هدُوءٌ تامٌ يُسيطرُ علىٰ الأجواءِ لكِن للأسفِ.. لمْ يكُنْ هدُوءً مُريحًا بل العَكس، كانَ هدُوءً مُزعِجًا و مُتعِبًا للأعصابِ.
فكانُوا بالفعلِ يجلسُونَ أمامَ غُرفةِ العملِياتِ بتوتُرٍ و قلَقٍ شدِيدين لمُدةٍ ليسَتْ بقَصيرةٍ،
و كُلّما فُتِحَ البابُ لتخرُجَ مُمرضةٌ أو عاملةٌ و يظهرُ صوتُ صُراخ تِلك المِسكينةُ تنقبضُ قلُوبُهم برُعبٍ؛ خائِفُون عليهَا كثِيرًا مِن أيِّ مكرُوهٍ قَدْ يُصيبُها.
المُزعِجُ أنَّ المُمرِضاتَ اللائِي يخرُجنَ و يدخُلنَ بإِستِمرارٍ يرفُضنَ التحدُثَ بل لا يعطينَ فُرصةً لهُ؛ و هذَا ما كانَ يُزيدُ قلقَهُم.
كانَ هو يجلِسُ في رُكنٍ بعيدٍ عَنْ الآخرَينِ و يهزُّ ساقَهُ بتوتُرٍ، لا يعلمُ لمَ شعرَ بالخوفِ و القلَقِ عليهَا بينَما الأمرُ حرفيًا لا يعنيهُ،
شعرَ و كأنَّ المحجُوزةَ بالغُرفةِ أختُه أو حتىٰ حبيبتُه، و رُغمًا عَنْ ذلِك هو كانَ يُحاوِلُ بشتَىٰ الطرُقِ أنْ يُهدِّأَ مِن روعِه.
نظرَ للجالِسينِ علىٰ بُعدِ مسافةٍ ليسَتْ بطوِيلةٍ و ليسَتْ بقصيرةٍ، وجدَهُما يُحرِّكا سِيقانَهُما بتوتُرٍ مِثلهُ و يضرِبَا كفُوفَهُما ببعضِهما، ولّدَ هذَا توتُرَه مُجددًا فأبعدَ ناظِريهِ عَنهِما بسُرعةٍ..
بعدَ مُدةٍ أُخرىٰ قصِيرةٍ خرجتْ إحدىٰ المُمرّضاتِ بينَما تحمِلُ شيئًا صغِيرًا مُغطّىٰ بينَ يديهَا فلمْ تتمالَكْ أندريا نفسَها و كذلِك ليام، لذَا هُما نهضَا سريعًا و توجّها ناحِيتها.
"طمئِنينِي أرجُوكِ، هل هي بخَيرٍ؟" أوقفَ ليام المُمرّضةَ بنفاذٍ صَبرٍ و سألهَا.
"إلهِي، أنظُرْ يا ليام، أنَّهُ طِفلُ ليا!!" قالتْ أندريا بسعَادةٍ و حاولتْ أنْ تسحبَهُ مِن بينَ أيدِي المُمرّضةِ لكِنها منعَتْها فعقدتْ ليا حاجِبيهَا بإِمتعاضٍ.
"آسِفةٌ لا يُمكِنُني إعطاءكِ إياهُ يجبُ أنْ آخذَهُ للحضّانةِ الآن." أعتذرتْ المُمرّضةُ فتأففتْ أندريا و عقدتْ ذِراعيهَا أسفلَ صدرِها كالأطفالِ.
"أرجُوكِ أجِبِي علىٰ سُؤالِي!" توّسلَ ليام فنظرتْ لهُ المُمرّضةُ و قالتْ: "الطبيبُ سيخرُجُ الآن، المعذِرةُ.."
كانتْ تتهرّبُ مِنهُما لأنَّها تعلمُ أنَّ ليا ليستْ بخيرٍ و لمْ تُرِدْ أنْ تُقلِقَهُا أكثرَ مِن ذلِك، لا تعلمُ أنَّها هكذَا أقلقتْهُا أكثر..
جلستْ أندريا مُجددًا بقِلّةِ حيلةٍ لكِن ليام لمْ يفعلْ، ظلَّ يتحرّكُ ذهابًا و إيابًا بينَما الآخرُ لمْ يتحرّكْ أبدًا مِن مكانِه و بقىٰ يُراقِبُ بصمتٍ حتىٰ خرجَ الطبيبُ مِن الغُرفةِ بجبينٍ مُتعرّقٍ بينَما ينزعُ النظّارةَ عَنْ وجهِه.
أنت تقرأ
انــتِــقَــام
Fanfiction[highest rank #1] #مُكتمِلة "أنا أغبىٰ شخص بهذا العالم اللعين." قالَ مُطأطأً رأسهُ بألمٍ و ندم. "أنتَ لم تُذنبْ! هي كانتْ تعلمُ تمامَ العلمِ أنَّكَ صديقُ زوجها." صمتَ قليلًا، "إنَّها مُجرمة!" ثُم أكملَ بـغيظ. "إذًا ماذا عليَّ أن أفعلَ؟!" صرخَ مُزمج...