•الفصل الواحد و العشرون•

1K 76 20
                                    

- وجهة نظر الراوية -

"أتعلمُ شيئًا؟ أصبحَ لديَّ صديقةً جديدةً، إنّها أندريا، بالإضافةِ إلىٰ ليام طبعًا. أنا حدّثتُكَ عَنْه مُسبقًا، و كأنَّ الربَ أرادَ أنْ يُعوِّضَني بفُقدانِكَ."

تحدّثَتْ ليا بسعادةٍ و كأنَّهُ يجلسُ أمامها بالفعلِ، و كأنَّهُ ليسَ تحت التُرابِ الآن..

"أنا مُمتنةٌ لِهذا بالطبعِ، لَكِنْ أنتَ تعلمُ، لنْ يَمتلِئَ الفَراغَ الذي خَلَّفَتهُ أنت، لنْ يحصُلَ أحدًا علىٰ مكانتِكَ بداخلِ قلبي.."
قدْ انكسرَ صوتَها في جُملتِها الأخيرةِ؛ مِما جعلَها تذرفُ بعضَ الدُمُوعِ بِصَمتٍ.

"لمْ أحصُلْ علىٰ الفُرصةِ التي تجعلُني أشرحُ لَكَ أيَ شئٍ، أنا لمْ أُخبِرْكَ بألّا تكرهُني، أنا حتىٰ لمْ أُوّدعْكَ! رحيلُكَ كانَ قاسيًا للغايةِ هاري."

أجهَشَتْ بالبُكاءِ مُجددًا ثُمَ دَفَنَتْ وجهَها بَينَ كفّيها، أعني كيفَ لها ألّا تفعلُ بينما هي تجلسُ أمامَ قبرِه؟ كيفَ لها ألّا تنهارُ باكيةً بعدما تذكَرَتْ كُلَ الأحداثِ و الذكرياتِ، الحُلوةِ و المُرةِ..

أنتُمُ تَفهمون ليا بشكلٍ خاطِئ..

"أنا قُلتُها كثيرًا مُنذُ أتيتُ إلىٰ هُنا، أُقسِمُ بأنني لمْ أخُونْكَ هاري. أنا أعلمُ، أخطأتُ عِندما حَاولتُ مُعالجةَ الخطأ بخطأ أكبر مِنهُ، أنتَ كُنتَ تعلمُ بأنني فُضوليةٌ جدًا، ليس إلّا.."

صَمَتَتْ قليلًا بعدما تحدّثَتْ؛ تُحاولُ استِجماعَ كُلّ ما كانَتْ تُريدُ قولَه.

"حَاولتُ تحذيرَكَ مِن أبي.. بكُلِّ الطُرقِ المُمكِنةِ، أنتَ كُنتَ تعلمُ أنَّه أنانيًا و مُتسلطًا؛ لِمَ لمْ تأخُذْ حَذَرك؟" قالَتْ بإنفعالٍ، و بَعد لحظاتٍ أدركَتْ أنَّها تُحدّثُ روحًا لتبتسمُ بألمٍ ساخرةً..

"أنا لستُ هُنا أيضًا لأُعَاتِبَكَ. أنا.. أنا فقطَ.. لا أتحملُ فِراقَكَ هاري، هذا صعبٌ للغايةِ، صعبٌ أكثر مِما تتصورُ، صعبٌ أكثر مِن تصوُّراتِكَ التي أوحَتْ لَكَ بأنني خائنةٌ!"

صَرَخَتْ بالجُملةِ الأخيرةِ صرخةً عاليةً دَوَتْ في المكانِ بأكملِه،
هذا مُتوقعٌ بِما أنَّها وحدها.. بمكانٍ للمقابرِ فقط.

"زين، 'زوجي' غالبًا ما يُعاملُني بطريقةٍ سيئةٍ؛ ظنًّا مِنه أنني السببُ فعلًا في مَوتِكَ، لكنّي حقًا أعذُرُه.." سَخَرَتْ في بدايةِ حديثِها عندما نَطَقَتْ بـ 'زوجي' .

بعدَ ذَلِكَ ظَلَّتْ تتحدثُ كَفاقدي الصَوابِ، تطلُبُ عَفوَه، تُخبِرُهُ كَمْ أشتاقَتْ لَه، تُخبِرُهُ أنَّها ليسَتْ بخائنةٍ، حدّثَتْهُ عنْ كُلِ أُمورِ حياتها التي جَرَتْ بَعدَ مَوتِه؛ تعلمُ أنَّه يسمعُها جيدًا، لكنه فقط لا يستطيعُ الردَ،

و أخيرًا بعدما خَارَتْ قُواها وَضعَتْ رأسَها علىٰ قَبرِه و بَقَتْ تبكي هكذا بحُرقةٍ، حتىٰ أنَّها لمْ تشعُرْ بأنَّه مَرَّ أكثر مِن ساعتين.
-
في النهايةِ وَقَفَتْ عِند المَخرَجِ بِصُعُوبةٍ، قَبلَ رَحيلِها نَظَرَتْ نظرةً أخيرةً مُطولةً لِقَبرِه، لازالَتْ انتحاباتِها الخافِتة مُستَمِرةً.

 انــتِــقَــامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن