الجزء 19

588 9 0
                                    



•الفصل الثالث :
• عالم جديد 


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأربعاء | 29 مارِس 2017
حي السيتي | لندَن
السابِعه صباحَاً
وقفَت بجوَار النافِذة المُطِله على نهرَ التايِمز والذِي يضُم ضفتيه سِياج جسرَ البُرج بعامُوداه الضخمَان اللذان يرتفعان كالقِلاعِ الملَكيه ، كانَ الجو معتدِلاً كمُعظم أيام السنَه التي تمرُّ على المدينة ، وقفت تتأمّل حركَة النَاس والقوارِب الصغِيرة التِي تسبح جيئةً وذِهاباً ، وضعَت كوبَ قهوتِها على المِنضدَة ، ثم إلتقطَت صورة للمشهَد الماثِل أمامها وقامَت بإرفاقِها مع نَص في مدونتهَا على الفيسبُوك :
تمامَاً كـ ضِفّتَي نهر التايِمز
المسَافَةُ بيننَا ثَابِته ، لكننا لا نلتقِي أبداً
بل نَكتفِي بالنهرَ الذي يفصِلُنا كعُذر
أم أنه سيأتي يومَاً ليربط بيننَا جِسرٌ بمتانةِ جِسر البُرج؟

ــــــــ


فِي المبنى المجاوِر:
كانَت تقُوم بترتِيب مظهرِه على غيرَ العادَه ، ناولته العِطر ثمَ إنكبّت على عنقَه لتعدِّل قميصه تحت البدلة
قاطعهَا : والله خلاص ، الكرافِته حتخنقنِي بعده
تضحَك : إنتَ لاقِي هو ، المحامييِن لازم يكونوا مهندمِين ومنظميِن ومرتبيِن ولا شنُو يا عصُومي!
واصلَت : على فِكرة أنا حأمشِي لسارّة بعدِين ، أختَهَا قاعدة معاهَا الأيام دي
قطب حاجبيهِ مستنكراً : ما كلّ مره بتمشَي ليها ، الجَدَّ شنو؟
رمِش بعينيها رمشَات متتالِيه بغنَج : عايزِين نتعشَى بره ، لأنو أختها بكره مسافرَه وكدا وحبيت أستأذن طبعاً
رمقها بنظرَه متشككه : وتاني؟
تتنحنح : وشوية بيزَات كِدا وبِتاع
يضحَك : كان تختصرِي كلامك وتقُولي لي دايرَه قروش من البِداية

ــــــــــ


ودمدني | النشيشيبه:
الرابِعه عصراً:
ريّان بنبرَه مازِحه : وشايفَاك الأيام دِي في الفِيس كترتِي جُرعات الحنِين ، شي ضفّتيِن وشي جسر ، وشي شنو ما عارفَه!
أتاها صوتهَا ضاحِكاً من الجِهة الأخرى : المشهَد ألهمنِي بَس
ريّان: الله يشوفنا ليك يا نهر التايمز يا البتلهِم الناس من كلوُد مونِيه لي رُوح ، أها وإنتِ حتعديها كدا لمتين إن شاء الله؟
تنهّدت : قادره إني أتجاوَز وقادرة إني أنسَى .. بَس أنا الما عايزَه ، عارفه لمن تعرفِي زول ويكون بشبهِك شديييد بتحسِي إنو خلاص بقى جزء منك
ريّان ضاحكه : لأ صراحَه ما عارفه .. يعني ما جرّبت الشعور ده قبل كدا
رُوح : حيوانَه
ريّان ضاحكة : أقول ليك شنو ، طيب فتشِي عنو إنتِ يلا إمكن عندو ظروف ، موقفك ذكرني الغنية البتقول "هانَت سنين الود عليه .. ولا المشاغِل نستو !"
صمتت للحظات : لأ .. هو الإختفَى من حياتِي بدون حتى وداع شَكلِي .. على أي أساس أفتش عنو ، ولو لقيتو أقول ليهو شنو؟ ، كل حاجه ما منطقية بالنسبة لموقفي ، بس لو عايزنِي حيعرف يصل لي كيف!
تضّحك : ياااا زوله ، طيب أديني معَاك حبّه كِبرياء .. كرامه لله يا مُحسنين
ضحكت رُوح على كلامها
ريّان : ياااخي فكينَا من السِيرة دي ؛ على فكره جيت قبل شوية من البَنك ؛ ساريَه بتسلِّم عليك
رُوح : البت دِي جنّت شكلها ، بكريشتهَا دي شغاله وحايمَه!
تضحَك : والله كلمتهَا وطنشتنِي ، شكلها خايفه على راجلهَا من الشلِب
قاطعها أحد الطُلاب : يا أستاذَه ريّان الليلة في محُاضرَة؟
أنهت محادثتها معَ روح بعدَ توصِيات ودعوَات بالتوفِيق في ما هِي مُقدمَه عليه
إلتفِتت إليه : طبعَاً فِي

ـــــــــ


الأحد | 2 أبريل 2017
تبعُد مدينة مانشستَر عن لندَن حوالي ساعتين بالقطَار ، أعلمهَا نايف أنه قَد جهزّ لها كلّ بيانَات الدخُول للسكَن والجامِعه وأعطاها إحداثيات المكَان (محطة إكسفورد رود | تاكسِي إلى السكن الجامعي في فَالوفيلد)
ما إن وصلَت إنتبهَت إلى المبنى البُني الضَخم ذو النوافِذ الزجاجية الكثيرة ، كانَت العمَارة تتكوّن من قرابَة العشرَة طوابِق ، السكن فيها مختلَط للجنسَين لكنهَا توفِر قاعَات وشِقق وممرَات أحادية خاصّه كلٌ على حِدا ، إختارَت رُوح الإقامة الذاتِيه للمزيد من الإمتيازات بسِعر خَاص ، الغُرفه تحوِي سرِير ومكتب خَاص للقراءه وخِزانة ملابِس وتِلفَاز ، أما المطبَخ والمرافِق الأخرى مشتركَه لأفراد الشّقه
بدَا المكان مُريحَاً ومُرتباً لكنه يفتقِر للخصوصِيه بعضَ الشئ ، تعرّفت على مرافِقاتهَا في السكَن إحداهُن من كوالالمبُور تُدعى عائِشه والأُخرى كويتيَة إسمَها هِند
قضت تلكَ الليلَة معهُن وقد أخبَرنّها عَن لوائِح الجامعَه وقوانينها ومرافِقها الرئيسية وكل ما يخُصها

ــــــــ


حرم جامعة كانتربيري |نيوزلندا
على الهاتِف :
نايِف : تِطمَّن ، السكَن مرره مُريح والمدينَه عمومَاً آمنه وفيها مساجِد ومسلمين كثِير
فهَد : الحين كُنت بتكلَم وياهَا ، شكلهَا سعِيده بوضعها الجدِيد ، بس أنا أخاف عليهَا ، اللي أعرفه إن مانشستر بليل موبآمنه مثل لندَن
نايِف : إيه ، نبهتهَا على كذا ، بس هِنا عادِي تشوف المنقبّات والمحجبات يمشُون في الشوارِع ما عليهُم خِناق ، نادِراً ما يضايقهُم أحَد
فهَد : ما وِدّي أخوفهَا ، بس الله يكفيهَا شَرّ الإسلاموفوبيا ، تعرِف زِين يكرهُون المسلمين والمنقبَات أكثر بعَد
طمئنه : ما عليِه تطَمن ، سارَه قالتلِي إن واحده من المرافقِات لها بالغُرفه من الكوِيت ، وطبعاً تقدّر تحوِل لسكن خَاص إذا موبمرتاحَه
يتنهّد : لازِم أجي بريطانيَا بنفسِي وأطمَّن عليها

ـــــــــ


الرياض
أغلَق حاسبهُ الشخصِي بعدَ أن أنهى عملاً إستهلَك معظَم ساعاتِ يومِه ، أعادَ رأسهُ المُرهَق إلى الخَلف ثُم إلتفتَ إلى المنضّدة التِي وُضعت عليها الأبجورَه ، لمحَ مجموعة من الكُتب قَد وضعَت بإنتظام فوقَ بعضها البَعض ، دفَع الكرسِي المتحرّك حتى أصبح بالقرب منها ، ثم جلس يتصفح الكتب التِي إستعارهَا مِنها ، فتحَ إحداهَا ثمَ حدّق فيهِ بذهنٍ شارِد ، فلاحظَ نصّاً صغِيراً على حافَة الصفحَه الأولى ، ولأنه كانَ يكرّه قِراءة المُقدِمات فلَم يلمحهها مِن قَبل ، عدّل جلستهُ ثم دقّق النظَر
كُتب على الحافّه :
"في البَدء كان تبَادُلاً للكتُب ، ثمّ بعدهَا...."|رُوح
تسارعَت نبضَات قلبِه إثرَ رؤيته لتوقيعهَا الذي كُتب بإهمال ، قرأها مِراراً وتِكراراً ،
وأصبح يضَع بعضَ النهايات من مخيلتهِ لإكمَال الجمله
ثم بعدهَا تبادلنَا المشاعِر
هزّ رأسه نافياً : لا
ثمَ بعدهَا أحببتهُ
ضربَ رأسه بيدِه : ده شنُو الغباء دَه!
كل ما تمناه في تلكَ اللّحظَه أن يرجَع بالسنيِن إلى الوراء ليسألهَا "ثُم بعدهَا ..ماذا؟"
تمتَم بصوتٍ خافِت مضيفاً ياء الملكية لإسمهَا : ثم بعدهَا ماذَا يا رُوحِي!!
قاطعت شرُوده سُليمَة بصوتٍ صاخِب : هَلوووو ، بابا عايزَك تِحت ، أغلق الكِتاب ثُم إتبعها بذهنٍ شارِد

يتبع......

غربة روححيث تعيش القصص. اكتشف الآن