الفصل الأربعون

79.5K 3.4K 164
                                    

# الفصل_الأربعون
#إمبراطورية_الرجال

استغفر الله عدد ما كان وعدد ما يكون وعدد الحركات والسكون..
اللهم صلِ وسلم وبارك على محمد ...٣مرات
سبحان الله ، الحمد لله، ولا حول ولا قوة الا بالله
❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤

_ملفك جاهز عشان تاخديه...لقيت البديل وتقدري تسيبي الشغل.

ربما نعرف أن المطر آت ولكن عند سقوط قطراته الأولى نتفاجئ !!
كانت تعرف أنها سترحل بعد بضع أيام...هي من قررت ذلك !
ربما يتضاعف الألم عندما يكن قرار الفراق بيد من نحب...ليس مرغمـًا ، ليس لشيء سوى أنه يريد ذلك !!
البكاء...ربما يعصف الآن بعينيها...
وربما يهجر نظراتها حد الألم لدموعٍ تتلهف عينيها إليها لتستريح !
قال ذلك بنظراتٍ شرسة...كأنه ينتقم لشيء هو وحده يعرفه !!
ربما صفعة لم تكن باليد...ولأول مرة ترى أن للكلمات سوط يجلد وخنجر قاتل !!
نشبت أفكارها المعارك مع نبض يتوق إلى قربه..
ومع كبرياء يجلس على العرش ويتحكم بخطواتنا !
دائمـًا كان يتمسك ، ويقل لا تبتعدي وبه ما به من أخطاء ، كانت تسرق من أصراره بالقرب أملًا يستند إليه القلب مبررا البقاء ! وحتى لو لم تقل ذلك ولكنها كانت تأمل ذلك..
وبتصريح حاد اعلن تخليه ! ويبدو وكأنه يلفظها خارج حياته كالشيء الذي لا يعنيه...
حقا صدمت...غضبت..تألمت...ولم تكن تتوقع ذلك وهي من تخلت عن عنادها منذ قليل ،ورفضت الوظيفة الأخرى مع المدعو "خالد"
على قدر شراسة عينيه ولكن هناك شيء غامض يطوف بهما ، شيء وكأنه يبكِ كالطفل على فراقها...
لم يضيف كلمة أخرى...بل لم يريد أن يستمع ولا ينظر إليها وهي من تجسد الآن الخيانة بنظره ، ربما كانت تتحدث فقط وهذا ليس دليل قاطع بالخيانة ،ولكن عقدته القديمة ثقبت الثقة بداخله اتجاه حواء...أصبح أقل الأشياء بعيناه خيانة..
ابتعد...ما كان عليه أن يفعل ذلك
انفصل عنها ببضع خطوات تتسع كلما مر خطوة...صوت سيارات الطريق حولها كصوت الشجار بخاطرها وبنبضها...
اختفى آسر بداخل المبنى سريعا ، قال خالد مستغلا الوضع الذي انقذه من اليأس بقربها :-
_ لسه عند رأيك وبترفضي الشغل معايا ؟! اكيد في أسوأ الأحوال عمري ما هتكلم بالأسلوب ده !
الرجال لا أمان لهم...هكذا ولد بداخلها هذا الأمر...لم تنتبه كثيرا بما قاله خالد ولم تُجيبه حتى ساقتها قدماها لداخل المبنى....
                           ******
قد مر "آسر" من أمام حميدة منذ لحظات إلى مكتبه...صفقة الباب القوية وملامحه التي تتحدى العبوس والعنف تقل أن شيء ما قد حدث....
نظرت  حميدة بتوتر وقالت :- استر يارب
ثوانٍ فقط وقد طلت سمـا بذات الملامح القاسية في تعابيرها...
نهضت بقلق وقد أرادت الاستفسار منها ولكن سما لم تترك مساحة للحديث مع أحد...كأن العالم قد خلا إلا منه فقط...
فتحت سمـا باب المكتب بعصبية وعنف...لم تبكِ..رغم أنها تتمنى ذلك !! رد الألم بمثله هو الأهم الآن...القسوة بالقسوة ، والفراق بالفراق...والبادئ سيندم !
دخولها المكتب كان يبدو وكأنه اقتحام ، ثورة انتقام ، غضب متقد بالنيران...اقترب للمكتب الذي جلس أمامه في سكون غريب ، ليس سكون هادئ...وانما كالألم بعد الصفعة...أو كمثل شعور أول قطرة دم تنزف بعد الطعنة...اطرقت على المكتب بكل قوتها وهتفت بشراسة :-
_ أنت أزاي تكلمني بالأسلوب ده ؟! أزاي تتكلم عني كده ؟!
لم ينظر لها بل ظل ناظرا للمكتب للحظات بصمت ثم بتر صمته بحركة بسيطة من يده وفتح أحد الأدراج...
لحظات وكان أخرج الملف الخاص بها...دفعه على المكتب وقال من بين أسنانه :- مالكيش مكان هنا ، مش ده اللي كنتي عايزاه ؟!
ثورتها أصبحت جمود ، لا صوت ،ولا حركة ، بل وكأن جسدها أصبح تمثال حجري...بهذا البساطة !!
إذن جعلها تعمل لهذا الأمر...كي يكن له فقط القرار في رحيلها !!
إرضاء غرور ؟
عجرفة وتحدي ؟
أنانية ؟
أم كره ؟!
يبدو وكأنه جميعهم ! ويبدو أنها اخطأت خطأ فادح في عودتها مرة أخرى...دلفت حميدة للمكتب وللعجب ظهر خالد الذي نظر للملف على المكتب بنظرة خبيثة...رمقه آسر بكره واحتقار ، بنظرة الضحية للمجرم ، أو المظلوم للظالم...تناول خالد الملف بثبات من على المكتب وقال قنبلته الموقوته :-
_ أنتي رفضتي تشتغلي معايا واقتنعتي تكملي هنا ، بس أنا شايف أن هنا مش مناسب ليكي وكويس أن ده حصل قدامي وهجدد عرضي تاني...تشتغلي معايا ؟
رحبت عينيها بالدموع وهي تنظر له...كان وجود خالد كضوء يكشف العتمة...يكشف حقيقة وقعت بين الراحة والضيق في اظهارها...
ضيق آسر عينيه بصدمة....خالد وبهذه المواقف يستخدم المكر أكثر من الأكاذيب ...اذن أنه لا يكذب ، وما المبرر أن يكذب ؟! انتفض من مكانه كأن جسده لامسته صاعقة كهربائية...ردد بذهول :-
_ هي سما..كانت عايزة تكمل هنا ؟ رفضت تشتغل معاك ؟!
هتفت بصوتٍ عالِ...ظهر به البكاء وقالت :- أنسة سما ما تتعداش حدودك !!
نظر إليها بسيل من الأسف والندم الصامت ،ربما كانت عينيه تضخ الألم أكثر منها ! خرجت من المكتب راكضة...حتى لا يرى انهيارها
لملم خالد الأوراق بالملف الخاص بها ثم رمق آسر بنظرة منتصرة...كأنه يريد الاثبات أن الاستقامة وحدها لا تكفي للربح !! هكذا يوسوس الشياطين !
ظل آسر ينظر لمدخل الباب...خطوات رحيلها ، لحبيبته الذي ابعدها بغبائه واندفاعه وعقدته اللعينة ، ليتها تعرف ماضيه ، وليته يستطع أن يخبرها...لربما كانت تعذره ، أو تأخر الفراق لخطوة أخرى ، لفرصة أخرى....لم يدري كيف خرج خالد أيضا من المكتب...
كان مصدوم كليا...تبلد كالجليد ، انصهر كالثلج تحت شعاع الشمس ولم يصبح صامدا...عينيه تائهة ، هجرت الهدوء والثبات ، تنتفض بذعر من الم الفراق ويبدو أنه خسرها للأبد....
بالكاد استفاق من تيهته وركضت قدماه اتجاه الباب لينقذ آخر سبل القرب ، قالت حميدة بعدما شاهدت المشهد بصمت أقرب للدهشة :-
_ بعد ايه ؟!! أنت خسرتها خلاص !!
استدار بنظرة عنيفة وحادة هاتفا :- محدش هيقرر ده غيري أنا وهي !
حميدة بسخرية والم بعينيها :-
_ هي قررت من زمان بس آخر أمل جواها خلاها تبدأ تفكر تاني ترجع ، بس الأمل خلاص ضاع ، يمكن كمان ضاع للأبد
هز رأسه رافضا الأمر بشدة...وألم ، وحزن يملأ عينيه وسارع للحاق بها...
                            **********

امبراطورية الرجال ... للكاتبة رحاب ابراهيمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن