الفصل الاول

20.6K 210 15
                                    

الفصل الاول
- انتى طالق....  نطقها بصوت منفعل غاضب لتنظر هى له فى صدمه و عدم تصديق ....
احقاً نطقها!
اهان عليه ان يفعل! ربما هى من طلبتها و الحت فى طلبهاو لكن ماذا كان عليها ان تفعل بعد كل ما حدث  
و اين ذهب الحب الذى جمع بينهم فيما مضى و الذى كانت تعيش به و له ؟و الذى يعذبها و يحرق قلبها حتى الان .  ولكنها لم تتوقع ان تكون تلك هى النهايه و فى هذه اللحظه بالذات
ظلت صامته للحظه لا تدرى ماذا تقول لو تفعل بينما نظر هو لها  و كأنه  ادرك ما  قاله و فعله  للتو لتظهر ملامح الندم فى عينيه للحظه مجرد لحظه  ثم يستدير و يتراجع و قد حسم أمره  و يترك المكان كله لها و يغلق الباب خلفه بقوه نظرت الى الباب المغلق للحظه و كأنها لا تستوعب او تسمع ما حدث منذ لحظات ثم بدات دموعها فى السقوط لتنهار على الارض باكيه بعد ان عجزت ساقيها عن حملها .
ظلت  هكذا لفتره من الزمن لم تعلم مداها و كانها جسد بلا روح من ينظر لها لا يعلم اهى حيه ام  انها فارقت الحياه الا  من  دموعها التى ظلت تتساقط من عينيها دون توقف و هى تهز راسها فى  انكار و عدم تصديق احقاً تلك هى النهايه و كيف وصلت علاقتهم الى هذا الطريق المسدود بعد كل هذا الحب كيف ضاع حبها من قلبه و بكل تلك البساطه ام انه  لم يكن موجودا من البدايه و كانت فقط تخدع نفسها و لكنه هو من كان يبوح بحبه من كان يذوب عشقا بين يديها ان ذهب كل هذا ايم ...  لقد ظنت انها ستعيش معه فى عالم من الحب و الاحلام لما تبقى لها من عمر و حلمت به بعد كل هذا التعب و العناء نعم النهايه السعيده التى تتمناها اى أنثى فى الحياه   بيت و حب  و اطفال و قد كانت لفتره من الزمن شعرت بالهناء  و السعاده و الراحه و ان الدنيا قد ابتسمت لها بعد طول  عناء  لتغمض عينيها و تحلم و لكنها افاقت على كابوس  لا تعرف كيف تستيقظ منه و عالمها كله ينهار حولها فى لحظه و كانه ما كان طريق مسدود بلا اى امل  فى النجاه.
اخطات حينما شعرت بالامان  و اسلمت  له قلبها و عمرها ليفعل بهما ما يشاءامًاخطات حينما تنازلت عن كيانها و أحلامها واحدا بعد الاخر لتعيش احلامه هو و تذوب فى كيانه  ام انها اخطات حينما أمنت بالحب  منذ البدايه فلم تجنى الا الحزن و الشقاء بِمَا اخطات ظلت تسال نفسها فى ذهول لمده اخرى قبل ان تتماسك قليلا حينما سمعت صوت ابنها يصرخ و يبكى بينما استيقظت ابنتها  لتنادى عليها بحجرتها  لتنتبه مرتعده بقوه و كأنها  عادت مره اخرى  الى الحياه لتقوم بساقين ضعيفتين لا تحملها لتتسند على الحائط  فى ضعف لتتحرك حتى تصل الى غرفه الطفل لتجد اخته واقفه تنظر اليها فى خوف حين  رأتها بهذا الشكل لتمسح دموعها فى سرعه و تبتسم لها 
- ماما مالك بيعيط  و انتى كمان  طيب بتعيطى ليه مالك يا حبيبتى فيه حاجه بتوجعك ؟  لتستغرق لحظه و تتمالك  نفسها قليلا و ترد عليها و هى تحاول ان تدارى المها بصعوبه 
- لا يا حبيبتى انا  بس تعبانه شويه و عندى صداع
بابا اللى تعبك مَش كده  انا سمعت صوته وًكان عالى بره من شويه و صحيت من النوم خايفه  و كنت هاخرج ادور عليكى بس انتى قلتى ليا ميصحش انى ادخل فى كلام الكبار و عشان كده فضلت فى الاوضه مخرجتش بس كنت خايفه اوى... ابتلعت غصه فى حلقها من كلمات ابنتها و التى تركت جرحا فى قلبها من الصعب ان يندمل و  مدت يدها لتحمل الصغير الباكى بين أحضانها ليهدأ قليلا و هو ينظر  اليها فى ترقب
صح يا حبيبتى انا فعلا قلت كده و كويس انك كُنتُى هنا بس متخافيش مفيش حاجه حصلت  احيانا الكبار بيرفعوا  صوتهم و يغضبوا بس مفيش حاجه تخوف لما تكبرىً شويه هاتعرفى ثم تصمت فلم تجد ما تقوله لها اكثر من ذلك  لتنظر الى ابنها ثم قول و هى تتحرك  ناحيه المطبخ
  مالك جعان انا هاجيب  له شويه لبن .   
لتتبعها الصغيره و هى تلاحقها باسالتها المتلاحقة  و لا تتوقف
طيب هو بابا  راح فين لتنظر اليها فى حزن ثم تقول  
خرج لان عنده شغل يا حبيبتى
يعنى هيتاخر زى كل   يوم و هنام قبل ما اشوفه
لتصمت و هى تمنع دموعها بصعوبه فلم يكن لديها اى اجابه  على سؤال ابنتها
معلش يا حبيبتى انتى  عارفه ان بابا دكتور و مشغول و معندوش وقت
معندوش وقت لينا يا ماما  ؟
لا انا اقصد ان لازم نعذره لانه مشغول و بيتعب عشانا
طيب بكره اجازه هانخرج و لا هانقعد فى البيت زى كل يوم  احنا بقالنا كثير اوى محبوسين و مخرجناش ابدا و انا زهقت لتنهرها فى غضب و قد فقدت أعصابها تماما  
نور و بعدين معاكى  انا بقولك انى  تعبانه و عندى صداع  كفايه اسئله و اتفضلى على اوضتك دلوقت
بس يا ماما انا  كنت
- كفايه ولا كلمه ثانى كانت تتحدث بصوت عالى افزع الصغير الذى استكان  بين يديها منذ لحظات  مره اخرى لينظر  لها للحظه ثم ينفجر فى البكاء لتنظر هى له و هى تكاد ان تنهار فهى لم تعد تحتمل كل ما يحدث لتتنهد و هى تستغفر الله ثم تضعه بين أحضانها فى صبر حتى يهدأ  لتنادى على المربيه فلا تجدها ثم تتذكر ان اليوم هو يوم إجازتها لتزفر  فى ضيق ثم  تتجه الى غرفه ابنتها لتفتح الباب و تجدها تجلس فى صمت دون  كلام لترفع راسها و تنظر اليها بعيون تلمع بالدموع لتشعر هى بالذنب و يتمزق قلبها و هى تراها بتلك الحاله و قد كانت هى من تسبب فيها 
- انا اسفه مقصدتش بس انا.... لم تستطع ان تكمل لتندفع الصغيره الى أحضانها فى شوق و حب لتحتضنها و تقبلها ليظلوا على تلك الحاله لفتره ليست بالقصيره ثم  تتحرك و هى تضع مالك  على الارض و بجواره مجموعه من الألعاب
- نور ممكن تخلى بالك من مالك شويه صغيره بس عشان ماما لتهز الصغيره لها راسها فى فرح فتخرج هى و تتجه الى حجرتها  و تغلق الباب خلفها  كانت تريد ان تصرخ او تبكى ان تنهار و تطلق العنان بدموعها دون ان يراها او يشعر بها احد   فهى لم تجد بعد كل هذا الحب و العطاء الا النكران و الجحود احقاً تلك هى النهايه كادت ان تنهار و تستسلم ثم توقفت للحظه و هى تنظر الى نفسها فى المراه و هى تتأمل حالها و ما هى فيه  احقاً هى تلك المراه الباكيه المنهزمه التى تنظر لها فى المراه انها لا تكاد ان تعرف نفسها لماذا سمحت له ان يفعل بها ذلك و باى حق نعم انها تستحق كل ما عانته و تعانيه الان فقد جعلها الحب تسير بلا شخصيه او  اراده لتعيش على أيامها الحلوه معه و تنسى له كل ما فعله او يفعله متى صارت هكذا و لماذا اهو الغضب ام باقى من كبرياء  الذى حركها لتخرج حقيبه ملابسها و تضع فيها كل  ما يخصها بهذا المكان و كانها لا ترغب ان تترك لها اثر به ام انه كان السبيل الوحيد امامها للحفاظ على ما تبقى لها من كرامه للتوقف عند مجموعه من الصور جمعتها معه و مع من تحب فى ايام سعادتها معه و تساءلت
و ماذا عنهم باقى ابناءها..... هل تتركهم هكذا و تذهب ؟ لقد أمضت حياتها كلها تحبهم و تدافع عنهم و لكن ماذا حصدت فى النهايه   لتجلس على الفراش باكيه بحيره و باستسلام و مع ذلك و بعد  كل ما فعلوا بها و معها فهى لا تستطيع ان تتركهم هكذا  و ترحل و ماذا عنهم بدونها فهم اولاد قلبها مثلهم مثل الصغيرين فى الغرفه الاخرى  لتتذكر حبيبتها الراحلة و التى تركتها منذ شهور قليله و كيف كانت حياتها معها ماتت الام و الملجا كانت الحمايه و الأمان من تقلبات الايام لها و لهم و لكن ماذ ا بيدها ان تفعل وقد طلقها و لم يعد يرغب بها فى حياته نعم هى من طلبتها و اصرت عليه ان يفعل بل و تحدته ليقولها و لكن ماذا كان امامها ان ترضى و تصمت و تقبل بما فعل و ما يطلب منها و ترضى بالمر الواقع لا لن تفعل و لكن تكون ابدا الموت اهون من الحياه دون كرامه و فراقه و الموت واحد و لكن الم يقتلها بما فعل الم يحرر بيده وثيقه وفاتها و وفاه حبها فى قلبه نعم  يمكنها البقاء هنا مع  اولادها و معهم و يمكنه هو ان يجد مكانا اخر ليعيش فيه فقد صار غنيا مشهورا و لن يعجز ان يتصرف و يمكنها ان تعود  الى شقتها القديمه بأولادها و تتابعهم من بعيد ودون معرفته و لكن ماذا عن كرامتها و كبريائها الى متى ستظل تهين من نفسها و تحط من قدرها معه الم يكن ما حدث منذ ايام هو سبب كل ما حدث الان ام انها كانت  فقط البدايه بدايه النهايه لحياتها التى كانت ام ان النهايه بدات قبل ذلك بكثير و دون ان تدرى  لتغمض عينيها و تتذكر كل ما كان ..
- ازيكم يا ولاد
- اهلًا يا ماما
- ها اخبار المدرسه و المذاكره ايه ؟
- الحمد لله
- طيب انا هادخل احضر الغدا لحد ماتغيروا هدومكم و نتغدى كلنا
هو  احنا مَش هنستنى بابا؟
انتى عارفه يا حبيبتى انه مشغول و مَش هينفع يجى دلوقت اتغدوا انتوا بالهنا و الشفا عشان تستريحوا شويه و بعدين تكملوا  المذاكره
بس هو وحشنى  اوى و انا بقالى كثير مَش بأشوفه يا اما هو فى الشغل او انا نايمه
معلش يا لارا بصى اخر الأسبوع انا هاطلب منه يفضى نفسه و نخرج كلنا سوا احنا بقالنا كثير اوى ما اجتمعناش مع بعض
و تفتكرى انه هيرضى
و ليه لا يا حبيبتى لو فاضى و معندوش حاجه مهمه طبعا هيرضى
بس هو دايما مشغول
متزعليش يا حبيبتى بصى انا هاحاول أقنعه  لتبتسم لها فى حب و هى تحتضنها بقوه ربنا ما يحرمنا منك يا حبيبتى  لتقبلها هى الاخرى و تسألها
  امال فين حمزه و مازن مَش شايفاهم؟
لترد فى براءه
  حمزه نايم جوه من ساعه ما رجع من المدرسه و مازن معرفش هو فين انا رجعت ملقتوش فى البيت  يمكن مع أصحابه كالعاده و الوقت سرقهم
طيب  يا حبيبتى انا هادخل أغير هدومى و أغير لمالك   و أكلمه فى التليفون اشوفه فين هى المربيه مع نور جوه
ايوه يا ماما
  طيب  ماشى مضى بعض الوقت لتنشغل هى بالطعام و ابنها الذى ارتفعت حرارته   و ابنتها  و اعباء المنزل لتمضى ساعتينً كاملتين  لتجد حمزه ولارا جالسين بالخارج ينتظرونها
معلش يا ولاد انا اسفه انا عارفه انى اتاخرت عليكم النهارده اوى فى الغدا بس مالك من ساعه ما رجعت و حرارته مرتفعه اوى و مَش بتنزل الظاهر من التطعيم  و انشغلت معاه لتنظر لهم و هم صامتين و ملامح القلق باديه على وجوههم
ايه مالكم انا عارفه انكم بتحبوه و انه اخوكم الصغير بس دا شىء  عادى و ممكن يحصل  و لو فضل سخن  هاكلم بابا و هو هيتصرف متقلقوش
مازن مرجعش لحد دلوقت يا ماما و بنكلمه  تليفونه مقفول لتصمت هى للحظه  و تتراجع فى دهشه و هى لا تستوعب  ما يحدث   
يعنى ايه مَش فاهمه طيب هو مقالش لكم حاجه او انه هيروح لحد من أصحابه او هيتاخر
لا يا ماما و بعدين التليفون مقفول بقالنا ساعتين بنتكلم و مفيش رد
طيب  يمكن فصل شحن
كان هاييجى او يتكلم من تليفون حد من أصحابه و يقول انا بدات اخاف عليه دى  مَش عوايده ابدا
طيب عندكم تليفونات اصحابه نسالهم ؟
انا معايا  رقم واحد او اثنين منهم
طيب  هاتيها يا حبيبتى و انا هاكلمهم مضت نصف ساعه اخرى و قد بدات ملامح القلق ترتسم على وجهها جميعاً  و كلما مضت دقائق اخرى بالانتظار حتى يزداد جزعها و خوفها من الاتى كانت قد سألت  كل  من تعرفهم من أصدقائه بعد ان حصلت على أرقامهم من الباقين لتعلم ان مازن لم يقابلهم اليوم بل لم يذهب اليهم من الأساس
يعنى هايكون راح فين دى مَش عوايده ابداً   انا بدات اقلق استر يا رب
مازن متغير يا ماما بقاله كام يوم عصبى و بيقعد فى اوضته علطول و مَش بيكلم  او بيرد على حد حتى اما كنت بكلمه او بسأله مكنش بيرد عليا  لتصمت و هى تنظر اليها فى صدمه  كيف لم تلاحظ ذلك التغيير الذى تتكلم عنه ابنتها و اين كانت هى  انشغلت فى اعباء المنزل وأولادها الصغار  واكتفت ان تقوم بدورها فى متابعه دروسهم و نتائجهم الدراسية و جلسات علاج حمزه وًغيرها من امور  حياتها الاخرى  و التى تستغرق المثير من مجهودها ووقتها حتى انها و فى خلال  ذلك نسيت او تناست كيف تحدثهم او تظل معهم كما كانت من قبل و خصوصاً مازن لقد كانت تعلم ان له طبيعه مختلفه عن غيره و هو فى مرحله  مراهقته الان كيف لم تنتبه الى ذلك بل كيف غفلت عنه خلال تلك الدائره المغلقه  التى تدور فيها كانت تشعر بالذنب فهم اولادها و حب عمرها كله هى من رعتهم وربتهم  و تعهدتهم بالعنايه كيف شردت عنهم و أبتعدت   كل هذا البعد....   أتراها اهتمت بأطفالها و نسيتهم   ام انها تبالغ  من شده خوفها و قلقها الان و الذى بدا يتحول الى ذعر  له ما يبرره فليس من عاده مازن الاختفاء و لكل هذا الوقت لتحادث نفسها بصوت مرتفع و قد عجزت عن التحكم فى أعصابها  لاكثر من ذلك لترفع هاتفها و تحدثه  لتخبره بكل ما يحدث و تستنجد به 
- الو ايوه يا ادهم الحقنى ليرد عليها بقلق
فيه ايه يا سما مالك ايه اللى حصل حد من الولاد تعبان طيب حمزه كويس  ؟
لتقول من بين دموعها
انا مَش لاقيه مازن
يعنى ايه مَش لاقياه  يا سما فهمينى  هو عيل صغير هيتوه
انا رجعت من ساعتين و اكثر و هو مكنش موجود فى البيت و حاولت أكلمه  تليفونه مقفول
طيب ما يمكن فى الدرس او عند اى حد  من اصحابه   و هيرجع دلوقت
لا انا كلمت كل صحابه و سالت عنه كل اللى  اعرفهم محدش شافه النهارده دا حتى محضرش الدرس
يعنى ايه مَش فاهم يعنى هيكون راح فين يعنى ؟
لتبكى و هى تقول
اتصرف يا ادهم انا عايزه ابنى

كانت لنا ايام  الجزء الثانى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن