الجزء 23

504 10 0
                                    



صباحَاً:
أمام مكتبَة الجامِعه :
جَاك : تِلكَ الإرهابية قامَت بعمل وجبَه كبيرَة البارِحه ، إنها تحاوِل إستقطاب النَاس لتدعُوهم إلى دينهَا المُتطرِّف
مارتِن مترددِاً : لكننِي ألقيتُ عليهِم نظرَه سريعة .. كل الكلام الذِي كانوا يقولونه عن دينهِم كانَ طيبَاً ولا يرتبِط البتَه بالإرهاب وما نعتقِده جميعنَا عن المسلمِين
قاطعهُ ديفيد : نعَم ، الأمر كما وصفهُ لك مارتِن بالضبط ، ألا تعتقِد أننا رُبما قَد نكونُ مخطِئين بشأنهِم؟
إنفعَل فيهم وإشتاطَ غضِباً : ماذَا .. هل ذهبتُم إلى مأدِبتهِم أيها الحمقَى؟ ، هؤلاء أتبَاع داعِش وتنظِيم القاعِده ، ليسُوا إلا حِفنةً وحثالة يريدُون أن يغسلُوا أدمِغة النَاس ، إنهم قَتلَة بوجهين ، لا تنسوا أنهم قد تسببوا فِي مقتَل والدَاي
قاطعتهُ كريستيِن : إهدَأ يا جاك ، فالأمر لا يستحق منك كلّ هذا الإنفعالِ ! ، أن يقتُل أحدهم والديكَ ..فهذَا لا يعنِي أنهم جميعهُم على نفسِ الشاكِلة ، إن كان التعمِيم هو طريقتكَ لرؤية الأمور لما لا تُعمِم
مجتمعنَا أيضاً بأنه مجتمَع مُدمن للمخدرَات ، هَل لأن هناكَ فئة قليلة من الناس تتناولهَا سنحكُم على المجتَمع البريطاني برِمته بأنه مجتمَع مدمِن ويتاجر بالممنوعَات؟ سيكونُ من الظُلم أن نحكُم على الآخرِين بهذِه الطرِيقه ، هذَا هُو الإرهاب بحدِ ذاتِه
، فالإرهَاب والتطرُف وجهان لعُملة واحِده ، أن تنحازَ لرأيِك ومبدئِك دون تقبُل الآخر ، لا يؤمنان بالوسَطِيه ، الإرهابيُون لا يعرفُون الرّحمه يا جاك ، ولا يؤمنُون بفكرَة الفَرد المُستقل فكريَاً .. إنهم ينظرُون إلى المجتمع بمنظور الكُتلة الكُلية .. أي أن المجتمَع يحمِل نفسَ الفِكر مهمَا إختلفَ أفرادَه وهذا التعميم خاطئ طبعاً ، لذَا عندما يموتُ أشخاصاً أبريَاء بسببهِم لا يشعرُون بالذَنب تجاههُم لإعتقادهُم المريض بأن هؤلاءِ الضحايا بالطبع يتبعُون لنفس الفِكر الذي يحاربُونه ويستحقون هذا المَوت ، هل ترِيد أن تصَل إلى هذه المرحِله ؛ أنت تعامِل المسلمين البريطانين بهذَا المفهُوم رغم أنهم لم يؤذونكَ مطلقاً فقط لأنهم يحملون نفسَ الدين لنفس التنظيم الذي تسبّب في مقتَل والداك ، إنكَ تتحوّل إلى وَحش يوماً بعدَ يوم .. وتدريجياً تتبنَى الفِكرة التِي تنادي برفضها ، إنكَ بهذه التصرُفات تتحوّل إلى مُتطرِّف آخر يا جاك
نظَر إليها بصَمت دون أن ينطِق بكلمة
كانَ كلامهَا منطقِياً بل أقوى من أن يقوم بالإعتراضِ عليه ، لكن كُرهه وولائهُ للفِكرة التِي نمت بداخله تجاه المسلمين منذُ صِغرِه منعهُ من الإعتراف بالأمر ، لقَد إستيقنتهَا نفسه إلا أنه كابرَ وعانَد بل زادَ إنفعالاً وغادرَ المكان وهو يصيح : أنتُم لا تعرفونهُم جيّداً .. لا تعرفونهُم أبداً
ولسوء الحَظ إصطدمَ برُوح في الممر المُمتد إلى داخِل المكتبة ، فوقَع حاسبهَا الشخصِي وتناثرَت الأوراق من يديها ، وعندما إنتبهَت لوجه جَاك المُحمّر بدا غاضِباً جِداً .. لكنه رمقهَا بنظرَه حاقِده ثم ردّد بصيغَة مُهدِّده : لَن أترككِ تعيشينَ بسلاَم أيتهَا المَرأة الغُراب ، ستندمِين ، تذكري هذا!
ثمَ مضَى فِي طريقِه دونَ أن يعتذِر
نظرَت إلى عائشة بخَوف : ماذَا يقصِد؟ ، هَل هو يقوم بتهدِيدي حقَاً؟!
عائشة : لا أدري ، لكن الجامعَة تكفَل حقوق الإنسان وتدرِج ضمن قوانِينها منع العُنصريَة والإعتداء على حقوق الآخرِين ، تستطيعِين تقدِيم شكوى بالتهديد ضده وسيتكفلُون بالأمر
هزّت رأسها نافِيه : هكذَا سيزدادُ الأمر سُوءً ، وسيكرَه المسلمينَ أكثر ، ربما ستتغيّر وِجهة نظرِه باللُطف لا بالعُنف
سألتها بفضُول : وهل لديكِ خُطةً ما ؟
رُوح : ليسَ بعد!

ــــــــــــ


لندن:
سارَه : ليش كِذا ، يعنِي اليوم ما راح تفطُر هنا؟
فهَد : عندِي شوية إستطلاعَات أبغى أسويهَا بمستشفى مانشستَر الملَكي ، بستأجر غرفه بفندق قريب وإن شاء الله يومين كِذا برجِع وبجيب معِي رُوح بعَد
سارَه بحماس : بقُولَك شئ بس لا تخبِّر رُوح ها ، أمي وعمِي عبد الله راح يجُون لندَن؟
فهَد : إنتِ مِن جِدّك ..؟
سارَه : إيه ..ع بالك بمزَح ، وبيقعدُون ويانا إسبوع إن شاء الله ، نايف قالِي لا تكلمين فهَد ، بس يلا خلي المفاجأة لرُوح بعد تيجِي ، صراحه ما قدِرت أمسِك نفسِي أكثر من كذَا
يضحَك : يا مُأمِّن سارَه على الأسرَار .. يا مُأمِّن الماء في الغربَال

ـــــــ


مساءً :
فتحَت باب غُرفتِها فلم تجِدها ، نظرَت إلى الساعَه على الحائِط كانَت تقترِب من العاشِرة ، دلفَت إلى غُرفة هِند وسألتها بقلَق : لماذَا لم تأتِي رُوح من الجامعَه إلى الآن ، لم أرها منذُ الصبَاح ، لقَد تأخرت كثيراً..
همست (إيش اللي أخرها للحزه!)
أجابتها : ربما هيَ في المكتبَه
عائشة : لكنها أخبرتني بأنها ستأتي باكراً اليوم ، وهي لا تطِيل دراستها لهذا الوقت بالجامعة ، أضافت : أخشَى أن يحدُثَ لها مكرُوه ، لقد قامَ جاك بتهدِيدهَا صبيحَة هذَا اليوم
نهضت من مكانِها فزِعه : ماذَا ، قام بتهديدَها؟

ـــــــــ


فندق لوثر كينغ هاوس| مانشستر
أغلَق باب غرفتهِ بتردُّد ، كانَ محتاراً ، أيذهب إليها الآن أم صبيحةَ يوم غَد!
هل يتقدّم بخطواتهِ أم يتراجَع!
نظرَ إلى الساعة ، تأفف : الوقت متأخِر
أطرق يفكِر ، ثم همسَ لنفسه : لازم أروح أشوفها الحِين ، إيش اللي يضمَن لي إني راح أعيش ليُوم بُكرَه ، أنا ما أقدر أصبُر ليِن تشرق الشَمس
واصلَ سيره عبرَ الممَر المُؤدِي إلى الطابِق الأرضي نحوَ بوابَة الخرُوج


ـــــــــ


على جِهة أخرى من المدِينه :
فتحَت عيناهَا بألَم لكنهَا لم ترَى شيئاً سوى السَواد فلقد كانتَا معصوبتين ب عُصابة سوداء ، حاولَت تحرِيك أطرافها لكنهَا شعرَت بحبلٍ سميك يلتفُ حولهما ، حاولت حتى أن تصرخ لكنّ فمهَا أُغلَق بشرِيطٍ لاصِق ، كانَت تتأوه من الألم ، حاولَت إسترجَاع آخر ما حدثَ معها .. لكن الصُداع قد بلغَ مبلغهُ من رأسها ، كلّ ما أسعفته بها ذاكرتَها أنها كانَت خارِجه من المكتبَه حينَ شعرَت بيدٍ خشِنة تضعُ منديلاً على فمها وأنفهَا وبعدهَا غابَت عن الوعِي


يتبع....

غربة روححيث تعيش القصص. اكتشف الآن