-١٩-

11.6K 319 71
                                    

هل ستمر هذه الليلة بشكل هادئ؟، لم يكن هذا شيء تتوقعه رفل التي جلست الخمسة عشر دقيقة بدون حراك فقط اهدابها تتحرك بدون وعي لتنبذ شتى الصور التي تتدفق في ذهنها، امر هذه العائلة جعلها تحتار و تتعجب، كيف تم استقبالها بلامبالاة او اهتمام و الامر الذي جعلها تستغرب، هل هذا امر اعتيادي بالنسبة لهم، ان يحضر ابنهم امرأة و يقول انها زوجتي و ماذا عن مريم تلك؟ هل هي بكامل قواها العقلية كيف لها ان تبدي كل هذا الهدوء و ان تجلس بصمت و كأنه ليس زوجها الذي خانها مع انثى اخرى، لم يكن هناك صراخ او بكاء او حتى ان تعتكف في غرفتها و ترفض الامر، و لوهلة فكرت ان يوسف ايضا يقابلها بنفس الوحشية و ربما مريم سعيدة بزواجه.

لا تعرف  رفل ان يوسف لم يرفع يده يوماً على مريم و حتى ان اخبرها لن تصدقه، لذلك فكرة ان مريم عاشت معاناة تشبهها خففت القليل من الم كبرياءها.

سمعت طرقة على باب و كانت ميسم الاخت الكبرى بين بنات صفية تدعوها للعشاء، كانت في وقت سابق اخبرت يوسف انها ستحتاج عشر دقائق للترتيب نفسها.
نظرت ميسم ببعض السخرية لرفل مدعية بسؤالها بعض الفلق: هل أنت بخير؟ يبدو ان هذا يؤلم، هل كان حادث ام تعرضتِ للضرب ؟

لم يفت خبث سؤالها على رفل التي اجابت بحدة : امر لا يعنيك و لا داع للشفقة الكاذبة وفريها لغيري.

ارتبكت ميسم لنظرات رفل الحادة و العارفة لذلك تمتمت اعتذار بخجل مصطنع و اسرعت بخطواتها، تصورت ميسم ان رفل نسخة اخرى من مريم، مسالمة لحد الخنوع و طيبة لدرجة الغباء لكن اتضح لها ان يوسف تزوج النقيض لمريم.

على مائدة العشاء جلس يوسف على رأس الطاولة و بجانبه الايمن امه و عمته صفية و بهاء وانور  و الجانب الايسر كان هناك كرسيان فارغان و بجورهم جلست ميسم و روان ويبدو ان الاخت الصغرى امتنعت عن الحضور لسبب ما. اشار يوسف لرفل ان تجلس على الكرسي الفارغ الثاني واصبح قبالتها عمته صفية.

ادار يوسف رأسه لامه متسائلاً: اين مريم لما لم تحضر بعد؟

حاول ان يشير لروان ان تستدعيها لكن امه امسكت رسغه بأحكام وهي تمنعه قائلة : انها متوعكة قليلة و اخبرتها ان ترتاح و يبدو انها تعاني من غثيان و لا قدرة لها على الاكل.

نظرت له محذرة ان يصر على احضارها فهو لا يعلم ما تمر به مريم حاليا، رغم محاولتها لتشجيع نفسها و تزويدها بالقوة الا انها لم تستطع ان تخطو خطوة واحدة خارجة الغرفة و لم تستطع ايقاف دموعها عن الانهمار، لذلك بضغطة اخرى على رسغه تشير له ان لا يجبر المسكينة ان تتحمل اكثر من طاقتها. تركت يده بعد ان اومئ راضخا لطلبها و بامتعاض ترك الموضوع.
لم يكن حال رفل افضل من حال مريم المنكسرة، جلوسها تحت انظار الجميع جعلت امعائها تتلوى و اعصابها تتشنج لكنها تماسكت لن يفيد شيء انكسارها امامهم ، ارغمت نفسها على الاكل و الاجابة بأدب على اسئلة العمة صفية التي كانت ثرثارة العائلة و أكثر شخص فضولي بينهم، دأبت تسأل عن دراستها، والديها و عمرها و عدد افراد عائلتها و كل الاسئلة التي لا معنى لها وهكذا تمت وجبة العشاء على خير دون ان تنتبه لاحدهم. لكن لم يفت عنها ان هذا التجمع كان رسمي و ليس اعتيادي للعائلة، لم يبدو اي احد مرتاح بهذا الجلسة حتى يوسف نفسه، الكل كان متضايقا لسبب او اخر.

الظالًِم حيث تعيش القصص. اكتشف الآن