الفصل 18 ( عهد )

122 7 0
                                    


رفعت نظرها لتصعق ببقعة الدماء التي غطت قميصه .. شهقت برعب واضعة يدها على فمها لتدخل رحيق في تلك اللحظة لتصرغ بفزع حينما رأت المنظر :" معتتز "

كان يعلم جيدا ما حدث ف هو شعر بجرحه و هو يفتح .. آلام مبرحة تحملها فقط لكي يهدئ سلمى .. فهي بالتأكيد لم تكن لتهدأ إلا في حضنه ..

نزلت دموع رحيق و هي ترا قميصه و بقعة الدماء الكبيرة التي إنتشرت فيه ..

نظر لها بهدوء مخفيا رغبته بالصراخ و قال متجاهلا دموعها :" واقفة عندك بتعملي إيه؟ "

إستوعبت الأمر و مسحت دموعها و هرعت إليه .. شقت القميص بقوّة فلم يكن هناك وقت لفك أزراره و بدأت بتعقيم الجرح و إيقاف تدفق الدماء و أعادت خياطة الجرح بمهارة بعد التخدير الموضعي رغم دموعها التي عادت للهطول مرة أخرى .. أنهت عملها بحقن معتز ب جرعة مخدر قوية .. ثم تنفست بعمق ما إن نام و ظلت تتأمل ملامحه بحزن .. لم تنتبه إلى سلمى التي قالت بهدوء :" رحيق "

رفعت رحيق رأسها و نظرت إلى سلمى و بدى أنها لم تنتبه لوجودها سوا الآن ف مسحت دموعها بسرعة و قالت :" الأستاذ معتز هيبقى كويس .. هو .. هو بس.. " هربت الكلمات منها فتقدمت سلمى منها و احتضنتها قائلة :" إهدي ؛ مينفعش يصحى يلاقيكي معيطة كده .. روحي اغسلي وشك و اظبطي مكياجك "

أومأت رحيق بحرج و خرجت من الغرفة .. إقتربت سلمى من معتز و قبلت جبينه بحزن شديد ، تأملت ملامحه و هو نائم .. دقائق و عادت رحيق إلى الغرفة فقالت لها سلمى :" رحيق .. ممكن تباتي معاه الليلة دي؟ أنا لازم أخرج ضروري و مش عاوزة حد يعرف.. ممكن ؟ "

رحيق :" أيوة طبعا .. متشيليش هم "

سلمى :" هو هيخرج بكرة عادي صح ؟ "

رحيق مبتسمة :" سلمى ، إنتي دكتورة .. يعني انتي أكيد عارفة إنه ممكن يخرج بس هيحتاج الراحة التامة و يفضل يكون في ممرضة مقيمه ف البيت علشان لو مكنتيش موجوده "

سلمى و هي تأخذ هاتفها و حقيبتها و تعدل مسحيق التجميل التي لم تصمد أمام بكائها :" طبعا عارفة يا رحيق بس ماكنتش لاقية حاجه أقولها الصراحة "

أومأت رحيق لها بابتسامة .. همت سلمى بالخروج و لكنها توقفت و هي تعطي ظهرها لرحيق و قالت بدون أن تستدير :" بتحبيه ؟ "

رحيق بابتسامة و هي تنظر لوجه معتز و هو نائم تحت التخدير :" أنا عمري ما حبيت و لا هحب حد غيره "

ضحكت سلمى و قالت و هي على نفس الوضعية :" هو كمان بيحبك على فكرة " و خرجت مباشرة تاركة رحيق التي إحتاجت ل ثوان لتدرك ما قالته سلمى و تتسع عيناها بشدة .. إقتربت منه و طبعت قبلة صغيرة على خده الأيسر .. إبتعدت عنه و هي تتذكر تلك الليلة .. نهى كانت نائمة على سريرها بعمق شديد بينما هي أمضت تلك الليلة بجواره .. كان مستيقظا ؛ ظلا يتحدثان عن أمور شتى .. أخبرها عن حور و سلمى و علاقته بهما .. أخبرها عن قلقه الشديد على حور و عن طفولته و وفاة والديه .. و حكت هي له عن والدها و والدتها التي إنفصلت عنه والدها بعد ولادة سيدرا مباشرة .. تحدثا عن كل شيئ .. مجرد غريبان .. سيخرج أحدهما من هذا المشفى غدا و رؤية الآخر ستكون امرا شبه مستحيل ... و لكنها وقعت في عشق أحاديثه .. ف الأذن تعشق قبل العين أحيانا ..

إمرأةٌ لا تُقهَر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن