_سأحاول, وستكون كيفما أريد , هكذا اعتدت ولن أغيّرها عادة , ما أريده لى : كان هذا هو ردّ سيف على والدته قبيل مغادرته لمقابلة نور العروس المرتقبة عندما شددت عليه أهمية أن تكون العروس له وأن توافق عليه ..
طمئنها بالمحاولة وهمهم مع نفسه بما يكنّ وبما اعتاد ..
_بالأمس عندما عَلِم والده بموعد اللقاء استجاب لضغوط زوجته, والحاجة التى فى نفسه, وجلس بجلسة وعظٍ آخرى مع ابنه ليريه طريقه , فهو مازال صغير بالسن وليس لديه الخبرة الكافية ووالده أعلم بمصلحته .. جلس ما يقرب الساعة ولم يخرج الكلام عن النصيحة السابقة التى أدلى له بها عند عودتهم من زيارة العروس بمنزلها : المنصب ووالدها ..
_كان سيف كبيرًا بما يكفى ليدرك أهمية المنصب والترقيات فنحى كلام شقيقه جانبًا وركّز على كلام والده .. كان جلّ ما يشغله هو شخصية العروس , فتاة قوية لها رؤية ونظرية لكل شيئ وما أكثر مخاوفه من تلك النوعية , النوعية التى تفكر وآراؤها مستقلة , ستزعجه , لن تعطه الفرصة ليكون سيف القوى .. هو يريدها هشّة, لينة , ضعيفة أمامه , هو كل حياتها وهو الذى يقرر حياتها ..
من الزيارة السابقة وبالرغم من شروده وتركيزه الضعيف مع كلامها إلا أنه لاحظ قوتها .. معظم الجمل بدأت بكنت وفعلت وقررت , لم يجد والدها فى الحوار , كل شيئ هى فقط .. وأيضًا والدتها ذكرت أثناء الزيارة شيئ كهذا , ان ابنتها صاحبة رأس صعبة الرضوخ وكأنها قادمة من الصعيد , ليس من السهل إقناعها بما لا ترضَ ..
ستكون تلك هى المشكلة التى سيواجهها أو بالفعل يواجهها وعليه ايجاد حلّ لها وإلا ضاعت عليه فرصة الزواج ببنت هذا المسئول صاحب المنصب والرأى ..
_______________________________________
_وصل إلى حيث اتفقا مسبقًا للقاء , انتظر بضع دقائق فأقبلت كبدرٍ ليلة التمام , همس فى نفسه بأنه عليه ان يضيف مشكلة آخرى ألا وهى كيف سيتعامل ويقاوم هذا الجمال ؟؟ , جميلة حدّ السكر , ان اقتربت من مكانٍ كانت هى مصباحه الذى يضيئه , بسمة شفاهها تبعث من خلفها بأسنة من نور تقع على عين الأعمى فيرى , خصلات شعرها ساحرة تجبرك على اتباعها أينما ترسو ..
سحرته بكل كيانها , أنسته الآخرى فكان حقًّا لها أن تكمل معه وأن تذهب الآخرى إلى دوامتها وحيدة تغوص فيها أو تجد سبيلًا إلى نجاة .. _عرف غايته ويحاول الوصول إليه إن لم يكن قد وصل , الفتاة قوية ولكن لكل أنثى مدخل وهو عرف طريق المدخل بل وأمسك بيده المفتاح .. بكت بين يديه وهل كان يأمل ويتمنى غير ذلك ؟؟ , وجد ضالته وعرف نقطة الضعف .. للفتاة لحظات ضعفٍ , لمَ لا وهى أنثى ؟! .. سيطير لوالديه فرِحًا بالعروس التى تبكى لسماع المؤثرات ...
هدّأها وأزال الدمعات الفارات على خدود الورد بالأنامل القاسية كشوك هذا الورد , أخبرها بأنه سيكون خير معين لها , لن يؤذيها ولن يسمح بإذائها , لن يسمح لتلك الدموع أن تنزل مرة آخرى , وقد أفلح ان صدق وبا ليته يصدق ..
فكيف لمن رقص بقلبه بالدموع أن يجعلها تتوقف ؟! .. كيف لمن ذابَ غضبه بشرًا برؤية ضعف من أمامه أن يمنع هذا الضعف من العودة مرة آخرى ؟! ... واهم أو مدّعٍ للوهم ...
__________________
_سيتم الموضوع , أصبحت كل خيوط اللعبة بيده يحركها كيفما شاء ووقتما شاء .. أخذها من يدها وأركبها بجواره وأوصلها لمنزلها وهى المُنومَة بيديه لا تتحرك , لا تتكلم , فقط تبتسم كالبلهاء لكل حركة بلهاء وكلمة بلهاء تصدر منه .. ماذا فعل هذا الوغد بوردة الربيع ؟؟ , قطفها بطريقة آخرى غير التى قطف بها الوردة السابقة , ويلٌ للوردتين ..
_عاد لمنزله ليخبر أمه بأن تجهز حالها لزفاف ابنها البكرىّ .. بُشّ وجهها واحتضنته وكأنه عائد من غربة أو حرب كتب الله له فيها النجاة .. بأقرب وقتٍ ,ولو سمح الوقت سيكون الآن , سيتصل والده بوالدها ليتفقوا على كل شيئ ..
_________________جلس وحيدًا شريدًا , ولكن تلك المرة كان شرود العاشق الواهم وليس شرود القاتل المُجهِز على فريسته منذ وقت قصير , يتفكّر فى تلك الفتاة التى ستصبح زوجته بين يومٍ وليلة .. من زيارة واحدة ولقاءٍ واحد وان كانت الزيارة لا تُعدّ فهى لم تؤتِ بثمارها , كان اللقاء هو صاحب التأثير الأقوى والفعّال الذى أجلسه جلسة الوحدة والشرود ..
* نور فتاة لطيفة , جميلة جدًا , وحيدة لوالديها , تخرجت من إحدى الجامعات الأجنبية , تعمل فى مجال التدريس , تحبّ الأطفال بدرجة لا توصف لذا اختارت أن تكون مدرسة لهم وإن كانت شهادتها تسمح بالتدريس لمن هم أعلى سنًا , لها دراية وعلم بالمجتمع الاجتماعى وتلك الأنشطة التى تنظمها إحدى الجمعيات الخيرية وهذا هو السبب فى قوة شخصيتها , احتكاكها وتعاملها مع الناس ..
والأهم فى ملفها الشخصى : لم يسبق لها الارتباط أو ليست بمن سبق لها أو تسمح بالصحوبية وغير تلك العلاقات , علاقاتها الشخصية محدودة جدًا فى حيز الأقارب والدراسة والعمل أما علاقاتها الاجتماعية بسبب ظروف الأعمال التطوعية فهى متعددة ومتشعبة ولكن الجميع يشهد لها بحسن الأخلاق ..*
_فاق من جلسة الشرود على صوت أخيه يهنئه بالخطوبة ويسأله عن حال اللقاء , أجابه سيف بغموض كعادته : لا شيئ , كان لقاءًا عاديًا للغاية , مثل أىّ لقاء ..
حاول أخوه أن يأخذ منه الكلام ولكن شخصية سيف وعمله يأبيان , ليس من السهل الاطلاع على شيئ لا يريد سيف الاخبار به .. يئس منه أخوه ففاجئه بسؤالٍ آخر : هل أحببتها لدرجة تجعلك تريد انهاء الأمر بسرعة ؟؟ ..
كأن الكلمة سهم دقّ عقل سيف وأصابه : الحبّ ؟! , أىّ حبّ ؟! , لم أسأل نفسى هذا السؤال بل لم أفكر فى هذا الأمر .. حدّث نفسه ولم يجد جوابًا , ابتسم لأخيه ورأى أن الهروب وسيلة جيدة فى تلك المواقف , ذهب وتركه