ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
•الفصل الثاني :
• قدرٌ أم صدفة :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
•بعدَ مرور إسبوعان:
صوت صرَاخ وعبارَات سعِيدة وصدى قفزَات صادرَة من غرفَة روح ، فقد إتصلَ بها والدِها ما إن عرِف نتائِج التقدِيم بالجامعَات وأخبرهَا بآخر مجريَات الأمور وإين تم قبولهَا
هرولَت إليها سارَه مفزوعَه لتعرِف السّبب وراء تلكَ الضجّه ، فعانقتهَا رُوح ما إن دخلَت عليها
حدثتهَا وهيَ ما زالت مرتميَه في حضنهَا : رُوح ، وِش صايِر!
أجابت بحمَاس : إتقَبلت هندَسة حاسوب يا سارَه
إحتضنهَا هِي الأخرى ثم صاحت بنبرَه سعيدَه : إنتي مِن جدِّك؟
والله الموضُوع من جَد يستاهَل زغروطِة
سألتها بفضُول في نفس اللحظة : ومِتى بتبدُون الدراسه؟!
رُوح : يوم 27 نوفمبَر إن شَاء الله
جرتهَا من كفِها عبرَ الدرَج ثم إلى المطبَخ وهي تصِيح : يُما .. يُما زغرِطي ؛ رُوح إتقبلَت في المجَال اللِي تبغاه
ــــــــ
على الجانِب الآخَر من المدِينة :
سلِيم : أمِي عايز أقول ليك خبَر سمِح .. بس أديني زغروته سمحه كدَا أول
رمقتهُ بنصف نظرَه : هو قَالوا الناس دِي بتزغرِت ساي؟ ، ورينِي أول عشَان زاتُو أشوف الموضوع بيستاهل ولا لا؟
أجابتها سُليمة الجالِسة أمام التِلفاز : ماف جديد أصلاً يا إما يكُون رتّب دولابو المقلَّب داك ، ولا كتَب ليهو قصِيدة جديدة ولا قرأ المجموعة الكاملَة لكاتِب مشهور ولاتلقيهو..
قاطعها بصوتٍ حازِم مُوقِفاً سلسلَة توقعاتهَا : إتقبلتَ إدارة أعمال يا أمِي
نظرت إليه بسعادَه ثم إحتضنته بعينانِ دامعتان : في جامعة الخرطوم الدايرهَا يا سليم..؟
أجابها نافِياً : لا ؛ في جامعة الجزيرة بس هي كمان من أقوى الجامعات السُودانية ، مع إنها كانت آخر رغبة بس كلّو لي خِير
سألته مجدداً : بإختصار يعنِي إنت هسي مبسوط يا سليم ولا لا؟
أومأ برأسهِ أن "نعَم"
أطلقَت زغروته عاليِة ثم هرولت إليه أختهُ لإحتضانهِ في ذات اللحظِة
ــــــــ
مرَّت أيام ما قبلَ السفَر بخطَى بطيئة وثقيلَة ، كانت صَديقتها العنُود تكرّر على مسامِعها مراراً أن تسعى لما تُريد وهِي التِي حُرمت من الدراسَة الجامعية بسَبب قرارات والِدها الطائِشه فتلاشَت أحلامها بأن تُصبِح صحفية يُشار إليها يوماً ما بالبنَان ، وما بينَ تجيهزَات للسَّفر والتودِيعات السابِقة لأوانِها كانت مشاعِر فهَد المدفونَه بينَ طياتِ قلبهِ تؤرقَه وفِكرة ذهابها للجامعَة تنكِّد عليهِ
وما بينَ تجولاتها مع العنُود وسَارة في الأسواق لِشراء ما يلزمهَا مضَت الساعَات كما ينبغِي لها أن تمضِي ، رُوح أصبحت تحمِل بداخِلها الكثِير من الأحلام والآمال التي لطالمَا خطتهَا على صَفحاتِ دفاتِرها ؛ تِلكَ الدفاتِر التي كانَت تحملُ مخاوِفها وأمنياتهَا وهاهِي الآن ذاهبه إلى قدرٍ مجهول قَد يخبئ بينَ ثناياه خيرَاً ؛ أو يكشّر عن أنيابه في وجههِا البرَئ الذِي يستقِر من وراءِ حِجاب
ـــــــ
أمام بوابة منزِل عبد الله:
أم فهَد : يلا توصلِي بالسلامَة يا بنيتِي وخذِي بالك من نفسِك ولا تنسِي اللي وصيتِك عليه
سارَه : فهَد بلييز خلنِي أروح معاك المِطار
قاطعها : لااا موبناقِص صداع .. يلااا كُلي تِبن
ضربتهُ على كتفِه : يا الغِلس
إستدارَت نحو روح التَي قامَت بإحتضانهما ثمَ دلفت إلى السيارَه في المقعَد الخلفِي وأغلقَت البَاب
ــــــ
على طرَف المدِينة:
وِداد بنبرَه قلِقه : هسي يا محمّد كان خليتنا نمشِي معاهو المطار على الأقل
محمّد : ما بيحتاج يا وِداد ، الولد كِبر ودي ما أول مرّه يسافِر براهو، خليهو يتعود على المسؤولية من هسِي ؛ بعدين أنا موكِّل ليهُو دلِيل بعد يصَل حيقعُد كم يومين كَدا في البيت وبعدهَا حيمشي معاهو مدنِي
ردّت عليه بحنَق : مسؤولية الشرِكة دي حاجه ، وإننا نمشِي معاهو المطار ونقيف جمبُو دي حاجَه تانية
ربّت على كفِها مُطمئناً : ما تسوِي من الحَبه قُبه يا وِداد ، إن شاء الله بيصل بالسلامَه وبتتطمنّي عليهو
رفَعت يداها إلى السّماء : الله يحفظَك ويغتِيك يا ولدِي ؛ الله يوصلّك بالسلامه
نهَضت من مكانها : كدي النقُوم أقرأ ليهو ياسيِن
ـــــــــ
مِطار الملِك خالِد | الريَاض
جلسَت بالقُرب من فهِد على إحدى المَقاعِد فِي إنتظَار نِداء الطائرة التِي ستُسافِر على متنهَا ، لم تحادِثه مطلقَاً فالصمتُ في هكذَا مواقِف ربما كانَ أبلَغ ، أما هُو فقد إكتفَى بالنظَر إليها بينَ الفِينة والأُخرى كأنمَا يحاوِل تخزِين ذلك المشهَد في داخِله
- على مسَافة غير بعيِدة :
كان منتظِراً هُو الآخر نِداء طائرته
فجلسَ بشرُود يراقِب المارّه تارةً ويعبثُ بهاتفه تارةً أخرى ، إسترجِع برتابَه وصايا والِدته الكثيرة ومشهد وداعها بإحساس يملأه الأسى والشوق ، لكنه الآن على مشارِف الجامعَه ولقَد بدأت رحلته الحقيقية في الحيَاة للتو ، المسؤولية وحُرية التصرُّف .. رغم أنها رِحلةً خاضهَا نزولاً تحتَ رغبات أبِيه
لكنّ فتاةً منتقِبه ذات عيُون بلونِ العسَل شدّت إنتباههُ ، فبدَت له مألوفَه ، وسرعان ما ضحِك من نفسه ساخِراً ؛ هَل سيشعُر بالإلفَه تجاه كُل من ت
ما إن لمحهَا واقفَه كأنها تنتظر أحداً ما ؛ بادرهَا قائلاً : كان حِوار عمِيق بمعنى الكلِمة ، سعيِد جداً بإنو في ناس لسّه بتقرأ كتُب زي دِي
أجابتهُ : وأنا أسعَد
أشار بإبهامه إلى نفسِه : أنا إسمي سلِيم
عضَت شفتها السُفلى تحتَ نقابهَا فهِي عادةً لا تحِب التعريف عن نفسِها أو الإحتكاك بالغربَاء لحدّ معرفة المعلُومات الشخصية ، لكنها نطقت إسمها بإختصار : رُوح
رفعَ أحد حاجبيهِ متعجِباً : إسم مُميّز ؛ عالعمُوم إتشرفنَا يا رُوح ، وفرصَة سعِيدة
رُوح : شرّف الله قَدرَك ؛ طيب أنا أستأذَن
جرّت حقائبها مُبتعِدة
ووقفَ هو في مكانه وعلى وجهه إبتسامه صغيرة ؛ قاطعه صوت أحدهُم حاملاً لافته بإسمه : البلد نوّرت
صافحهُ مُبتسماً ثم غادَرا الصالَه
أما هِي فقد كانت تنظُر إلى ساعتهِا بإستمرَار : يااا ربِي .. بابا ده إتأخر كِدا مالُو؟ ما تكُون حاصلة معاهو حاجَه بَس
بدأت تُقلِّب نظَرها بينَ المُستقبليِن عسى ولعَل أن تجِد من بينهُم والِدها ، لكنها فجأة لمَحت وجهَ خالتهَا سامية مُلَوِّحةً لها بسعادة ، جرّت حقائبهَا بحماس ثم ذهبت في إتجاهِها
يتبع.....
