الثلاثاء | 25 أبريل 2017
على إحدى مقاعِد الإنتظَار بالقُرب من مبنى كيلبرُون التابِع لكلية الحاسِب :
أنهَت الفصل الآخير من كِتابٍ كانت قَد بدأته قبلَ إسبوع ؛ بسبب الضغط الدراسِي لم تكُن تجد الوقت الكافِي لمُطالعة أي كتاب خارجِي ، كانَت الأيام الأولى صعبَةً عليها نوعاً ما ، إبتلعَت النظرَات الفضولِية من الطُلاب وبعضَ الجمَل الساخِره المتناثِره هنا وهناك ، لكنهَا لَم تأبه فالأغلبية العُظمى كانوا يتعاملُون معهَا بأريحيَة وإحترام كما هو الحال في معظم مدن بريطانيا ، إلا أنها سترجِعت تلكَ النظرة الحاقِدة من جَاك طالب السنَه الآخيرة ، بدا لها وكأنه يحمِل كُرهاً عظيماً تجاههَا ، حتى أنهُ لا يُلقي عليهَا التحية ما إذا كَانت متواجدة معَ هِند زميلته بالقِسم ، هِند كانت تتبِع الإستايل الغربِي نوعاً مَا ، لذَا كان نادِراً ما يتِم مضايقتهَا لفظيَاً
كتبَت تلك الجُمله مجدداً في نهاية الكِتاب :
"في البدء تبادلنَا الكُتب ثم بعدهَا ..لم يعُد قلبِي في مكانِه!"
قاطعتهَا عائشة مُلوِحة بصحيفه تحملهَا في يدِها بلهجتهَا الإنجليزيَة المهجّنه : رُوح ، هل إطّلعتي على أخبار اليَوم؟
هزّت رأسها نافِية
أشارَت لها عائشة بإصبعها على أحد العناوِين : هناكَ مقالاً في صحيفة التايِمز يقول أن رئيس الحِزب المناهِض للإتحاد الأوربي بول نوتَال سوف يدرِج ضمن برنامجه الإنتخَابي قرار منع إرتدَاء النقاب في الأماكِن العامّه إبتداءً من يونيُو القادِم ، حتى أن حزبهُ يقترِح منع تطبيق الشريعة الإسلامية
وضعَت كتابهَا جانبَاً ثم أخذت منها الصحيفة وبدأت بمُطالعة الخبَر بإهتمام ، وفي تلكَ الأثناء مرّ بهِما جاك وصديقيِه مارتن وديفيِد ، كان يحمِل نفسَ الصحيفَه ، وما إن إقتربَ منهما حتى همس بصوتٍ مسموع : أتمنى أن يفُوز الحِزب المناهض للإتحاد الأوربي في الإنتخابَات ، حتَى نستنشِق بعضاً من الهواء النقِي
نظرَت إلى عائشة بأسى بعد أن غادر : إذا فاز .. هل هناك إحتمال أن يُحظَر النِقاب في بريطانيا حقاً..؟
ـــــــــ
حي السيتي | لندَن :
أمَل : والله ياسارَه عاديتيني بمتابعة الأخبَار وقراية الجرايِد دي غايتو!
تضحَك : كذا أفضل لِك ، لازِم الواحِد يكُون على معرفه وإطّلاع باللي يحصَل حولينَه
أمَل : طيب شوفتِي الخبَر الجابوه في قَناة BBC أمبارِح؟
قطبَت حاجبيها : أيّ واحِد فيهم؟
أمل تحاوِل التذكُر : تقريباً زي القالُوا إنهم حيحظروا النقاب في بريطانيَا
إبتسمت: آها تقصدِين تصرِيح نوتَال ، لا ما ظنيت ، بريطانيَا دولة ديمُقراطِيه ، بعدِين ما أعتقِد إنه راح يفوز أصلاً ، قد يحصَل إختلاف بس ما أتوقع القرار ذا يتنفذّ ، لا تنسِين أن عمدَة لندَن "صادِق خان" مُسلم ، مافي أي دولة أوربيه سبقتهم على كِذا
أجابتها أمل بعد لحظة تفكيِر : والله فِعلاً ما سبقهم عليها زُول ، طيب إنتِ حصَل إتعرضتِي لمضايقات بسبب نقابِك؟
سارَه : لا ما حصَل ، يعنِي مجرَد نظرات فضولِيه أحياناً
ــــــــ
الرِياض:
جلسَ على إحدَى الكراسِي الخشبية المتواجِده في حديقة المنزل على الباحه الخلفيه منه ، أخذ رشفَه من قهوته ثمَ تابعَ حديثاً كانَ قد بدأه قبلَ لحظات
محمّد : وإنتَ ما شاء الله كِبرت وبقيت قدر العرِس
ركّزَ مع كلماته ثمَ قطب حاجبيه : طيب والمطلُوب..؟
محمّد : عبد الله صاحبِي زول أصيِل وبعرفو من زمان وبعرِف أخلاقُو كويس ، وصراحَه نفسي نبقى أكتر من صُحاب .. يعني نسايب وكِدا
سلِيم مستغرباً : شِنو..؟؟
محمّد : أنا دايرَك لي بتُو يا سلِيم هَي ما..
نهَض من مكانِه غاضِباً قبل أن يُكمل له حديثه : ده قرار بيخُصني أنا يا أبوي ، قلتَ عايزني أقرأ إدارة عشان أمسك شغلك في الشرِكة ختِيت طموحاتِي بي جمبَه وقريتها عشانَك ، بس دي حياتِي ما تخصُص ولا مجال دراسَه عشان تختارو لَي ، ياريت تنسَى الموضوع دَه وما تجِيب لي سيرتُو تانِي
وضَع الكوب بغضَب ثم غادر مُسرعاً
ــــــــــ
مساءً | السكن الجامعِي
رُوح : أنا ما عارفَه الولد ده بيكرهنِي ليشنُو ، والله ما حصَل عملت ليهو حاجَه؟
هِند : لا تهتمِين فيه كِلش ، على الأرجَح يكرهِج علشان إستايلج باللبس
رُوح : كِيف ..؟
هِند : تعرفِين الإسلامُوفوبيا..؟
تومِئ إيجاباً : حَق المعرِفه
هِند : هذا واحِد منهُم ، كريستين رفيجته قالتلي إنه كان مُقيم بأمريكا وأمّه وأبوه ماتُوا في أحداث 11 سبتمبِر لمن فجّر أسامه بن لادِن مركز التِجاره العالمِي
ردّت : طيب وأنا علاقتِي بالتفجِير ده شنو..؟
هِند : ماكُو علاقه ؛ ممكن الواحِد منهم يكرهِج بدون سبب لمجرد إنِك مُسلمه أو محجبه
صمتت رُوح لفترَه ، ثم خطرت لها فِكرة تصحّح بها نظرة جَاك للمسلمين والإسلام كَدِين بعيداً عَن الإرهاب والعُنف المُشاع عنه في أوربا
رُوح : بتعرفِي عرَب مُسلمين في الجامعَه هنا؟
أخذت قضمة من الشوكلا التِي تحملهَا : طبعاً ، أعرِف طلاب من الإمارات والسعُودية والسودان ولبنَان ، ليش؟
رُوح : عايزَه أعرفهُم ، ممكن!
ــــــ
السبت | 29 أبريل 2017
كانَت تتصفّح الأخبار العالمِيه على هاتِفها ، أنباء عن تدهور الأحوَال فِي السُودان يوماً بعدَ يوم ، وأخرى عن سُوريا وفلسطِين واليمَن ، لفتَ إنتباههَا خبراً أسفلَ القائِمه كتبَ فيه :
"مجلس النُواب الألماني يوافِق على مسودَّة حظرَ النِقاب" ، أغلقَت هاتِفها وبدت علامَات القلق تطفُو على سطح وجهِها ، ماذَا لو حُظِر النقَاب هنا أيضَاً ، هل ستنزعهُ لتُواصِل دراستهَا أم ستتركهَا نهائياً وترجِع إلى السعودِيه ، كانَ عليها البدء سريعاً في تنفِيذ فكرتهَا فبدايةُ الغيثِ قطرَه وإن حُظيت مبادرتها بإهتمام مواقِع التواصل الإجتماعِي ربمَا تساهِم ولو قليلاً في تصحيح طريقة تفكيِر مئات الأشخاص حولَ العالم عن الإسلام وما يدعُو إليه ، كانَت تحتاجُ لإظهار الأمر بطربقة حضاريَة ومُعاصِره دونَ المسَاس بمبادِئ الدين ودعائِمه
نظرَت إلى ساعتِها التي كانت الساعه تشِير إلى الرابِعة عصراً ، نهضّت من مكانها وتوجهَت نحوَ إحدى القاعات لتلتقِي بالأشخاص الذِين أبدوا إهتماماً ملحُوظاً بفكرَةِ المُبادرة
يتبع......