بعدَ مرور إسبُوع :
خالَد : إنت إنطرنِي هنَا ولا تتحرَّك ، ما راح أتأخَّر
أجاِبه سلِيم بِقلَّة صَبر : والله شَكلك تبغى تطيحنَا بمصِيبة أكبَر من اللي راحَت؟
وضَع إصبعهُ السبَّابه على فمِه : إششش .. لا يشُوفنا الحارِس ، خرَج من ثنيَة الحائِط التِي كانَ مِختبئاً بهَا عندمَا لمحَ صدِيقتَها التِي كانَت تُودّعهنّ ؛ عرفهَا لأنها كانت تغطي وجههَا بإهمال ، مرّت بجانِبه .. فعرِفته وما إن رَأته شهقَت : إنتَ ما تتُوب وِش عِندك بعَد ، وش جابَك ..؟
سألهَا بتردُّد : ما أبغَى أسويّ مُشكِله ، بس وصفِّيلي العنُود ..أيِّ واحدَه من هذُولا اللي كنتي واقفَه معاهم!
أجابته بإرتباك : اللابسة سبُورت pink هي العنود ، ولا عَاد تسألني مرّة ثانيَة .. ، واصلت سيرهَا بخطى مُسرِعة ومبتعِدَة
ُغادِر الغفِير كرسِيه ليشرَب بعض المَاء ، لحظتئذٍ قام خالِد بجَر سليِم من يدِه : هاذِي فرصتنَا يلاااا ، سارَا بمحاذَاة الحائِط
فِي الجِهة الأخرَى من الطرِيق:
لمحتهُ فمالت عليهَا ثم همسَت لها : عنُود .. مو هذا اللي كنتِ تتكلمِين معاه
فتحت فاهها مُنذهِلة : هذَا أكيد مجنُون .. وِش اللي ردّه مره تانيه!
أجابتهَا رُوح بصوت ساخِر : لاااا .. وهاذي المرّه جايِب معاه صدِيقَه العزيز بعَد
إقترِب خالِد منهُما بينمَا ظلّ سليِم واقِفاً على مسافَه غيرَ بعيدَه
عنود : إنت وِش جابك لعندنَا؟ ما يكفيِك اللي صار بسبتَّك ، تبِي أبويَا يذبحنِي!
خفضَ رأسه ثم مدّ إليها ظرفَاً : أنا آسف ، وأبغَى أعتذِر منِك ، ولا عَاد بتشوفِين وجهِي مرّه تانيَه ؛ تناولَت منهُ الظرف بعدَم إستيعَاب ، كان سليِم يتابِع هذا المشهَد من على البُعد وما إن سلمهَا خالِد الظَرف حتى أدارَ ظهره مغادِراً ، نكزتهَا رُوح من بابِ اللوم لإستلامهَا الظَرف منهُ ثمَ إلتفتت إليهَا بنظرَة حادَه أخفاها الوِشاح لكن الرِياح لفحَت جِزءً من وِشاحِها الأسوَد فظهَر نِصفُ وجهٍ كالبدرِ ليلةَ إكتمالِه وما إن أدارت رأسها حتى تلاقَت نظراتهُما لبُرهَه ، فاختَرقت عدستهَا البُنيَة الحادّه أعمقَ جُزءٍ في قلبهِ ؛ تتدّاركت نفسها بُسرعة وقامت بتعدّيل وشاحهَا ودارتهُ كشمسٍ غطتهَا الغيوم ، فأشاح بنظره بعيداً عنهَا مجبرَاً دونَ أن تهدأ ضربَات قلبه ودونَ أن تتوقف الرّجفة والبرُوده التي إجتاحَت أطراف أنامِله ، لكنه فجأة لمحَ الغفير ناوِياً الخروج من البوابَه ، فاستعجل صدِيقه القادِم نَحوه بلهجَه سودانِيه غاضِبة : يَلا يااااخ أسرِع
وما إن إقترب منه خالِد حتى قام هو بجرِّه وغادِرا المكَان بسرعَة الإعصار
إندهِشت رُوح من الرّعشه التي سرَت في جسِدها بنظرةٍ واحدة من هذا الفتى الذي لا تعرِفُه ولا يعرفها ، ورغم أن ملامحَه كانت أقوى من أن تمحوها ذاكرتهَا بسُرعة ، إلا أن جملته الآخيرة أثارت إستغرابهَا فنطقت لا إرادياً بصَوت خافِت : سُودانِي!!
ــــــ
مَرَّتِ تلكَ الأيام خِفافَاً كأنهَا تركَب الرِّيح على بِساطٍ سِحرِّي ، الجمِيع يعيِش روتينه المُعتاد ، فقد كانَ مُوسِم الإمتحَانات صعَبٌ على الجمِيع لكنهُم بذَلوا أقصَى مجهودٍ لديهُم وبَات الجمِيع فِي إنتظَار نتِيجة إمتحَان التحصِيل ليُقررُّوا مصائِرهم الجامِعيه ، وهذه المرّه قَرّرت رُوح قضَاء تلكَ الإجازَة فِي الرّياض وصيام موسِم رمضَان لهذَا العام معَ عائِلتها الصغِيرة بدلاً عَن السَّفر إلى السُودان معَ والِدها كالعَادة
ـــــ
الجُمعه 10 سبتمبِر|2010
|أول أيَّام عِيد الفِطر المُبارك
كانت شّوارِع الرِّياض مُزدانَه في أبهَى حُلتَها ، تلكَ الزينه جعلَت المدِينة تأخُذ طابِعاً مُبهِجاً كأنهَا عرُوس في يومِ زِفافها ، فالأطفَال يملأون الأجواء مرحَاً ويخيطون الطرقَات جيئةً وذهاباً طارقِين أبوابَ جيرانهُم ليجمعُوا الحلوَى و"العيِديّة" ، فيستقبلونهُم برحابه صَدر وإبتسامَة عرِيضة والكثيِر الكثير من الهدايَا والحلوى والحب
فِي منزِل عَبد الله:
كان صوتَ التِلفاز يملأ أرجَاء الصّاله ويرتدّ صداه إلى الفتاة الجالِسة على الأرِيكة بثيَاب العِيد المُختبئة خلفَ عباءة أنيقَه ، نزلت سارَه عبرَ الدرَج بسُرعَة كأنها تُسابِق الرياح وصاحت لرُوح التِي كانَت تتصفَّح قنوَات الmbc : رُووح .. زِيدي الصُوت أكثَر .. الحين راح يُعرض إعلان زِين تبعَ العِيد ، وأنا أنطُره من بداية السنَه
ضحِكت على هيئتِها الغِير مُرتبه : روحِي جهزِي حالِك بالأول .. الإعلان ملحُوق
علا صوت ضحكتها مجدداً : شكلِك ما شُفتِي نفسِك في المرا...
قاطعتها : هاتِي الريمُوت
رفَعت نسبة الصَوت إلى أقصى حَد فإرتفع صوتُ الإعلان :
(يُحكَى أنَّ هُناكَ مدِينة .. طَلَّ عليها هِلالُ العِيد
فامتلأت طُرقاتها زِينة .. لبِسَ الكلُّ ثَوبَ جدِيد
إلّا أن هُناكَ سُؤال .. ماذَا يَشغَل هالأطفَال....)
أشارَت إليها أم فهَد بيدها اليُسرى أن أخفضِي الصّوت بينمَا تحمِل الهاتِف باليَد الأخرى ، أبعدت وجهها عن الهاتِف : الصوت ..الصوت خفضِيه وتعالوا .. هذَا عبد الله يبغَى يعايِدكُم
فتَحت مكبِّر الصوت على الهاتِف فإرتفعَ صوتهُ مُهنِئاً : كل عام وإنتوا بخِير وصحه وعافيَة ويا عسَاكُم من عوادَه ، ودايماً تامِين ولامِين يارِب
رُوح : وإنتَ بخير يا أحلى بابا ، ما تنسى تسلِّم على حبُوبه والأهل هناك ، والله ياخ العِيد فاقدَك بَس
قاطعتها سَارة : إيه والله يا عمِّي العِيد ماله طعَم .. حتَى فقدنَا العيديَة اللي كنت تعطيها لنَا صباح العِيد
ضحك على جملتهَا الآخيرة : والله أنا بعَد فاقِدكم يا سَارَه ، ثُم وجِّه حديثه لرُوح : إن شَاء الله يوصَل ، وهُم كمان بيسلموا علِيك ، إلا ويِن فهَد ما أشُوفه يا سُعاد؟
ردّت : فهَد طلع مبكِّر ، يبِي يصلِي صلاة العِيد بمكّه المكرَّمة
أجابهَا من الجانِب الآخر : الله يتقبّل منه إن شَاء الله ، يلا على طاري الصلاة أنا رايح أجهَّز ، مع السّلامه ، بتصل عليكُم بعدين إن شاء الله
رددنّ ثلاثتهُنّ بصوتٍ واحِد : الله يسللِّمَك
ــــــــــ
مسَاءً
فِي إحدَى فروع مطاعِم ماكدونَالز بالرِّياض:
إلتفُوا حولَ إحدى الطاوِلات وقد كان يبدُو على ملامِحهم الإرهاق والتعَب
سارَه : والله موبحاسه بجسمِي
قاطِعتها رُوح : كِل عظمَه فينِي تقول للثانيَه لا تِتكلِين عليّ
رمقتهُما أم فهَد بنظرَه مُعاتِبه : والله عاد إنتوا اللي سويتونهَا في رُوحكم ، من الصُبح على صديقاتكُم ، لا وبَعَد ما خليتُو ملاهِي ولا مول بالريّاض إلا وطليتوا عليه
قاطعهم فهَد بصوت متعَب : أقُول ..خَلصُوا بسُرعه وخلونا نِرجع البِيت ، هاذي آخِر محطة
نهَضت سارَه من مكانِها بعد أن لاحظت بُقع من العصِير على عباءتها : طيب دقيقه أرُوح التواليت.. ما راح أتأخّريتبع....