مطَار كرايست تشيرش|نيوزلندا
جلسَ على إحدى المقاعِد في صالة المُغادرِين منتظِراً نِداء طائرتِه ، كانَ باله مشغُولاً بها منذُ حادثة التفجِير لم يرفُّ له جِفن ولم يهدأ له بَال ، تذكّر إتصالهَا الآخيِر الذي حدثته فيه عن مبادرتهَا التوعويَه ، كانَ أفخَر ما يكوُن بإنجازاتِها وبطريقتهَا في رؤية الأحداث وتغييِر مجرى الأمور أينمَا حلّت ، فدبَّ حماسٌ في أوصالِه بعدَ تخيُّله للسيناريوهَات التِي ستحدُث خلال الأيام القادِمة ، رمى بفكرة تجاوزهَا وإخراجهَا من قلبهِ في قاعَ النسيَان
ـــــــ
الخرطُوم |حي الرِياض
تنهّد بإرتياح وبسطَ رجليه مسترخِياً : البلدِ دي فيها نكهة كده ما في أيِّ مكَان تاني ، لمة الأهَل والفطور في الشارِع .. يا سلاااام يااخ
أجابته وِداد بإبتسامة : كلُ حاجه هِنا بسيطَة وصادقَه يا محمّد ، الناس هنَا قلوبهم بيضاء زي اللبَن
قاطعتهما سُليمة : برا لبَن برا عصِير ، أنا ما عايزَة أصوم هنَا ، سفرونِي لندَن لأموله بس
إلتفت إليها سلِيم ضاحِكاً : حتى ولَو فسّحتِك كل يُوم ووديتِك شارع النِيل
قفزت من مكانهَا بسعاده : قُول أقسسسم
سليِم : جااادي معاك أنا
عانقتهُ : أيوه كِدا ، خلينِا نستفيد شوية مِن مواردك المادية والمظهرية دي
أمسك خدهَا بأطراف أصابعه : زوله مَصلحجيه من يُومِك
رمقتهُ بنظره خبيثَة : وعاجباني رُوحي كدا ، ياخ عالأقل خلينِي أقشُر بيك حبَه قدام صحباتِي
إلتفتت إلى والديها اللذان كان متابعَان للمشهَد : عاينُوا .. خلاص إقتنعت ، ما ماشه لأمل ، "رمضان أحلى في السُودان" مش كِدا يا سليم!
تعالت أصوات ضحكاتهُم على جملتها الآخيرَة
وِداد : الله يخليكُم لي
ــــــــــ
مدنِي | حي الدرَجة
تهانِي : والله يا بتِي إشتقتَ لرمضان وأجواءو الزمَان
ربّتت على كتفهَا برِفق : رأيك شنُو نفطُر بكرَه مع ناس أمِي ونعمَل لينا لمه كدا برانَا
تهانِي : يا رِيت والله
ريمَاز : خلاص أنا بكلِّم مصطفَى يوريهُم ، وإن شاء الله من بدرِي نجهِّز حاجاتنَا ونمشِي
ــــــــــ
1 رمضَان:
الثامِنه مساءً :
إرتمَت على السرِير بإرتياح ، كانَت منهكَة جداً ، لكِن ما فعلَته اليَوم مع بقيَة المتطوِعين كانَ يستحِقّ الجُهد
إتكأت هند على بابها تعبث بنظارتهَا السمِيكة : إحم .. أدِش ولا أرجع
رُوح : تعالي تعالي .. ورينِي رأيك بالحصل اليوم ده؟
هِند : أنا مِن جيت البلد هاذي ما حصَل مرّ عليّ يوم مثل هذا اليُوم ، صِج كان حاجَه إبداع .. واايد ونَاسه
أجابتهَا بصوت مُتعب : صراحة ما إتوقعتَ يجي أي أحد ، بس الناس هِنا بطبيعتهُم فضوليين فكانُوا بيسمعوا لكلامنَا بإهتمام شديد وإندهاش بنفس الوقِت ، إتفاجأت بآراءهُم قبل وبَعد .. قدر شنُو كانَت فكرتهُم مشوّهة عن الإسلام ، عارفة في طالبه هولنديه قالت لينا إنو أكتر شئ جذَب إنتباهها إنو إحنا مختلفين فكيف قِدر دين واحِد يجمعنا كلنا بالطريقَه دي
هِند : الحمدُ لله ، كان إيڤينت مُوفق وفكرَته جديده ، الله يوفقَج يا سُول ويحققلِج اللي تتمنيِه ، طيب إيش هو المشرُوع اللي يَايي؟
إعتدلت في جلستِها : تصحيح الفِكرة عَن الزَي الإسلامِي عامةً والحِجاب خاصّةً
قاطعت حوارهُما عائشة بنبرة إنجليزية متساءِله: يا فتيات أتُردنّ الذهاب لآداء صلاة التراوِيح؟
رُوح : ولِما لا ، هل تعرفِين مسجداً قريباً من هُنا؟
صمتت لبُرهة : ليسَ قريباً جِداً ، هناكَ مسجد ديدسبري على شارِع بورتُون
هِند : مانشستَر ليست آمنه ليلاً ، لما لا نُصلِي جماعة ثلاثتنا هُنا!
عائِشه : ok
ـــــــــ
مسجِد لندن الكبِير:
عقبَ إنتهاء صلاة التراوِيح توجّه ثلاثتهُم إلى سيارة عُصام المرتصفة على جانِب الطرِيق ، تحدّث عُصام بإبتسامه بعدَ دخلَ وأغلق الباب : أنا مبسوط إنو بقَى يجي معاي نَاس للصلاة ، والله متوّحد عدِيل ، يعني .. عادةً بجي برَاي
فهَد : وإحنا بعَد مبسوطين فِيك
نايِف : سبحان الله ، المسجِد عبارَة عن وطن عربِي مصغّر ، تلقَى فيه كل الجنسيَات العربيه
إلتفت إليه عُصام : مشهَد العرَب المسلمين بمساجِد أوربا مُشرِّف الصراحَه
ردّ عليه نايِف بنبرَة يتخللها الأسى : يا ليِت يجمعهم رأيهُم مثل ما تجمعهُم صلاتهُم
ما تشوفهُم إلا ومتقسمِين ، هذَا شيعِي وهذا سُنِي وهذا صوفِي وهذا وهَّابِي ومدرِي إيش ، صدق هشام الجَخ لمن قال :
"سَئِمنا من تشتُتِنا .. وكلُ الناسِ تَتكتّل"
يتبع.....