الجزء 12

585 15 1
                                    



في إستراحة الطالِبات:
جلسَت روح مع صديقتها ريان للمراجَعة للإختبار الذي سيسبُق بداية الدرس ، وبما أن جميع المُتواجِدات كُنَّ فتيات فقد قامت رُوح بخَلع نِقابهَا ووضعته جانِباً ، مما جعلَ الكثيرات ينظرنّ إليها مشدُوهات ، كيفَ لفتاة بهذَا الجمَال أن تقُوم بحجبِ وجهها هكذَا بينمَا تسعَى معظم بنات جيِلها للفت الإنتبَاه وشَدّ الأنظَار بأي وسِيله
إقتربَت منها مجموعَة منهُن كُنّ منشغِلات بوضع بعض مساحِيق التجمِيل لكن فضُولهُن تجاههَا جعلهُن يتعرفنّ عليهَا وسُرعانَ ما بدأنّ ينهمرنّ عليها بالأسئِله والإستفسَارات
بادرتهَا سُهى بفضُول : هسي النقَاب ده ما بسَخن بيَك ، البعرفُو إنو اللون الأسود بيمسِك السخانَه؟
أجابتها بإبتسامَة : إذا ما قِدرت ألتزِم بأمر ربنَا بالحجَاب عشان شوية سخانَة فكيف حأتحمّل حر جهنَم بعدِين ، ومنُو الحصَر لون الحجَاب على السّواد ، تقدرِي تلبسي أي لُون تانِي يكوُن هادِئ وما مُلفِت
قاطعتهَا مآب : أنا حأتحجّب لما ربنَا يهديني ؛ وأدعي لي معَاك!
أجابتَها رُوح : إتخيلي لو كُلُّ عاصِي في الدنيا دِي كانت حجتو قِدام ربنَا يوم القِيامة (يا رب إنتَ ما هَديتنِي!) ، طبعاً عذُر أقبح من الذَنب ؛ ربنَا أدانا كلنا العَقل والإرادَه يا مآب عشَان نميِّز الصح مِن الغلَط ، الموضُوع في النهايَة بيرجَع ليك إنتيِ بَس
هزّت مآب رأسها موافِقة لكلامهَا ثمَ خاطبها قائِلة : أنا شخصياً بعرِف بنات مُحجبات كتير تشوفيهُم تقولي ما شاء الله ، لكِن سُمعتهم في الواطَه يا رُوح ، عشان كِدا والله كرهتَا موضوع الحجاب دَا ؟
أجابتها بحمَاس : طيّب ليي ما تكونِي إنتِ قُدوة ونموزَج طيّب وتعكسِي صورة كويسَه عن النقَاب
قاطعتهُنّ سُهى : أنا بصُوم وبصلِي وبعمل خير كتيِير الحمد لله ، والدِين دا ما حِجاب بس ، وبعدين ثقتِي في ربنا كبيرَة لأنو غفورٌ رحيم
ربِّتت على كتفهَا برفق : شُوفي يا سُهى .. الأمرِك بالصَلاة والصُوم هو نَفسو الأمرِك بالحجَاب ، حتآخدِي جزء من الدِين وتخلِي الباقِي مثلاً
شاركتهُن صديقتهَا ريّان بعد أن وضعَت أوراقها جانِباً وإنتبهت معَ الحوار : عارفَة يا رُوح أنا أهلي قالوا لي لو إتنقبتِي ما راضيين عنّك ؟
طيّب يا ريّان ، إنتي مفروض تقدمِي طاعَة ربنّا علي طاعَة أهلِك ؛ عشان حيجي يوم ربنا قَال عَنو (يومَ يفِرُّ المَرءُ من أخِيه * وأُمِهِ وأبيِه..)
خاطبتهَا مآب بنبرَه عفويَة بعد أن وضعت يدها منتصَف خصرهَا : طبعاً إحنا البنات عندنَا حُب فِطري للجمَال ، فااا زيي وزَي غيري بحب أكون جمِيلة ، وبصراحه أكون واضحه معاااك أنا بحب كل العيُون تكون عليّ ، بعدِين مُش الجمَال نعمة وربنا بقُول (وأما بنِعمةِ رَبِّكَ فحدِّث..) طيب وين المُشكلة؟
ضحكَت روح على حركاتِها العفوية أثناء كلامها ، ثم أمسكت بطرفِ كفهَا : عارفة يا مآب إنتِ كِده فاتحه (شرِكة تحوِيل رصِيد سيئات) ، كُل واحِد يعاين ليك ويفتتِن بيك حيكُون عندك copy|نُسخه من ذَنبُو في ميزان سيئاتِك ، كم عين بتترفِع تعاين ليكِ وإنتِ ماشه وأحسبي السيئات الحاتلميها في اليُوم ، النِعمة يا مآب جزاهَا بالشُكر مُش بالجحُود بإنِك تعصِي المُنعِمها عليك .. وحجابِك ده شُكر لربنَا لنعمة الجمَال دي ، كونِي جمِيلة ما مُشكلة قِدام قرِيباتِك ، صَحباتِك وأحفظِي جمالك دا للبستحِقوا بعدِين وما تكونِي متاحَه ، صدقيني إنتِ أغلى من كدا بكتيير
قاطعتهَا سُهى مُجدداً : طيب هو البِستَحِقو ده زاتوو حيجي كيف ، ما لازِم أتزيّن وأتجمّل عشان أجيبُو ولا شنُو يا بنَات..؟
أجابتها رُوح بتَساءُل : يا سُهى العريس ده رِزق من ربنا ولا لأ..؟
سُهى : أيوه رِزق طبعاً
رُوح : هل مِن المعقُول إنو حجابِك اللابساهو طاعةً لأمر ربانِي يحرمِك من رِزق؟
ده جلّ جلاله بيقُول : (ومَن يَتقِ الله يَجعَل له مَخّرجَاً ويرزُقه مِن حَيثُ لا يَحتَسِب..)
بعدين الناس البتبنِي إختيارها لشَريك حياتها لمجرّد الشَكليَات ديل أكتر ناس سطحيين في الدُنيا دي ، الله لا يبلِيك بواحد منهُم لأنو لا قدّر الله أول ما تحصَل حاجه وتشوِه جمالك حيمشُو يفتشُو لي غيرُو
سُهى : طيب الناس كُلها كِدا ، وأنا عايزَة أكون بت عَادية زيي وزَي باقِي البنات الكُتار ديل!
إبتسمت : ربنا بيقُول يا سُهى (وإِن تُطِع أكثَر مَن فِي الأرضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ الله..) ، إنتِ ما مُلاحظة إنو في القرآن دايمَاً الكثَرة بتجِي معاهَا (ولكِنّ أكثَر النَاسِ لا يشكُرُون ، لا يفقَهُون ، لا يعلمُون ، لا يعقلون...إلخ) ، ما تكونَي إمِّعه (إذا أحسَن النَاس أحسنتِي وإن أسَاءوا أسأتِي) ، فااا خليكِ إنتِي صَاح بغَض النظر عن النَاس الحوالينِك
قاطعتها فتَاة جالسه في زاوِية الإستراحة كانَت تُتابع الحِوار منذُ بدايتِه : إنتيِ ما شَاء الله عليكِ سمحَه وكِدا ، بَس أنا ما جمِيلة وما بفتِن زُول عشَان كِدا ماف أي سَبب بخلينِي أغطِي وشِي من زُول ..؟
سؤالِك كويس يا أُخت ، طيب أبشِرك بحاجة تفرِّحك ، بتعرِفي الحُور العِين صح!
بإلتزامِك بالسِتر والحجَاب حيجِي يُوم تكونِي فيهو أجمَل منهُم كلهُم ، الجمال الدائِم والخيالِي ده واحِد من نِعم كتيير مُستنيّاك فِي الجنّه إن شَاء الله لو إلتزمتِي بأوامِر ربنا ، والله يوعِدنا بيها كلنَا يارب
رددّ كُل من في الإستراحَه بعد أن أصبحوا متابعيِن للحوار : اللّهم آمييين
حدِّثتها إحدَى الفتيَات : والله حِواركُم ده جمِيل ولفَت إنتباهِي لأنو أنا خاته الفِكرة دي في رأسي من زمَان بس خايفَة أفِكُو تانِي وأكون بلعَب بالدِين..!
رُوح : كلامِك جمِيل يا أُخت ، تصدِّقي إنو أكتَر دُعاء كان برددّوا الرسُول عليهِ الصلاة والسَّلام : (اللّهُم يا مُقلِّب القلُوب والأبصَار ثَبِث قلبِي على دينَك) ، إتحجبِي وكتِّري من الدُعاء ده وإن شَاء الله ربنَا حيثبِتِك
قاطِعتها فتَاة يبدو على هيئتهَا بعضُ الإلتزَام : الدين فِي القلب وأنا نيتِي بيضَاء ؛ مش الأعمَال بالنيَات ولكل إمرئ ما نَوى ، ده الرسُول عليه الصلاة والسّلام بيقول : (إنّ الله لا ينظُر إلى صُوَركم ولكِن ينظر إلى قلوبِكُم..)؟
أجابتها رُوح : لو نيتِك بيضاء فِعلاً زي ما بتقولِي خليها تَنعكِس على مظهرِك ؛ كمان ما تنسِي حديث الرسُول عليه الصلاة والسّلام البقُول : (ليسَ الإيمانُ بالتمنِي ولا بالتَحلِي ولكِن ما وقرَ في القلبِ وصدَّقه العمَل).. ملاحظة إنو ما وقَف على عبارَة "ما وقرَ في القَلب" بل كمَّل وقَال : "وصَدَّقهُ العمَل"
سألتها إحدى الجالِسات : عايزَة أقول إنو العباية ذاتهَا تبرُّج أكتر من الإسكيرتِي والبلوزه ولا شنُو ياخواانا؟
هزّت روح رأسها إيجاباً موافِقة لما قالَته الفتاة ثم إلتفتت إليها : أنا معاك إنو في ظاهِرة منتشرة اليومين دِيل وإنو في عبايات ما ليها علاقه بالحِجَاب ومخصّره ومزركشَه وكدا ، بس الواحده تحاوِل تختار العباية الواسعَه الساترَة وما تكون مُلفِته ولا لُونهَا صارِخ
الحجَاب يا حلوات ما حاجه رجعِيه زي ما الناس شايفاه ؛ بل مواكِب للتطور الحاصِل ، في مُنقبات كتِير أنيقات في لبسهُم بدون ما يكون حاجه ملفِته فعلاً وشَاذّه
تنهّدت ريّان بعُمق بينمَا تنظُر إلى السّاعه : يا رُوح نحنا ما راجعنَا شي ؛ واللاب باقِي ليهو رُبع ساعَه
إلتفِت إليها : ما مشكِله يا ريرِي هو كوِيز ما فاينَل ، ثم وجِّهت حديثها للفتيات اللائي كُنّ يتابعن حديثهَا : أتمنَى أكون صححتَ ليكُم ولو جزء بسيِط عن الفِكرة الخاطِئه عن النقّاب وكِدا ؛ قد يكون موضوع اللبِس دا في نظركُم حُرية شخصية بَس يا ريت ما ننسى كلنا إنو علينا واجبات تجاه ربنَا وإنو اللبس الساتِر والواسِع واجِب مفروض ما خِيار زيو وزي الصلاة والصُوم
وأنا اللاحظتو إنو الناس هِنا بيعتبرُوا المنقبّة دي خلاص بِت متدينَه وواصلَه مرحلَه بعيدة من التقوَى في حين إنو دي الحاجه الوحيدة المفترض تكون طبيعية في مجتمَع بإعتبارو مجتمع إسلامي ، والغريبة إنها لو عملَت أي حاجه غلَط بتلقَى كل النّاس تعايرهَا بِيهو وكأنهم ما بيغلطُوا .. بس عشان هي مُنقبة ، في حِين إنو كلنَا بشَر وكلنا بنغلَط .. كَونوُا تلقِي بت مُنقبَة بتسمَع أغاني مثلاً أو بت منقبَه بتعمَل في تصرُف غلط ده ما بيدِيك الحق إنِك تعايريها أو تعايني ليها بنظرَه غِير أو تعتبريها مُنافقة .. وهي القررت تقرب من ربنا خطوة وخلت كل المتع وحاجات البنات عشان ترضيه ، الذنوب دِي إبتلاء من ربنَا يخوانااا وهي زيهَا وزي أي بني آدم تانِي ممكن تغلَط ؛ وإنتِ ما عارفة هِي بتعمل شنُو عشَان تكفِر عَن أخطاءَها دي مثلاً ، وباب التَوبه مفتوح للجَمِيع زي ما بقُولوا (إذَا لم تستَطع تركَ المعصِيه فلا تحرِم نفسَك من فِعل الطاعه) وكلُّنا خَطَّاؤون وخَيرُ الخَطاؤون التَوابُون
يعني بإختصار يا حلوَات في منقبات ملتزمَات وفي منقبَات بحاولوا لسّه ،..وغيرو وغيرو ، بس كلهُم بيجتمعوا في نقطَة واحده إنو النقاب بالنسبَة ليهم شِئ ثابِت زيو وزَي أي عبادة تانية زي الصَلاة وزَي الصُوم .. مُش كلنا بنصلي وكلنا بنصُوم وبالَرغم من كِدا ما زلنا بنخطِئ وبنذنِب كل يُوم ؛ فااا بَس قيسوا المَوضوع على كِدا ، المهِم ربنَا يهدينِي ويهديكُم حبيباتِي بالجد كان نفسِي نتناقَش أكتَر بَس اللاب بتاعِي قرّب
شكرتها الفتيَات بحرارة وصافحتها مآب ثم تلتها سُهى
مآب : بالجَد غيرتِي فكرتِي كُلياً عن الحجَاب
سُهى : حتَى أنا كمان ، أوعدِك إني أفكِّر في الموضُوع جدِياً من بُكره.. الدنيَا دي ما معروفَه وما معرُوف حنموت متِين حتَى ، فااا بس يعنِي شكراً ياخ
إحتضنهَا رُوح ثمَ ودعتهُن وغادِرت مع ريّان إلى المَعمَل
وعندَ وصولهُن إلى هنَاك
وجدنّ زملائهُن جالسُين على المقاعِد المتناثرة أمام اللاب ؛ قامت ريّان بسؤال إحداهُن : يا شَهد وقت اللاب مُش جاء! مالكم قاعدِين برا
شهد : الكهربَاء قطعت ، عشان كدا الأستاذ لغَى الكوِيز
إستدارت إليها رُوح بسعادَه : إنتِ جاده ، ماف كوِيز؟


يتبع....

غربة روححيث تعيش القصص. اكتشف الآن