.
.
يزفر الأنفاس بحرقه .. يبلع العبرات بصعوبه حتى ينفجّر الحزن في صوته
" أخذني الطمع يم دروبن يابوتس هذي آخرتها .. هذاني قاعدن خسرانن دنيتي وآخرتي .. وبيجيني وقتن بنسى فعولي وحسرتي وبنساتس يابوتس .. وأسمعيني زين يانوق .. أسمعيني وتسان وصلتس الحق أرفعي راستس .. أرفعيه وخليتس مثل ماكنتي قبل .. أنا عارفن أن ماكسرتس غيرتتس واجد .. "
أنخفض صوته فجأه من خنقه قبضة من الندم تعصر حنجرته بلا رحمه .. فيما هي ظلت واقفه تنازع العبرات .. كيف أدرك أنكسارها بعد ما أنتهى الأمر .. والوجع ضرب عروقه في أرضها .. كيف يتكلّم أبوها والعمر مر .. والسنين الطويله أخذت منها الكثير .. أخذته هو .. أخذته تاركه له صوت وأشياء من ندم ومرض ووحده .. تحس لو أن رماد قدر صوته يرميه بوجها .. تحسه يغطي عيونها .. يسد حلقها .. ترتجف بقوة وصوته مايهبط إلا على مواجعها مباشره .. مواجع تنتفض في ذاكرتها ملتهبه ويملاها العفن حتى ظنت أن ماعاد فيه أمل تتشافى هالجروح أو تنساها .. أو حتى تتجاوزها .. وتعيش باقي العمر دون ماتخدشها ذكرى أو حسرة .. !
" تعرفين أنه في ذيك الأيام الغابره .. المسوّده .. أبوي قام وعطى أخواني أراضيهم وتجاهلني .. تجاهل حقي حسيت بالقهر وأبليس وزني أكثر ونفسي الأماره بالسوء غرها هالمال ولقيت من يساندني في فكري .. نوره هاللي وكدت لي أن حقي مهدور وفيه من بياكله ولايترك لي من الورث شي.. ويومن المشاكل كثرت والأمور تداخلت في بعض .. جيتيني أنتي معتس أوراقن تثبت أن هالأرض لجدتس وأن مالي حق فيها .. سوّدت الدنيا بعيني وسوّل لي الشيطان أنتس واقفتن مع زوجتس وأبوه عشان حقي ماياصلني .. إلا شفت أنتس معهم كلهم .. وعلمّت نوره باللي صار يومن شبّت النار بصدري من سواتتس .. ومالقيتها إلا جايبه لي صك الأرض مع أوراقن ثانيه .. أخذتها من زوجة منصور .. وأمنتني ما أقول لأحد .. وإن تسان بتصير مشاكل تراهم مافيهم خير إن ماعطونا حقوقنا .. كنت أبحث عن حقي وحق نوره وإن تسان ماتدخلت بالأمر .. ويومني أظهرت الأوراق لزوجتس ولهم .. تسان أقرب لهم أنتي بالظنون .. ثم صار ماصار وطردتس مطلقتس .. "
صمت .. ثواني مرت بطيئه .. ثقيله على أنفاسهم .. عيون عواد ظلت متسعه على جهاز كان كل مهمته .. يفجّر هالحقيقه .. يجاهد يبتلع الهوا لعلها تطفي حراره نار ثارت في صدره من ماوصل لمسامعه .. فيما عبدالعزيز جامد في مكانه وعلى ملامحه تتمدد الفاجعه .. تختنق الأنفاس .. صد جلوي بغمامة حزن لاحت في نظرة عيونه وهو يتأمل الباب .. كان هو وأبوه أخف شخصين أرتمت قبالهم الحقيقه بكامل شكلها وإن أدركوا نصفها البشع .. تجّرعوا المراره قبل الجميع ... يسمع صوت شهقاتها وبكاها .. وصوت عمه وكأنه يقتلعه من قاع الندم .. يحرره ..يفك قيود هالأسى من أفكاره .. ولو أن مخالب هالوجع راحت بكل حقد تمرر أظافيرها على صدور الجميع .. إلي كانوا في ذهول مفجع من مايسمعون !
" وسكت لجل مايروح حقي وأخسر الأرض ولني معطين العهود للحريم .. ولد عمتس إيه أغلط .. لكنه أجودي .. ماتركتتس .. رجع يمي يترجاني أشوفتس .. لحقني حتى للقصيم .. أنحنى يبوس أيديني .. وتعرضت له أنا بسلاحي طارده .. طردته وأبعدته عنتس مهدده لو قرّب لي ماهوب معيّن خير .. وتسان واصلني من نوره إن أمه ماتبيتتس ولا تبينا كلنا .. وهي تدوّر له عروسن تجيب لولده الضنا المحروم منه .. والحقد والمشاكل تذكرها أمتس مابينهن غيره حريم ومناقرن على أتفه الأسباب وأنتم مابعد جيتوا على هالدنيا !"
تنطق فضيه وكأن صوتها مخطوف .. تحاول تجر الأنفاس لصدرها
" أعوذ بالله .. أعوذ بالله "
تنطقها بصوت متسارع ..لا زالت بحضنها شيما و بجنبها أم عبد الله .. هالأم إلي كان الأمر عليها أشبه بصهر قلبها .. ذبحه .. متجاوز .. حدود الوجع .. عيونها إلي تلتف حولها التجاعيد .. متسعه .. متسعه وكأنها راح تتحرك من مكانها .. متجه صوب باب المجلس ... تهوي الحقيقه على صدرها بحمول كان لها القدره تسحق تحملها .. ترمي نوق كتفها على الجدار وهي تنتفض بقوة .. أيديها تهتز من عظم هالعبرات إلي تتفجّر من شفاتها .. تهبط على الأرض جالسه من حست برجولها ماعاد لها القدره تشيل حمل جسدها ..