الجزء 13

589 14 0
                                    


*** ما تنسوا التصويت على الحلقات + التعليق ****

الخمِيس |28 يوليو 2011
جلسَت بفتُور على المقاعِد الحديدية المرتصِفة بإنتظام أمام القاعَة 1 بعدَ إنتهاء آخر جلسَة إمتِحانات ، كانَ الجَو غائِماً وخريفيَاً ، وقَد إكتسَت الأشجار الجافّة ثوباً أخضرَاً زاهِياً ، تلكَ الخضرَه كالعَدوى إجتاحَت الأرض الممتدَه بينَ الممرّات الأسمنتية والساحَات الواسِعه المُتصحِره فأحالتهَا لأراضِي خضراء جمِيلة تبهِج الناظِرين إليها ، كانَت الجامعَة في أبهى حلتِها كما لَم تعهدهَا من قَبل بل متغيّرة بشكلٍ كُلِّي ، فهي أجمَل ما قد تصبِح عليه طوال السنة في فصل الخرِيف
أخرجَت الهاتِف من حقيبتهَا ، وأدخلت رقمَاً ما ثم إنتظرَت الرّد
رُوح : سلااامات ، إمتحنتِي كيف؟ ووين إنتِي حالياً؟
ساريَة : الحمدُ لله كان كويس ، أنا قِدام قاعة الشُهداء ، لسه يادوب طالعَه من الجَلسة
رُوح : ممتحنه متِين تاني؟
أجابتها : آخر جلسَة بعد بُكره
رُوح : ريّان ماشه بيتهم الليلة وحتمشي ترتّب حاجاتها ، عايزاك تمشي معاي مكَان كِدا!
سارِيه بحمَاس : حنطلَع !!
خاطبتها بلهجَة ساخِره : هسي دي حالة زُول ممتحن بعَد بُكرة ؛ كدي تعالي بَس
لم تمُر أكثر من دقيقتان حتى وجدتها أمامها نسبةً للمسافة القريبة بينَ القاعتين
إقتربت منهَا ثم سألتها بفضول : أها حنمشِي وِين؟
أجابتهَا بعد أن أخذت نفساً عميقاً : متحمسه كِدا .. إنتِ لسه ما خلصتِ ي إمتحانات تطلعي وين يعني!
نظرت إليها بحنق : خلاص ما تشغليها لي ، أها المكان الماشين ليهو وِين لو ما برا الجامعه؟
رُوح : تتذكرِي ود عمِي القلت ليكِ بِدَرِّس في كُليتكُم
أجابتهَا : محمّد ولا أحمد ما متذكره ؛ أها مالُو ؟
رُوح : كلُ مرّه يقول لي ما قاعد ألاقيِك وعمل لي موضُوع مع عمِي ، وهسي عشان إنتهيت حلَف إلا يعزمني برا وأنا ما عندي شغلَه بالفارغة دي فااا قلّصت العزومة دي لي قهوَة بس في العمَادة
ساريَه : حمستينِي في الفاضِي ، جايباني من هناك عشان قهوَة ووين! ..في العمادَة؟
قاطعهُم صوت الهاتِف ، أجابَت : أيوه ، ما نسِيت والله ، طيب أديني 10 دقايق كدا
ضربتهَا على كتفهَا : قومِي أرح ؛ حأغشى المشرف بتاعي وحنواصِل العمادة بهناك
زفرت بضيِق ، ثم حملَت حقيبهَا ونهضت خلفها

ــــــ


في ملعَب البلياردو بالجامِعه:
أمسِك العصا بحِرَفيه تامة ثمّ ركَل الكرات التِي بدأت تتشتت بإنتظام في مسارات متفرِعه
عمّار : وإنتَ يعنِي حاسِي إنك بتحبهَا وحتى وشهَا ماشفتُو ، دي ما دخلت عقلي كلو كلو .. ولا سمعت بيهَا لا في العصر الجاهلي ولا في حتى في الأفلام
ثبّت العصا على المنضّده الممتدّة ثم إتكأ عليهَا : يا عمّار الحُب ده ما شكليَات بس ، ما عارِف ليي الناس رابطِين موضُوع الحب بالجمَال..؟ دي السطحِيه بعينهَا
ماف أي علاقَه خالص بيناتُم ؛ الحب البيتبني على مقاييس شكلية ده إسمو إعجاب ، أما الحُب فعلياً فهو مُصطلح أرقى وأسمى من الماديات دي بمراحِل ، صدقني إنت لمن تحِب بالجَد ما بهِمك حبيبَك عامل كيف ولا عيُوبو شنُو .. بتتقبّلو زي ما هُو ، والبشَر عموماً بتعجبهم الحاجات الحلّوه ؛ بس ما بحِبو فِعلاً إلاّ الحاجات البِتَعنِي ليهم قيمَة حقيقية مهمَا كان شكلهَا
ضحِكَ عمار بصوت مرتفِع : برااافو ؛ والله لقيتَك فيلسُوف يا صاحبِي!
مدَّ إليه العصَا ثم ربِّع يديه بإنتظام : ما فلسفة بس ده الواقع المفترض يكون مُعاش في مجتمعاتنا ، ما عارِف بَس فيها حاجَه مختلفه ومألوفه في نفس الوقِت ، طريقة تفكيرنَا وحتَى نوعية الكتُب البتقراها.. بتشبهنِي شدِيد بغض النظَر عن إنها ش.ع وكدا .. ما عارِف بس ما بتشبهُم يا عمّار
ربّت عمار على كتفِه بقوه : كل قِصص الحُب بتبدأ بي"مختلفه عن غيرها" وبتنتهِي بي "كلهِن واحِد" ، فاااا ما عارف أقول ليك شنُو ، بس بما إنها منقّبه فاااا take care ، زي دي ممكن تخسرهَا لو إعترفتَ ليها بأي شَي ، العارفو إنو دِيل بحبو الزول يجيهُم بالباب عدِيل ، ما ناس اللف والدّوران
إبتسم : وهسي قايل ليهم (ديل) ليي كأنهم فئة ولا شريحه منعزله عن المجتمع! ، عالعموم أنا عمرِي ما فكرت ألعب ببنات النَاس وإنت عارفني كوييس
عمّار : وواثِق منّك كمان ؛ أها حجزتَ تذكرتك؟
أومأ برأسه : حأسافِر بعد يوميِن بإذن الله
توقّف عن اللعِب : يلااا الصلاة قرّبت ؛ أرح نشرَب لينا قهوة في العَمادَة ونغشى المسجِد ويا المكتبة جاك نفَر
وضعَ عمّار عصا البلياردو جانباً ، تناول هاتفه ثم غادرا المكَان

ــــــــ


في كافتيريا العمَادة:
جلِسا على إحدى الطَاولات البلاستيكية في الطابق الأرضِي يرتشفان القهوَة على عجَل
عمّار : دكتور أحمَد ده قاعِد ليهو فترَة ، شكلو منتظِر ليهُو زول
سَليم : ما عَليك بيهو ، أنا أصلاً ما قاعد أهضمو ، أشرَب سريع وخلينَا نتخارَج ورانا قِراية ، وفِي نفس اللحظَة دخلَت رُوح وصدِيقتها سارِية إلى الكافتيريا ثم جلستَا قبالة د/أحمد ، فرحّب بهما بحفاوَة ، لكنّ ساريّة نظرت إليه بدهشَه لم تستطع إخفاءها فنطقت بإسمه لا إرادياً : د/أحمد..؟!!!!
أجابها بنبرَة مشابهة متصنّعاً عدَم تذكُرِه لإسمها : لو ما خانتنِي الذاكره فااا إنتي الطالبه فاديَه ولا ناديَه تقريباً !
ثم مدّ يده إليها مصافحَاً ، تذكّرت سارية كلّ المرات التِي قام بطردهَا فيها وهاهُو الآن يدّعي عدم معرِفته لإسمها يا لهُ من متعجرِفٍ حقاً ، أجابتهُ بجدّية : ساااريَه .. وعفواً ، أنا ما بصافِح يا دكتور
أرجَع يده مُحرَجاً ثم نظرَ إلى رُوح : شكلو كدا عاديتِي معاك الجماعَه دِيل
أجابته بعدَم إستيعاب لمَا آل إليه الحُوار : أحسَن عدوَى ، وين المشكلة؟

ــــــــ


على الجانب الآخر من كافتيريا العمادَه:
نظرَ إليها بعدَم تصدِيق ، بدأت الأسئله تتضارَب في رأسه ، ما الذي يمكن أن يجمع طالِبة الهندَسة بأحد أساتذتهِ في الكُلية ، قطع شروده عمّار مُتسائلاً : مُش دِي البت الكنتَ قاعد تحكِي لي عنها قبِيل ؟ بتعرِف د/أحمد من وِين؟
ردّ بضيق : ما عارِف ياعمّار .. ما عارِف
ثم وضَع كَوب قهوه قبل أن يُكمله على الطاوِله وغادَر مُسرعاً إلى الخارِج

ــــــــــــ


بالقُرب من موقف أمجاد الجامعَة:
ودّعت صديقتهُا ريّان وأمطرتهَا بسيلٍ من التهانِي السابِقه لأوانها بشهرِ رمضَان ، إثرَ مغادرتها إلتفتت إلى سارِيه ضاحِكة : طبعاً مسلسل هندِي بس!
أجابتها ساريَة بدهشَة لم ينتهِي مفعولها منذُ لقائه : ياااخ مبالغه ، معقولة أنا الوقت ده كلُو بنداح وبشتُم في ود عمِك
أجابتها ضاحِكة : أنا زاتِي إستغربتَ ؛ ده من شافِك ملامحو الحجرية ديك إتغيّرت هههه
ضربهَا على كتفها بخجل : بطلِي تفاهة ، د/أحمد ده آخر بني آدم أتوقع يكون عندو تِجاهي ذرّه شعُور
رُوح بضحكَة ساخِره : أنا شخصياً ما أكذب عليك دي أول مرّه أشوفو مُتلبِش كِدا ، فاااا غايتو شُكراً خليتيني أشُوف اللّحظة دِي قبل ما أمُوت
ضربتهَا على كتفها : بس أنا ما لاحظتا
رُوح : ما علينا ، المهم حكاية المصافحَة دي جد جد ولا وليدة اللحظَة؟
ساريَة :كنتَ عايزة أتسَدا ولَو جزء صغير مِن إحراجاتو لِي قدَام الدُفعه لكِن تصدِقي عجبتنِي الفِكرة وشكلو كِدا حأخلي المُصافحة دي نهائِياً
رُوح : يا ريت والله
سارية : تصدقي بس ..حأشتاق ليكِ ولهبالتِك دي
رُوح : وأنا كمَان ، يلا يلا .. ما بحِب الوداع أنا من قبيِل هربانه مِنكُم بس لقيتُوني وختيتُوني قِدام الأمر الواقِع
ثم بدأت بتوصيتهَا على الإجتهاد للمادة الآخيرة وغادرت إلى سكنهَا الخاص لتستعِد للذهاب إلى القريَة مع عائِلة عمِها لقضاء عُطلة رمضَان هناك حسب توجِيهات والِدها القادِم إلى السُودان مساء يَوم غَد

يتبع.....

غربة روححيث تعيش القصص. اكتشف الآن