_تركها وذهب صحبة أمّه, ولم تجد مفرًا من البكاء ... حاولت معها أمّها كثيرًا لتعرف حالها الذى لا يسر القريب والبعيد ولكنها فشلت, فشلت لأن إيثار عينها لم تكن تدرى سبب بكائها ... اختلط عليها الحال بكل جوانبه فبكت لكله ... لمَّ اختلت بنفسها بعيدًا عن عين أمّها المترقّبة, زفرت بأنفاسٍ مكتومة وكانت أنفاس بكاء جمع بين خبر حملها وتذكّرها تلك الليلة , بيد أن الليلة اياها كان لها النصيب الأكبر من البكاء, فوقع خبر الحمل لم يكن هينًّا ولكنه لم يترك فيها ذات الأثر الحزين لتلك الليلة, ومن الممكن إرجاع المبالاة تجاه ذاك الخبر لاعتيادها الحزن والهمّ الفترة الأخيرة ...
_لم تحكِ له كل شيئ, لم تجرؤ على البوح وإن كانت لمّحت .. ما كان يمنعها تهديد أو خوف ولكنه الحياء .. احتفظت ببقية الحدث فى صدرها ولم تتحدّث به ولكن آثاره كانت ملحوظة عليها, فى بكائها, أنفاسها المحترقة بغضب مكتوم, وفى نظرات عينها ...
_إن كانت لم تنسَ الليلة إلا أنها كانت تحاول تجاهلها والتفكير فى القادم إلا أن جلسة عبدالرحمن أعادت إليها كل شيئ , والصور العابرة المهتزة التى كانت تأتيها فتبكيها أصبحت ثابتة ولا تتجزأ عن خيالها هذا اليوم ...
_بعد البكاء طويلًا, اتخذت نصيحة عبدالرحمن سندًا ومهربًا من تلك الصور والخيالات, وحاولت النوم لمشوار الغد ... عافر معها النوم بعض الشيئ ولكنها فى النهاية انتصرت من فرط التعب والارهاق والأمل فى الخلاص .. نامت تمنّى نفسها بأن كلّ شيئ سيكون على ما يرام , وأن عبدالرحمن سيساعدها فى الوصول للباشا لتخبره بحملها وحتمًا سيفرح وسيتزوجها .. كلها أمانى ليتها تتحقق , ونامت إيثار ...
_فى الصباح, لم تحتاج إلى أىّ منبه ليوقظها, هى كانت فى انتظار ذلك الصباح حتى فى أحلامها .. كان الوقت مبكرًا ولكنها لم تستطع معاودة النوم المتقطع فقامت إلى نافذتها وكعادتها راقبت شروق الشمس وتمنت معه أمنيتها , تلك الأمنية الوحيدة التى كانت معلنةً لنا والتى عرفنا عنها وما عدّاها كان سر داخلها تتحايل عليه بابتسامة لأمها كى لا تخبرها وتلك أيضًا لن تخبر بها أمها ...
_أحسّت بها أمّه وهى تتحرك بالخارج فقامت لترى حال ابنتها الغريبة الأطوار هذا اليوم .. مرّ ما يقرب من شهرين وهى لا تبرح لا غرفتها بل سريرها إلا لضرورة واليوم تقوم وتفتح النافذة وتتجول بالشقة , ما الأمر ؟؟ ...
لمَّ خرجت وسألتها جاوبتها والابتسامة الحزينة تعلوها والحركات الطفولية المنكسرة غالبة عليها بأن الأمر على ما يرام وسيكون على ما يرام , لا تقلقِ يا أمى , دعينّى أبدّل ملابسى للخروج ...
اندهشت الأمّ : للخروج , أو ستخرجِ , سألتها وعيناها جاحظتان بنفس الدهشة فأجابتها ببلى , سأذهب للجامعة وسأقوم ببعض المشاوير تداركًا لبعض الحاجيات المهمة وبعدها سأعود للمنزل ... لن تلبث الدهشة أن تترك الأمّ والأسئلة المحتارة لن تفارقها : ستذهبِ للجامعة وهذا وارد وإن كنت غير مقتنعة ولكن أىّ مشاوير ؟؟؟ ..
لا عليكِ من الأمر, هى مشاوير خاصة بالجامعة, أنت تعرفين أن الامتحانات على الأبواب وعلىّ تدارك الذى ضاع منى خلال الفترة الماضية لذا سأقوم بجولة لاستجماع المذكرات سيساعدنى فيها عبدالرحمن ...
هزّت الأمّ رأسها بالموافقة على غير اقتناع , وإن كان وجود عبدالرحمن فى الأمر يقلقها , فهى لم تنسَ الليلة التى قضتها ابنتها فى قسم الشرطة ومازالت تعانى من جرائها , ولكنها فرحت لقيامها واستعادتها لنشاطها فأبت أن تفسد عليها فرحتها فتعود حزينة مرة آخرى ...
________________
استقبلت هاتفًا من عبدالرحمن ردّت عليه أمّها, فاتخذتها فرصة لتقوم بدور مفتش المباحث ولتعرف ما الأمر ؟؟ فلم يقل غير ما قالت إيثار حيث انهما اتفقا مسبقًا على رواية واحدة تجنبًا للاحراج ... لم تردّ الأمّ على قوله سوى بأن ينتبه على ابنتها فهى أمانة فى رقبته , وعدها بتنفيذ الأمر وطلب إيثار فدخلت إليها تطلب منها الخروج ومحادثته عبر الهاتف ..
_كانت المحادثة عبارة عن سلام واستفسار إن كانت جاهزة ليذهبا فجاوبت بالايجاب وأنها ستنزل حالًا وسيتقابلا عند باب الجامعة ليذهبا وانتهت بسلام آخر ...استقبلت هاتفًا من عبدالرحمن ردّت عليه أمّها, فاتخذتها فرصة لتقوم بدور مفتش المباحث ولتعرف ما الأمر ؟؟ فلم يقل غير ما قالت إيثار حيث انهما اتفقا مسبقًا على رواية واحدة تجنبًا للاحراج ... لم تردّ الأمّ على قوله سوى بأن ينتبه على ابنتها فهى أمانة فى رقبته , وعدها بتنفيذ الأمر وطلب إيثار فدخلت إليها تطلب منها الخروج ومحادثته عبر الهاتف ..
_كانت المحادثة عبارة عن سلام واستفسار إن كانت جاهزة ليذهبا فجاوبت بالايجاب وأنها ستنزل حالًا وسيتقابلا عند باب الجامعة ليذهبا وانتهت بسلام آخر ...
________________
_عند الباب كان منتظرًا ولمَّ جاءت لم يضيعا الوقت وذهبا إلى القسم للسؤال ولكن لا مجيب .. حاول عبدالرحمن مرة بالكلام اللين وآخرى بالأموال ليعرف من هو ولكن لم يجبه أحد ولم يعرفه أحد .. وصفته إيثار تقريبًا لكل الموجودين ولكن لم يتعرف إليه أحد _وجود سيف فى القسم لم يتعدّ أسبوعين , وكان أغلب الأيام يخرج فى مهمات ولم يتسنى لأحد تدارك ملامحه ولو عرف ما قال عنه أبدًا_ ,
كانت البداية سيئة , أصابت إيثار بصدمة ولكن عبدالرحمن قرر المغامرة والدخول للقسم والبحث بنفسه أما إيثار فقد أثرت الانتظار فى الخارج حتى لا تعود إليها تلك الذكرى السيئة ... دخل وخرج مثلما دخل , لم يفلح فى شيئ حتى من كان يناديه باشا لم يجد له أثرًا .. خرج إليه يجرّ أذيال النكسة والقهر ...
_بكت ولاحظ دموعها وهى تنساب بغزارة , أعطاها منديل وفكر فى شيئ , فكر فى أن يستدعى صديقه المحامى الذى جاء يوم الأفراج فهو محامى وحتمًا سيجد مخرج فى الدخول والخروج ومعرفة شيئ ... طلب منها الكفّ عن البكاء وانتظار صديقه وجلسا بمكانٍ قريبٍ من القسم بانتظار المحامى الذى اتصل به عبدالرحمن ليأتى بسرعة ...