الفصل الحادى عشر

4.2K 113 22
                                    


الفصل الحادى  عشر
جلست سما صامته لا تجيب بعد ان استمعت منه الى كل هذا الحديث  الذى كان لم تعلق و لو بكلمه واحده على كل ما سمعته منه و ان شعرت بالمشاعر  التى تطغى على قلبها  من قسوه الالم و الظلم  لقد اعتادت على ذلك خلال سنوات حياتها و لكن الذى لم تتوقعه ان يكون  هذا الظلم من اقرب الناس اليها من أحبائها الذين ضحت من اجلهم بالغالى و النفيس و جزء كبير من كرامتها و حياتها أهذه هى النهايه و من مجرد كلمات ربما كانت من اقرب الناس اليهم و مصدر ثقتهم امهم   و لكن الم يشفع لها تاريخها الطويل معهم و ما قامت به لهم  ام ان الحقيقه انقلبت عليها  كالعاده و لم يعدهناك عدل  فى هذه الدنيا ظلت صامته فى صدمه و هى تهز راسها و كانها فى عالم اخر شارده عن كل ما  حولها  لتسال ادهم بعدها  فى صوت بارد جاف  جاهدت كى تجده 
- و انت عرفت كل  الكلام اللى حكيته و قلته ليا دا و بالتفاصيل  دى كلها منين بالضبط  يا ادهم 
صمت و هو يتفرس فى وجهها بضيق فقد أصبحت  الان تشك فى الجميع دون استثناء حتى هو و انهم على علاقه ببعضهم البعض  يتواصل معها و يتآمرون عليها و لكن أليس لها حق فى هذا الظن فهو يلتمس لها بعض العذر بعد كل ما حدث وواجهته ليجيب
- انا ماكنتش باتكلم و لا باتفق معاها يا سما و اذا كُنتُى فاكره انى ممكن اعمل كده فيكى تبقى غلطانه و عشان كده  مكنتش عايز اقولك كل التفاصيل دى او افتح معاكى الموضوع اصلاً و لا تتدخلى فيه لانى عارف ان ده هايكون رد فعلك انا مَش بالومك لان عندك حق
- طيب عرفت منين افهم ؟
- لارا هى اللى حكت ليا كل اللى حصل و بالتفصيل بعد ما قعدت معاهم  جوه  لوحدنا و شديت عليهم شويه  و كمان طلبوا منى انهم
- انهم ايه كمل يا ادهم انا سامعه
- سما انا مَش عارف اقولك ايه بس هما حابين انهم يروحوا يعيشوا مع امهم لفتره و حاسين اننا بنبعدهم عنها
- تقصد ان انا اللى كنت بالعمل ده مَش كده  ؟
- سما ارجوكى متاخديش الموضوع بحساسية  انا بأعرف اتصرف مع ولادى يا سما و عارف اُسلوب هايدى كويس و بأعرف اتعامل معاها  لكن انتى عندك حسن ظن بالدنيا و الناس
- دول ولادى يا ادهم و انا اللى ربيت و كبرت انا مَش عارفه ايه اللى حصل بالضبط و لا هى قالت لهم ايه عنى و عنك و عنها و لا قدرت تقنعهم انى وحشه ازاى كده  او تخليهم  يتغيروا و يسيئوا لنفسهم و لبيتهم  او حابين انهم يبعدوا وًكمان  بتستخدمهم فى أغراضها الدنيئه انا حتى مشً قادره استوعب ان فيه ام بتعمل فى ولادها كده اصلاً بس هاقول ايه هى دى هايدى و هى دى شخصيتها و لاول مره بلاقى نفسى باكره حد و نفسى اخد حقى منه  انا عمرى ما عرفت الحقد و  الكره يا ادهم حتى فى اصعب  الظروف و  دا بيخلينى ازعل من نفسى اكثرًمن اى حد ثانى ليرد فى سخريه
- انتى طيبه اوى يا سما و الدنيا مَش كده  اصلاً كُنتُى متوقعه ايه يعنى مَش  فاهم ؟
- عندك حق انا مَش طيبه  انت تقصد تقول ساذجة و انت عندك حق فى كل  حاجه   لكن خلاص انا عرفت و أمنت ان عندك حق يمكن انا اللى كنت  غلط و بأفكر بطريقه مَش واقعيه وباخلى قلبى و مشاعرى هما اللى يتحكموا   فيا و عشان كده  انا اللى لازم اتغير مَش حد ثانى
- تقصدى ايه يا سما مَش فاهم ؟
- ماقصدش حاجه كل اللى  اقصده انى لازم اسمع كلامك و اصدق انه خلاص لازم ابعد عنهم  شويه لانهم عايزين كده حتى لو كان قلبى رافض ده
- سما انا ....
- انا مَش هاضايق و لا اعاتبك زى زمان يا ادهم خلاص انا عقلت و فهمت نظر لها متعجباً من جمودها وثقتها  فى الحديث التى أقلقته  فليست تلك هى القلب الطيب الذى كلن  يسامح و يغفر اين هى الدموع التى كانت تغرق وجهها حزنا و ألماً حتى لو لم تخطىء لقد تغيرت فى تلك اللحظه كثيراً لم تعد هى بل اخرى  لا يعرفها و لا يمكنه التكهن بأفعالها  قطعت هى أفكاره حينما سالته فى برود لا يتناسب مع الامر
- و انت قررت تعمل ايه معاهم يا ادهم ؟
- طيب و بتسالى ليه  يا سما مش قلتى ان المرضوع معدش مهم بالنسبه ليكى
- ايوه معاك بس  دى حياتى انا كمان و حياه ولادى و انا بس حابه افهم قررت تعمل ايه ؟
نظر انا فى هدوء و هو بجيب بتردد و قلق
- ولا حاجه انا رغم كل اللى عملته و باعمله الولاد كبروا خلاص و معدش لينا سلطه عليهم زى الاول  مَش هاقدر انى أجبرهم  على حاجه هما مَش حابينها  لتجيبه فى سخريه مريره
-  تقصد انهم يقعدوا معايا هنا مَش كده ؟
- سما ارجوكى احنا قلنا ايه  متاخديش الموضوع بحساسية و
لتجيبه فى مراره
- انا لا ابداً اطمن و اعملوا اللى تحبوه طبعا هما حابين انهم يروحوا يعيشوا عند امهم و النهارده قبل بكره مَش كده نظر اليها فى صدمه و هو لا يجيب
- طبعا هتسالنى  عرفت منين لان ده الطبيعى بعد كل اللى حصل و اللى هى كانت  بتحارب عشان توصل له و مع الاسف نجحت بس ماشى  مفيش مشكله بالنسبه ليا اذا كانوا حابين انهم يعيشوا مع امهم انا مَش هامانع و لا اقف فى طريقهم يعملوا اللى هما عايزينه و كمان ارجوك يا ادهم مترفضش نظر اليها فى حيره  فهو بالفعل لا يعرف تلك التى تجلس امامه و لا يفهمها ليجيب
- لا يا سما انا اللى مَش  موافق  المره دى  عارفه ليه لان هو ده اللى هى خططت له و سعت له من البدايه و اذا وافقت فانتى اللى  بتبعدى الأب عن ولاده و بتتخلصى منهم لتجيب  هى
- و اذا رفضت فانا زوجه الأب  الشريره اللى  بتبعد اولاد عن امهم وهى المظلومه اللى بتحاول و تحارب عشانهم و عشان وجودهم جنبها و فى حياتها  لا يا ادهم انا حابه انك توافق و تسيبهم يجربوا بنفسهم و يبعدوا  
- انتى بتقولى ايه لتجيب و هى تحبس دموعها
- ايوه هما هيرجعوا لازم هيرجعوا ثانى ليا و لحضنى بس لازم يعملوا ده من نفسهم و من غير اى اجبار واذا محصلش فانا مَش عايزه الحب ده الحب بيقوى مَش بيضعف و اذا كان حبى ليهم ضعف فانا مَش عايزه الحب ده خلاص
- انتى اللى بتقولى كده يا سما بعد كل ده و كل  اللى عملتيه قبل كده
- انا تعبت من الحرب و مَش هاحاول فى معركه عارفه انها خسرانه
- يعنى ده قرارك
- ايوه  خليهم يروحوا يعيشوا معاها لفتره  لو حابين اديهم الحريه و لو حبوا انهم يفضلوا هنا انا برضه مَش هامنعهم   زى ما  انت قلت انا من النهارده و من اللحظه دى  انا مرات ابوهم و ام أخواتهم  و بس
- سما انتى متاكده  من اللى بتقوليه ده و لا دا مجرد رد فعل  للى سمعتيه و هاترجعى تندمى عليه ثانى
- لا يا ادهم انا حابه انى ادى نفسى و اديهم فرصه عشان اعرف حبى ليهم و سنين عمرى و تضحيتى اللى  كانت دى  هترجعهم ليا و  لا لا
- طيب و حمزه ؟
- ماله ؟
- هو رافض اى علاقه بهايدى و مَش حابب انه يروح معاهم ولا حتى يكلمها و مَش هاقدر انى اجبره انه
- ادهم انا بقولك اديهم الحريه و القرار مَش باقول  أبعدهم و لو حمزه حابب انه يفضّل هنا معايا خلاص دا قراره و هو ابنى
- سما انا
- انا تعبانه و حابه انى ارتاح شويه مالك يمكن يصحى و  هايسهرنى طول الليل جنبه لتتركه و هو ينظر اليها فى حيره و لا يجد ما يقول ....
- انت بتقول ايه يا مازن
- زى ما بقولك كده يا ماما بابا امبارح قعد معانا انا ولارا و اتكلمنا فى كل حاجه و طلبنا منه اننا  نعيش معاكى انتى هو غضب ورفض فى الاول و ثار شويه بس رجع بعد ساعتين و قالنا نعمل اللى احنا عايزينه و نحضر شنطنا لانه هيوصلنا  عندك النهارده و كمان أدانا الموبايلات بتاعتنا عشان يكلمنا و يطمن علينا علطول شرطه الوحيد كان اننا نذاكر و نحقق نفس المستوى الدراسى والا هيرجع فى اتفاقنا معاه علطول
ظلت تستمع له فى قلق و هى تفكر كفأر وقع فى مصيده  لقد خيبت هى كل  توقعاتها لم تتناقش معهم او تثور  و لم تواجه او تحارب  من اجلهم  بل بالعكس من الواضح انها من أقنعته بما يقول و يفعل الان لكسب تعاطفهم و ودهم مره اخرى
- ماما انتى معايا
- ايوه  يا حبيبى بس كنت بأفكر
- فى ايه بالضبط؟ 
- فى الشيطانه اللى عندك دى انت عارف انتو عملتوا ايه يا مازن انتو حققتوا لها اللى هى عايزاه بالضبط ليصمت و هو لا يفهم ما تقول
- يعنى ايه مَش فاهم يا ماما ؟
- انا مَش قلت لك يا مازن و مَش كن دلوقت من زمان  انها عايزه تبعدكم عن أبوكم و تفضل هى و اولادها  بس معاه لوحدهم جالك كلامى دلوقت  و انت حققت لها كل  اللى هى عايزاه و اكثر  فى لحظه و بمنتهى البساطه
- طيب كُنتُى عايزانى اعمل ايه يعنى ما احنا اتفقنا مع بعض على كل حاجه و من البدايه و انتى اللى قولتيلى ابعد
- ايوه بس انت ماخدتش. رايى فى موضوع انكم تعيشوا معايا ده
- هو انتى مَش حابه اننا نكون معاكى و جنبك يا ماما و خصوصاً فى الظروف دى انا باخاف عليكى و انتى لوحدك و تعبانه  و بعدين مكنش بنفع اننا نفضل معاها بعد كل اللى حصل 
- احنا  محسبناش الموضوع كويس و هى كده و  صلت للى هى عايزاه و بمنتهى البساطه احنا قدمنا لها ابوك و كل اللى معاه على طبق من فضه
- مَش مهم يا ماما انا مَش عايز منهم حاجه اصلاً و لا حابب انى افكر فيهم  ثانى خلاص كفايه كده انا عايز ابقى معاكى و  جنبك و فى حضنك زى زمان و مَش هاسيبك ابدا اما اذا كان عنهم يعملوا اللى هما  عايزينه انا معدش يهمنى خلاص
صمتت و هى تفكر فى مكر لقد خسرت تلك الجوله و لكن الحرب معها لم تنتهى و ربما تستطيع الحصول على بعض المكاسب من وجودهم الى جوارها
- مانا انتى بتروحى فين ؟
- ابدا يا حبيبى دا انا كنت بأفكر هانظم وجودكم معايا ازاى انت عارف ان البيت صغير و مفيش فيه الا اوضتين
ليرد فى رضا و قد ظهر  ذلك من نبرات صوته
- ولا يهمك يا ماما مَش مهم  المهم اننا هنكون سوا ادى لارا الاوضه و انا مَش مشكله ممكن انام على الكنبه فى الصاله حتى
- يعنى تبقى ولاد ادهم و هو عنده الخير دا كله و تحرمكم هى منه
- ماما  احنا قلنا ايه  لترد فى ضعف مصطنع
- هو انا قلت حاجه يا ابنى بس غصب عنى مَش عشانى عشانكم انتو  انا من حبى  فيكم عايزه اشوفكم مستريحين و احسن ولاد فى الدنيا بس مَش بايدى
- ولا يهمك يا ماما كفايه اننا هانكون مع بعض
- خلاص انا هاستناكم النهارده يا حبيبى
- مع السلامه اشوفك على خير
كانت تتابع ما بحدث من بعيد و قلبهايحترق فليس من السهل ان تراهم يحزمون امتعتهم و يستعدون للذهاب من المنزل و يتركونها  هل من الممكن ان تتخلى عن قطعه من قلبك و جزء من حياتك  بسهوله  منذ الليله لن تستطيع انت تراهم او تطمئن عليهم  و لكن ما لم تتوقعه و احرق  قلبها هى تلك الفرحه التى تلمع فى عيونهم لذهابهم  و ابعادهمًعنهاًهل حقا اخطات هل ذهبت السنوات السابقه سدى وذهب حبها و عشقها لهم ادراج الرياح الم يشعروا نحوها وًلوًبالقليل  انها  كانت كمن  تحرث أرضا فى بحر متلاطم الامواج ليأتى بثورته ليعصف بكل ما كانت تجاهد من اجله مسحت دمعه متمرده من عينيها و هى تقسم  ان تكون الاخيره لا لن افعل لن يرى احد ضعفها و احتياجها الى ضمهم لن تتوسل اليهم البقاء و عدم الذهاب لن تفعل لقد وعدت نفسها ان تكون قويه و ان لا تفعل و لكن ما بال قلبها الخائن يحاول ان يخضعها الى ما تكره كان الوحيد الذى يلاحظ عذابها و تطلعها لهم رغم تظاهرها بالبرود و اللامباله هو  حمزه و الذى كان  يراقبها  و   يتطلع اليها فى صمت و يرى دموعها التى تحاول ان تخفيها خلف قناع التجاهل و البرود كان يعلم و بحس بعطائها و مشاعرها فقد أعطاه الله قلبا من ذهب و عوضه  به عن  كل ما عانى و يعانى فى حياته منذ الصغر لقد ادرك رغم صغر سنه بقلبه النقى و فطرته السليمه كل ما كانت هى تخفيه او يخفيه غيرها و كانه  يرى  مالا يراه غيره من خبايا النفوس و يعلمها و كانه يقرا بكتاب مفتوح  كان يشفق على اخوته من مصيرهم الذى اختاروه  بأنفسهم و لكن  ما الذى يملك لهم الا النصيحه و التى لم يتقبلها أياً  منهم منه  بل و سخروا حتى منه
- خلاص قررتم تمشوا
كان مازن  يغلق حقيبته و لارا تجلس فى صمت و هى تنظر لهم بنظرات حائره
- ايوه انا خلاص وضبت حاجتىً و كلمت بابا و هو هيبعت لنا السواق عشان يوصلنا بعد ساعه ليقول حمزه محتداً
- انا كنت متخيل انك هتتراجع بعد كل اللى اتكلمنا فيه و انتى يا لارا مَش هتشتاقى  لنا و لاخواتك  و للبيت ده   مَش هتوحشك ماما خلاص كل حاجه اتنست  دلوقت  سما نظرت لهم  للحظه و كانها لا تعلم بما تجيب لتنفجر فى البكاء بحزن و تكاد ان تذهب و تتركهم ليجيب مازن فى حزم
- استنى هنا يا لارا حمزه انت حر اذا كنت عايز تفضل هنا و فضلت مرات  بابا على انك تكون جنب امك و أخواتك فدا قرارك و انت حر و مَش هناقشك  فيه  لكن انك تحاول انك تضايق لارا او تاثر عليها ثانى مَش  هاسمحلك  بده ابداً
ليجيبه حمزه فى ضيق و هو يقف على قدميه بصعوبه  ليواجهه
- اسمع يا مازن لانى مَش هاقولها لك ثانى امى هنا و اخواتى كمان و اذا كنت انت اخويا فهما كمان زيك بالضبط ولا نسيت   لم يتقبل منه هذا المنطق الحاسم و لم يجد ما يرد به عليه  فكاد ان يفتك به ليغطى  على موقفه الذى يظنه صائباً لتقف لارا بينهما و تنظر الى حمزه فى حب و تقول بعينان تلمعان بالدموع
- حمزه ربنا يعلم انا زعلانه اد ايه و كمان انا عمرى ما هانساك و لا هانسى اننا اخوات و لا ايامى اللى قضتها هنا و كمان انا مَش باكره سما انا لسه بحبها و ليا ذكريات كثير اوى حلوه معاها و مش ممكن  أنساها كفايه انها عمرها ما قسيت عليا او ضايقتنى و كمان هى ام اخواتى بس كمان مَش هاقدر انى اسيب امى يا حمزه و لا أنساها
ليجيبها حمزه فى مراره
- طيب ما هى قدرت و نسيتك سنين طويله و جايه تفتكر دلوقت ان ليها اولاد انا امى هى سما اللى ربت و تعبت هى سما اللى استحملت معايا دموعى و المى هى سما  و مَش هايكون  حد ثانى غيرها يا لارا مهما كان انا اللى بينى و بينها صله الرحم و بس و حتى ده انا مَش قادر عليه دلوقت لما بأفتكر المى و دموعى  و انها سابتنى و هربت سنين طويله من غير حتى ما  تسأل عليا
- انت مَش فاهم اى حاجه ماما مظلومه و سما  دى ضحكت علينا كلنا  و كل ده كان عشان تاخد حق مَش حقها
محدش يعرف مين بيضحك على مين يا مازن  هم ان يتهور مره اخرى لولا ان أمسكت  لارا بيده تمنعه عن أخيه و هى تنظر له فى عتاب
  مازن مهما كان حمزه هيفضل  اخونا  الصغير  و مهما بعدنا  او اختلفنا هنفضل برضه اخوات و مَش هاسمح لحد فيكم انه يقف لآخوه 
- ما انتى شايفه هو بيقول ايه  عن امه  و بيعمل ايه خلانى اخرج عن شعورى  ليرد حمزه فى غضب
- انا برضه و لا انت
لتقاطعهم هى و الدموع تلمع فى عينيها
- كفايه بقى انت و هو   دى اخر مره  لينا مع بعض  هنا و الله اعلم هنتقابل ثانى امتى مَش هنفضل نتخانق  مع بعض فيها مازن صفى قلبك لأخوك و أعذره و انت يا حمزه حاول انك تنسى و تسامح عشان  تقدر تكمل حياتك انا هاروح اجيب شنطتى و انت يا مازن حصلنى لان السواق  زمانه  جاى ليسألها حمزه فى غضب
-  استنى هنا انتى و هو طيب و سما مَش هتسلموا  عليها قبل ما تمشوا و لا خلاص ليتوقف الاثنين و كل منهما ينظر الى الاخر فى تردد  ليرد حمزه 
- ايه هو انا قلت حاجه غلط مَش دى أمكم اللى  ربتكم و تعبت معاكم سنين ودا بيتها اللى عشتم فيه عمر بحاله خلاص هتمشوا كده من غير ما حتى تقولوا لها كلمه  ولا حتى هتسلموا. على أخواتكم  ليرد مازن فى غضب و ثوره
- حمزه انا ماسك نفسى بالعافيه و لولا كلام لارا كنت
- ايه كنت هاتعمل ايه اكثر من اللى عملته  او بتعمله و بعدين انا مَش باتكلم غلط و انت عارف و متاكد من ده و لا ايه يا لارا  لتصمت و هى لا تجد ما تجيب به فقد كانت تعلم انه على حق و لكنها ردت و هى تمسك بذراعه و تقول فى حزن
- مَش هينفع يا حمزه مَش عشان انا مَش عايزه اشوفها او أكلمها بالعكس انا قلت لك انى بحبها   بس مَش هاقدر أواجهها و لا اقولها حاجه دلوقت مَش هاستحمل  صدقنى 
- تقومًى تسيبيها  كده و تهربى 
- طيب هاقولها ايه  
- تقولى لها شكرًا على تعبك على ايامك اللى فاتت على عمرك اللى قضتيه و ضيعتيه  معانا و لينا تقوليلها شكرًا انك كُنتُى معايا و جنبى فى اصعب أوقات حياتى تقولي لها هتوحشينى تقوليلها بحبك و مَش هانساكى مهما بعدت عنك
ليقاطعه مازن
-    انت مفيش فايده من الكلام  معاك اصلا لارا انا هاستنى بره خلصى وحصلينى  خرج لتخرج هى و لتدخل الى حجرتها و تحمل  حقيبتها و تخرج الى الصاله كان حمزه  يتبعهم ليفاجىء الثلاثه بوقوفها هى و نور و مالك ينتظرونهم امام الباب صدم الثلاثه بوجودها و انتظارها لهم كانت تمنع دموعها و تحاول ان تتماسك و هى تقف بمواجهتهم لتسالهم بصوت حاولت ان تجعله قوياً متماسكاً و لكنه خرج ينم عن حزنها و ضعفها تجاههم
-   خلاص يا ولاد ماشيين طيب انا و أخواتكم حبينا اننا نسلم عليكم
لم يستطع مازن الاجابه كان يرغب فى تجاهلها و لكن قلبه لم يستطع ان يتجاهل وجودها الان أمامهم و ما تفعله لقد احس بالحب النابض لهم بين ضلوعها و ان أراد ان ينكره او ينفيه بينما انفجرت لارا باكيه فى صمت و كانها أجابت بدموعها عن ما تعجز عن قوله الان لتتقدم هى و تحتضنها فى صمت و تعطيهم مالك بينما وقفت نور بجوارها صامته تنظر اليهم و كانها  خشت ان تتقدم  ظلت محتفظه للارا بين أحضانها للحظات و  عيناها تلمع بالدموع  لتتركها فى النهايه ثم تتقدم ناحيه مازن و تقول
- كبرت يا مازن و مبقتش عارفه اخدك فى حضنى  خفض عينيه الى الارض لا يستطيع مواجهتها رغم كل ما كان يقوله منذ قليل و كيف يفعل و هناك ما يمنعه و يخبره انه مخطىء بشأنها و انه اساء التصرف و لكنه لن يستطيع التراجع الان   قاطع الصمت  المحيط بهم رنين الهاتف كان  السائق يخبرهم بوصوله و انه بالانتظار 
تماسك وحمل حقيبته و هو يتجه الى الباب و هو يتظاهر بالقوه و الشجاعه و يطلب من شقيقته ان تتبعه لتنادى عليهم  فيتوقف كلاهما و قد عجزا عن التقدم   لتتقدم هى و تقول
-كنت عايزه اقولكم حاجه اخيره لازم تعرفوها و تتاكدوا منها منها كويس اوى مهما حصل   البيت ده بيتكم و بيت أبوكم و أخواتكم  و انا لتعض على شفتيها فى قهر و قد عجزت عن الاستمرار فى الكلام لتخفض راسها كى لا يروا لمعه عينيها من الدموع لتكمل
- حتى لو اخترتم انكم تبعدوا لازم تعرفوا انكم مهما بعدتم  هيفضل لكم مكان هنا معاهم و معايا  و انتم عارفين ده و متاكدين منه كويس اوى  ثم تدير وجهها و هى تتظاهر بالقوه و تقول  
- اشوف وشكم بخير لينظر الاثنين لها للحظه ثم الى بعضهما البعض هل يرغبا فى التراجع ام هل فات الاوان ولكن مازن استجمع قوته المتبقيه ليقول
- يلا يا لارا اتاخرنا و السواق بقاله مده مستنى   لتنظر له للحظه و كانها ترغب فى الكلام ثم تخفض راسها و تتبعه   فى صمت و ندم   خرج الاثنين و اغلقا الباب خلفهما لتظل هى تنظر للحظه الى الباب المغلق ثم تبوح عينيها بما فى قلبها لتنفجر فى البكاء  بحرقه  و هى تعطى ظهرها للباب المغلق و تجلس خلفه و قد عجزت ساقيها عن حملها ليقترب   منها حمزه و يضمها اليه و هو يسال  نفسه كيف عجز اخوته عن ان يروا الحب الذى تحمله فى قلبها اليهم ام ان الغضب و الحقد و الكلام  المسموم  الذى غزا قلوبهم  لم يجعل فيه اى مكان للحب
كم مضى يوم يومين لم ياتى الامر بجديد عليها كان حمزه يواسيها و يخبرها بانهم عائدون ولكنها لم تعد تتمسك بالامل او تمنى نفسها بالامانى كان ادهم كعادته مشغولاً عنها و عن كل ما يجرى بينما اهتمت هى بأولادها و حمزه و كانها شعرت بالذنب من إهمالهم قليلا و أقسمت  ان تكون اما أفضل لهم .
  ترك غياب  مازن و لارا فراغاً كبيرا كانت تمضيه فى الكتابه نعم فقد عادت تفرغ كل مشاعرها و أحزانها على الورق لتخرج أفضل ما أبدعته منذ سنوات و لكنه ظل حبيس اوراقها لا يرى النور فقد أبعدت نفسها منذ فتره طويله عن المجال الادبى و حتى أصدقائها  و أحبابها شغلتهم الحياه عنها او شغلتها عنهم فلم تعد تتواصل معهم كثيراً و انًما اكتفت بالحديث لهم فى المناسبات المختلفه لم تجد الشجاعه ان تطلب ان تعود فظلت فى مكانها  تنتظر ما يمكن ان يحدث لتمضى ايام العمر بها لتنقض  ايام ثم  أسابيع  لتواجه ما غير حياتها كلها و الى الأبد
كانت تجلس فى المنزل كعادتها و قد عادت للتو مع حمزه من جلسته المرهقه  ليدخل هو حجرته و لتنهى اعمال المنزل و متطلبات الاولاد لتجلس فى صمت و سكون للحظات فقد اصبح لديها و قتا لذلك مع غياب ادهم  المستمر  عن المنزل  لتغمض عينيها للحظه و قد بدات تشعر بالنعاس.
ليرن هاتفها فتنظر اليه بلا اهتمام و من الذى سيتصل عليها ربما كان ادهم و لكنه لم يعتد الاتصال بها ربما رغب ان يسال عن حمزه لتنظر الى الهاتف لم يكن هو من يتصل بها و انما كانت هدى صديقه  الطفوله و الشباب ابتسمت و هى تجيب فهى لم تسمع صوتها او تحدثت اليها منذ مده و قد شغلت الحياه كل منهما عن الاخرى بعد ان كانا لا يفترقا و خصوصا بعد ابتعاد سما عن المجله و استمرار هدى بالعمل  مع حسامً
- هدى حبيبتى ازيك وحشتينى لتفاجا بصوت اخرى   لا تعرفها تجيب عليها
- اسفه انى بتكلم حضرتك بدون سابق معرفه  بس رقم حضرتك متسجل على التليفون ده شعرت برجفه بأوصالها لا تعرف لها سبباً  فهى لا  تفهم او تستوعب ما يقال 
- مين معايا  مين حضرتك
- انا ... ممرضه بمستشفى الطوارى   و صاحبه التليفون ده و عيلتها وصلوا هنا الصبح فى حادثه عربيه على الطريق
لتصرخ   و قد انتفضت قائمه من مكانها فى فزع
- ايه انتى بتقولى ايه هدى عملت حادثه ؟
- ايوه  العربيه  اتقلبت بيهم هى و جوزها و اولادها كل اللى اعرفه ان سواق نقل خبطهم وهرب  احنا حاولنا ندور فى متعلقاتهم الشخصيه عن اى معارف او قرايب  للاسف تليفون الزوج اتكسر فى الحادثه بس لقينا تليفون مدام هدى معاها  فى شنطتها و الحمد لله مفيش عليه حمايه  ممكن حضرتك تساعدينا لم تكن تستمع لها كانت دموعها تتساقط فى خوف  لتسالها بصوت اقرب الى الصراخ 
- طيب ممكن تطمنينى هى عامله ايه و جوزها و الولاد ؟ لتجيب الاخرى فىًتردد
انا مَش المفروض انى ادى معلومات من خلال التليفون حضرتك لتقاطعها متوسله
ارجوكى  لتصمت قليلا ثم تجيب
- جوزها حالته خطره جداً  و فى العمليات و هى عندها ضلعين مكسورين و رجلها بس هى طبعا فاقده الوعى
- طيب و الاولاد؟  سالتها فى لهفه و حزن
لا الولاد الحمد لله  الحادثه كانت بسيطه بالنسبه لهم   لان الخبطه كانت  فى الجزء الامامى من  العربيه يعنى عند  السواق و اللى جنبه  اما الاولاد فعندهم مجرد  جروح و كدمات بسيطه بس طبعا هما فى حاله رعب و عياط و عشان كده انا كنت بأحاول أتواصل مع حد من اهلهم او معارفهم هو حضرتك تقربى لها  ايه لترد فى المً
- انا صاحبتها و اكثر من اختها
- طيب ممكن حضرتك توصلينى   لحد من اَهلها  او اهل الزوج 
- مع الاسف هدى معندهاش  حد  و اهل جوزها انا معرفهمش بس اللى اعرفه ان معندوش اخوات و والده ووالدته اتوفوا من مده
- طيب و بعدين  مدام هدى يمكن تفضل فاقده الوعى لفتره و الولاد   انا مَش عارفه  ... لتقاطعها سما
- متقلقيش انا هاكون عندك فى اقرب وقت  و هاتصرف 
- حضرتك متاكده يعنى محاولش  مع حد ثانى  و بعدين فيه مصاريف و فواتير للمستشفى لازم تندفع و
- انا مسافه السكه و هاكون عندكً ارجوكى خدى بالك بس من  الاولاد لحد ما أوصل
- طيب يا مدام شكرًا لحضرتك و انا اسفه للإزعاج
اغلقت الخط لتنهار من البكاء ى هى تتصل على  زوجها فى حزن لم يجيب عليها لفتره كالعاده  لتظل  تهاتفه ليحدثها بعد اكثر من  نصف ساعه
- سما فيه  ايه خير  انا كنت عامل التليفون سايلنت و لقيت كل المكالمات دى مش عوايدك  حد من الولاد جراله حاجه  لتجيبه باكيه
- ادهم الحقنى   ارجوك سيب اللى فى ايدك و تعالى حالاً
- طيب افهم  فيه ايه بس لتقص عليه كل ما دار فى المكالمه ليصمت و لا يجيب
- ادهم انت رحت فين ليرد عليها
- طيب يا سما انا مقدر حالتك و خوفك على صاحبتك بس
- بس ايه مش فاهمه
- سما هدى صاحبتك وزى اختك بس انتى مَش اَهلها  و فى الحالات دى لازم يكون هيه حد من الأهل متواجد معاهم عشان بتبقى فى مسئوليه و
لتقاطعه فى صدمه من موقفه و بروده
-  يعنى ايه مَش فاهمه ليتراجع قائلاً  
-انا مقصدش حاجه طبعا ممكن نروح و نطمن عليها و انا ممكن اعمل شويه اتصالات و اشوف الوضع ايه بالضبط  بس ده مَش معناه انك تتحملى مسئوليه زى دى لوحدك لازم يكون فيه حد من اَهلها او اهل جوزها متواجد معاهم فى الظروف دى
لتجيبه باكيه
-  انا صاحبتها و اختها وكل اَهلها يا ادهم اما جوزها فانا ماعرفش  غير ان والده ووالدته متوفين من قريب و هو وحيد  والده
- طيب عم خال  اى حد يا سما انتى مَش  مسئوله عنهم  لتقاطعه فى حزم على غير العاده 
- ادهم اذا كنت مشغول و مش فاضى كالعاده مفيش مشكله انا هاتصرف المهم انى اكون جنبها  النهارده  و فى اقرب وقت ليجيب فى ضيق
-خلاص يا سما ادينى ساعه و هاكون عندك بس هاتعملى ايه فى الولاد
- هاخدهم معايا طبعا و هى دى فيها كلام
طيب و حمزه
لتصمت ولا تجيب فقد عاد حمزه للتو من الجلسه وهو مرهق ولن يستطيع السفر و العوده بنفس اليوم كما انها لا تعلم ان كانت ستعود اليوم ام لا فهى لا تعلم ما سيكون من امر صديقتها او اولادها
- سكتى يعنى
- لانى فعلا محتاره يا ادهم الولد تعبان من جلسه النهارده و مَش حمل سفر و كمان عنده مذاكره
- طيب ما انا قلت ليكى و بأحاول افهمك  لكن انتى بتغضبى منى  علطول
- خلاص يا ادهم خليك انت معاه هنا و انا هاسافر لوحدى
-انتى بتقولى ايه هتسافرى مع ولادى و لوحدك طيب و هترجعى ازاى و امتى و بعدين انا مَش ممكن أأمن عليكم لوحدكم
- طيب اعمل ايه يعنى وبعدين اذا حتى سبت نور   مَش هينفع اسيب مالك لوحده لازم ييجوا معايا
- خلاص يا  سما انا جاى هانروح نعمل الواجب و نرجع  و اذا كان  على حمزهً فممكن يستنى هنا دول كلهم كام ساعه و هانكون على تواصل معاه  لتجيبه  فى استسلام و قد عجزت عن التفكير فى حل  اخر
- طيب يا ادهم   اللى تشوفه

كانت لنا ايام  الجزء الثانى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن