الخمِيس |14 مارس 2019
بعدَ أن أرهقهَا التفكِير في الأمر لم تجِد مهرباً ولا مخرجَاً سِوى الموافقَه على عرضِ والدِها ، يبدُو حلاً مُناسباً وسرِيعاً ، الحيَاة لن تمنحنَا ما نرِيده دائِماً بل غالباً ما نجِدُ أنفسنَا مجبرِين على القبُول بالأمرِ الواقِع والرضَى بالخيارَات المؤقته والمتاحَه ، ربما ندُوس على مشاعِرنا أو نتجاوزهَا لكِي لا نقعَ في وحلٍ يصبح الخروج منهُ مستحِيلاً ، كانَ عليها أن توقِف التفكِير في سليم الفارِس المُنتظَر ، الفارِس الذِي تأخرّ وصوله كثِيراً ربمَا أكثر مما يقتضيه الأمر ، هل أضاعَ الطرِيقَ إليهَا .. أم أنّ حِصانهُ الأبيَض مرِيض، لا مفرَّ من شخصٍ تَراهُ أخاً ويراهَا حبيِبه ، تراهُ عائِله ويراهَا زُوجَه ، لا مفرّ أبداً سوى أن تقحمَ نفسهَا في خيارٍ جدِيد ، وأن تقبَل بشخصٍ لا تعرفهُ ولا يعرِفهَا
رفعَت سماعة الهاتِف ثم إتصلّت بوالدهَا قبلَ أن تجِف دموعهَا ، جاءها صوتهُ من الطرف الآخر : ألو بابا حبيِبي .. كيف أمسيتِي؟
أجابت دونَ أن ترُد التحِيه : بابا ، أنا... أنا موافقَه
ــــــــــ
في إحدى الضواحِي التابِعة لمدينة ود مدني:
خاطبتهَا والدتهَا بحنيَة : هسي يا بتِي كان شفتي ليك راجِل ما كان أحسن ليك
قبّلت جبينها ثم جلست بقُربها : شكلك كده قنعتي منِي وما دايرانِي يا أمي
قاطعها : بري يا بتِي ينقطِع لساني كان قصدي كدي ، بس شوفِي هدِي جامعتك الشغاله فيهَا قفلَت
ريّان : قفلت يا يمه ما للأبد .. حتفتَح ، بس عشَان الوضع يتحسّن ، عشان مرتبِي يبقى قدر جهدِي ، عشَان الحياة دي تبقى أحسن ، ولو نهاية التقفِيلة دِي خير إن شاء الله تقفل سنة
قاطع كلامهَا أخيها الصغِير مادّاً إليها هاتفها : ريّان ؛ موبايلك قاعد يضرُب
تناولته منه ثم دلفت إلى داخل المنزِل ، نظرَت إلى الرقَم الذي كان بدون إسم ، قطبت حاجبيها ثم فتحت المُكالمة : ألو ؛ السلاَم عليكُم
جاءها الصَوت من الجِهة الأخرى : ريّان إزييك ، معَاك عمّار
ردّت بإنفعال : عمّار..! ، لقيِت رقمي ده ويِن ؟ ، وإنتَ داير مني شِنو يا ود النَاس .. أنا ما بتكل..
قاطعهَا : أدينِي رقَم أبُوك
ــــــــــ
الساعة 12 صباحاً منتصَف الليل:
الرّياض:
منذُ أن أخبره والدَه بموافقة ابنَة صديقه عبد الله لَم يهدأ له بَال ، لم يستطِع النَوم ، هل تهوّر في إتخاذ هذَا القرار؟ ، هل يتراجَع الآن! ، أصبح التراجُع الآن معركة نتائجها خاسِرة ، وهزيمة محتملَه بخسائِر لا تحصيهَا أصابع يَده ، قطعَ رنين الهاتِف موجه تفكيرَه ، قام بالرّد : أهلاً يا أمَل ، خير في حاجَه!
أجابته من الطرف الآخر : قلتَ أتكلّم معاك شويه ، شايفاك لسّه أونلايِن ، و.. وأبارِك ليك وكدا وبتَاع ، أبوي كلمنِي وقال لي إنّك وافقت ، مبرُوك وربنا يتمم ليك على خِير
أجابها مختصراً حديثهَا : الله يبارِك فيك
أضافَت : رُوح بت عمو عبد الله دي الياهَا البت الكنتَ عايزاهَا ليك وكلمتَك عنها ، لكن وقتهَا قفلت لي الموضُوع في وشِي ؛ ما قادرة أوصف ليك مدى سعادتِي بقرارَك ده لأنها بالجد بت ما بتتفوّت
نهضَ من مكانهِ مشدُوهَاً عندمَا سمِع الإسم ، فنسبةً لأنَ موافقتهُ لم تكن برضَى منه أو رغبة حقيقيه نابعه من قلبه فلَم يكُن مُهتمّاً بمعرِفة إسم ابنة عبدالله ولا كيفَ تبدُو ولا من هِي أصلاً
سألها مجدداً حتى يتيقّن من الإسم الذي إلتقطته مسامعَه : قلتي لي إسمهَا رُوح؟
يتبع......