ما ذكر:  لا صحة في قولك، موكلتي تعرضت لتعنيف قوي و تم طردها من منزلها و حرمانها من ابنتها، سيادة القاضي امامك تقرير الطبيب مفصلا عما تعرضت له موكلتي من عنف، لقد اجهضت جنينها و كسرت عدة ضلوع مع رضوض لا تعد و لا تحصى فضلا عن حالتها النفسية التي تأزمت بعد حرمانها من الطفلة. يا سيادة القاضي التقارير خير شاهد ان موكلتي ارغمت على ترك ابنتها دون ارادة.

نظر القاضي في النسخة التي قدمت له من التقارير و تفحصها جيدا ثم نظر للمحامي يوسف موسى: التقارير شاملة و الاذى كبير!!!

قال موسى مدافعاً: يا سيادة القاضي السيد يوسف له اسبابه كأي رجل قد يغضب اتجاه زوجته، قد حرص موكلي على عدم ذكر الموضوع علانية لأنه يمس شرف السيدة وعرضها و هي لا تزال ام ابنته، لكن بعد هذا التقرير نحن مضطرين لتوضيح الامر.

تقدم موسى من القاضي وهو يريه المقطع الذي تم تصويره لرفل لكن هذه المرة قد تم اقتطاعه و تشذيبه اكثر ليدينها، كأن قرب انور منها في المقطع و خلوتهما كافية لتبرير عنف يوسف، تراجع موسى ثم أكمل: ان السيد يوسف رجل غيور كأي رجل شرقي، ان يرى هذا الفيديو مع اتهام ان السيدة تتودد لأبن عمته كانت ضربه لا تحتمل لكرامته.

الظالًِم حيث تعيش القصص. اكتشف الآن