على متن إحدى البصَّات المُتجِهه إلى ود مدني:
عبدَ الله : شنو التغَلّي ده ، ولا خلاص كِبرنا على السؤال عن الحَال؟
رُوح : أكبر على أي زُول إلا عليك يا بَابا
عبد الله : مع إنو ما جيت السُودان من رمضانِين بس حاسي إني طولتَا شدِيييد ، الله يقطَع الغربه وسنينَا ، الشُغل كِتر علينا عشان محمّد مرتو عيّانه وشغّال معاي ولدو بدلو
رُوح : الله يصلِح حال البلَد ، وربنا يشفيهَا خالتو ما تشوف شَر يا رب
عبد الله : حال البلَد دي ما بيتصلّح طالمَا ماسكاها حكومَة الإنقاذ دي ، هم السبب في غربتنا وهم السبب في خراب البلد دي كلها ، كل يُوم الجنيه ماشِي نازِل قدام الدُولار ، أنا خايف يجِي يوم يحصِل فيهو 100
أجابته بأسَى : بالجَد بلد زي بلدنَا بالموارِد العظيمة دي ما مفروض يكون حالهَا كِدا ، السنيِن القعدتهَا في الجامعة الأوضاع إتدهورت شدِيد من بعد إنفصال الجنُوب .. كانت في مظاهرَات من شباب دارفُور في جامعتنَا طوالي ، والواجعنِي إنو ماف زُول شغَال بيهُم
عبد الله : ديل الحكومَة مرتكبة فيهُم مجازِر يا بتِي كيف عاد يسكتُو! ، عارفه .. من زمان نفسِي أعمَل فرع من الشركة هناك بس خايِف يكُون عليّ بالخسَارة ، وأنا مستثمِر في النهايه
رُوح : بتتهوّن بإذن الله ، على فكره أنا عملتَا الإختبارات الدُولية للغَه ؛ كنت عايزة أكلمك بس قلتَ بعد تظهر النتائج
عبد الله : كلام جمَيل ، وظهرت؟
رُوح : لسه ، بعد تظهر لو كانت كويسَه فأنا عايزة أقدِم لمِنحة ماستر ، أنا بحب البرمجَه دي شديد وصراحة نفسِي أتقدم فيها أكتَر من كِده
ردّ عليها بعدَ صمت : حتقدمِي المنحه لي وين طيب؟
أخذت نفس عمِيق : جامعَة مانشستَر
ـــــــــــ
بعدَ أسبوع :
مطعم بيتنَا :
رُوح : إفتكرتَ بابا حيرفُض بس فاجأني بي ردو
قاطعتهم ساريَة : أنا قدمتَ لوظيفَه في بنكَ الإدخَار ، لو شالونِي عايزة أشتغل في فرع الجامعَه عشان أكون قريبه من أحمَد
ريّان ورُوح : إحم إحم
ساريَه : راجلِي ياخواانا وخايفه عليهو مالكُم؟
ريّان : خلاص خلاص يا جولييت ما سألِنِّك ، المهم أنا عندي ليكُم خبَر يلا
توقفنَّ عن الأكل للحظة : شنووو؟
ريّان : المُشرِف إتكلّم معاي أمبارِح .. وحادرّس في الكُلية بعد أخلِص الخدمة
إحتضنتهَا سارية من جِهة اليمين ورُوح من جهة اليسَار : ريُونه مُعيده .. ريُونه مُعيدة
أغلِقت أفواههن بيديها : هششش .. الله يفضحكُم ، المطعَم كلُو يعايِن لينا
ــــــــــ
حي كرايست تشيرش |جنوب نيوزلندا
العاشِرة صباحاً :
حرم جامِعة كانتربري:
جلسَ على إحدى المقاعِد الخشبيَة الممتدّة أمام أحد مبانِي الجامعَة البيضاء الشاهِقه يتأمل المارّه بشرُود
لمحهُ صديقه الهندِي المقيم معهُ بالسّكن فاتجَه نحوَه ثم خاطبه بلكنه إنجليزيه هندية : هل أنتَ بخَير يا فهد؟
هزّ رأسه إيجاباً أن نعَم
ربّت على كتفه بلُطف : يبدُو أنك تشتاقُ لأحدٍ مَا ، جميعنَا كذلِك ، أنطر أمامك أنا لَم أسافِر لنيودلهِي منذُ 6 أشهُر ، عليكَ التحلِي ببعض القُوه والصبر فحَسب
إبتسم : شكراً على لطفَك راج
رَاج : ما رأيك أن أطبُخ لكَ بريانِي اليَوم عندما تَعود من المشفى؟ ؛ متأكد بأنه سيعجِبك
هزّ رأسه : حسنَاً ، سأحاول العودَة باكرِاً
ــــــــــــ
حي السيتي |لندن
كوبان مِن القهوَة وبعضَ الكوكيز على المِنضّده ، تصيِح : سمَر ..يا بت تعالَي لمِّي ألعابِك من الصالُون ، كلمتَك إنو دي أيام دراسَة بس ما تعدّيها لي لِعب
سارَه بنبرَه حزينه : لا تصارخِين عليهَا ، ترا العيال نعمه
أمَل : ما بتسمَع الكلاَم يا سارَه ، لكِن من ناحية نعمَة والله صدقتِي .. الله يرزقِك بالذُرية الصالحه يا رب
تتنهّد : آمِين ، مدت يدها للطاولة ثم أمسكت بجهاز التحكُم وقامت بفَتح إحدى القنوات الإخبارية
خاطبتها أمَل مازِحه : ما عارفَه الناس بيحضروا الأخبار دي كيف؟
تضحَك : والله ترانِي تعودّت ، لا تنسين إني خريجَه علوم سياسية .. وبحلّل الأحداث بعَد إيش رأيِك!
أمَل ضاحِكة : O my God .. محلله سياسيَه مرره واحده
ـــــــ
22 ديسمبر |2016
عَلا صوت المضِيفه:
{نحنُ الآن على مسافَه قريبة من مطَار الملِك خالد بالرّياض ، الطائِرة على وشَك الهبُوط ، الرجَاء من جمِيع الرُكاب ربطَ الأحزمة}
أغلَقت الكتاب الذِي كان بينَ يديهَا ثُم نظَرت إلى التوقِيع أسفَل الغِلاف "Saleem" .. مرّرت يدهَا عليه برِفق ثم إبتسمَت ، عاودَتها ذكريَات جمعتهَا بهِ في مثل هذَا الوَضع ، منذُ أن عرفتهُ ظلّت التساؤلات تنهشَها ، مشاعِرها تجاهه لم تستطِع تفسيرَها أو تقنينهَا تحتَ مسمى محدّد ولا حصرَها بينَ زوايا إطارٍ مَا ، كانَت تعرِف شَيئاً واحِداً فحَسب وهو أنهُ إستطَاع خلعَ بابِ قلبهَا المُوصَد بقُوه ، وإستطاعَ شغلَ حيّزٍ كبيِر له بينَ أفكارَها
همسَت بحُزن : ويِنك يا سلَيم!
ما إن أكملَت إجراءتِها حتَى توجّهت نحو صالَة الوصُول ، رفعَت هاتفهَا لتحادِث والدها الذِي وعدَها بإنتظَارها هُناك إلا أنه قاطعهَا بصوتِه من خلفها : السعُودِية نوّرَت
هرولَت بإتجاهِه وإحتضنتهُ باكِية : بابا ، والله واحشنِي ياخيتبع.....