# إمبراطورية_الرجال
# الفصل_الرابع_والعشروناستغفر الله العظيم عدد ما كان وعددما يكون وعدد الحركات والسكون..
اللهم صلِ وسلم وبارك على محمد ...٣مرات
سبحان الله ، الحمد لله، ولا حول ولا قوة الا بالله
❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤**بموقع العمل**
وقفت جميلة وهي تتطلع بجاسر الذي يقف بجانبها ويتحدث مع بعض العمال...مندمج في العمل كليًا وهو يشير بعدة اتجاهات هنا وهناك...تسللت ابتسامة إلى شفتيها....كيف استطاعت أن تروض هذا الدنجوان الوسيم حتى يسير على خطاها هي ؟!
بدا مسيطرا وهو يتحدث...وبدا وسيمًا بوسامة شرقية بحته رغم عيناه الزرقاء بزرقة قاتمة بعض الشيء...اخفضت بصرها سريعا بحياء وغضت عنه....ولكن فكرها لم يحيد...إلى أين شعورها سيقودها ؟!
انتبهت فجأة أن ما من أحد غيرهما بالمكان وقد رحل العمال بغمرة شرودها...رفعت نظرها اليه لتجد نظرة المكر بعيناه وانتشر المكر بابتسامته أيضا...قالت بتلعثم وحرج وقد وجهت نظرتها لجهة أخر بارتباك:-
_ بتبصلي كده ليه ؟!
صاحب ابتسامته بعض الدفء وقال بتصريح :-
_ اصل حاسس أنك زي العطشان اللي مكسوف يقول عايز أشرب ، مكسوفة تبيني أنك معجبة بيا ، حتى بداري نظراتك ليا ، احنا اتفقنا نتكلم بصراحة..
تنهدت جميلة تنهيدة طويلة ثم اجابت بعين نظرتها يشوبها بعض التيه:-
_ أنا قلتلك أني عارفة حدودي...نظرتي ليك مش زي ما أنت فاهمها
تساءل جاسر وهو يضع أحد يداه بجيوب بنطاله الجينز الأسود :- فهميني طيب
نظرت له واجابت بتوتر سرى بعينيها :-
_ اجابتي هتكون سؤال ليك...ليه أنا ؟! انا بنت عادية واكيد مش اجمل واحدة عرفتها لأني متأكدة أن بيهمك الجمال...ليه اخترتني أنا ؟!
نظر لها بنظرة شاردة وكأنه عاد للماضي سنوات....قال بألم نضج بعينيه:-
_ أنا واثق فيكي عشان كده هتكلم بصراحة....أبويا كان بيعرف ستات كتير ، كنت بشوفه معاهم....ما تستغربيش أن كل الستات اللي شوفتهم معاه كانوا أقل من أمي في الجمال ، أمي ما شوفتش حد اجمل منها ، الجمال مش كل حاجة....
الجمال بيغري في الراجل كل حاجة الا قلبه....بس مافيش واحد عايز يفضل كده ، أي انسان من جواه بيبقى نفسه يحب ويثق ويحس بالآمان...احنا بنحتاج نحس بالآمان اكتر منكم والله...
أضاف عندما رأى التردد بعينيها وقال :-
_ هي دي الحقيقة ، يمكن عرفت بنات كتير ، بس عمري ما كنت هختار واحدة منهم...
عبست ملامحها بضيق وغيرة متخفية فقالت :- ليه ؟!
ابتسم وقال بصدق :- لأن اللي بيدخل القلب بيبقى مقامه كبير في عنينا...نظرتنا ليه بتبقى مختلفة....وهتلاحظي أن الناس القريبة للقلب هما اللي بيخرجوا احلى ما فينا...زيك كده
امتزج مع ابتسامتها بعض الشك والقلق فقالت :-
_ عايزة اسألك سؤال بس...
قطعت حديثها بحرج فنظر اليها مضيقا عيناه وقد فهم سير فكرها...تابعت جميلة بتلعثم :- هو البنات اللي عرفتهم ، معرفتك بيهم وصلت لفين ؟
حمد نظرتها الخجولة التي جعلتها تتهرب لجهة أخرى ولم ترى توتره وبدا غاضبا متوترا من السؤال...كيف يجيب ؟! ايقل لها أنه لطالما كان يرافق العاهرات ؟!
هل يخبرها الحقيقة ؟! وهل اذا أخبرها ستبقى أم ستتركه ؟!
ازدرد ريقه بتلعثم وأجاب كاذبا :- مجرد معرفة وكانت بتخلص بسرعة ، مش زي ما أنتي فاهمة...
نظرت الآن له بدقة ، لعينيه بالتحديد ، عيناه بها رجفة محيرة لم تستطع تفسيرها !! اهذا غضب من السؤال أم كذب مستتر ؟!
تابع كي يبعد ظنها :- ما وصلتش للدرجة اللي جت في عقلك ، وبعدين أنا في جميع الأحوال مكمل معاكي أنتي....
نظرت له بحيرة وقالت :- اصلها تفرق كتير ، العلاقات السطحية شيء وال...
انعقد حاجبيها بضيق ولم تجد كلمة مناسبة للتوضيح فتابعت :- وأنك تغلط شيء تاني ، تصرفاتك اوحتلي بكده
ابتسم بمرح رغم أن التوتر بداخله هائل وقال :- لأ انا منحرف في كلامي ونظراتي ودي طبيعة فيا ، وبحاول اكون محترم معاكي على ما الخطوبة ما تخلص...الخطوبة طولت أوي !!
ابتسمت وقالت :- خطوبة ايه اللي طولت احنا لسه مخطوبين من يومين ؟!
لم يستطح انكار الخبث بنظرته وقال بنبرة هامسة :- مستنيها تخلص بفارغ الصبر....
قالت جميلة بجدية :- تعالى نشوف بقية الادوار شكلك حبيت الكلام وهتنسى الشغل ...
ضيق جاسر عيناه بغيظ وتمتم بخفوت :- هو احنا هنفضل في قبلين كتير مش هنشوف بعدين بقى ولا ايه ؟!!! الله يمسيكي بالخير يا توتو أنتي وكيرا
كتم ضحكته وهو يسير بجانب جميلة فتساءلت بتعجب :-
_ بتضحك على ايه ؟!
اجاب بابتسامة:- بعدين هقولك
انفجر ضحكا وهو يرى نظرتها الغاضبة وقال :- هتمنعيني من التفكير كمان ؟!
مطت شفتيها بضيق فيبدو أنه سيظل يفكر هكذا لوقت طويل !!
**بأحد الطوابق العلوية **
تطلعت جميلة جيدا حولها فرأت موضع "الشكائر "التي رأتها من قبل يبدو واضحا اليوم وكأنها نقلت من وقت قريب...توجهت الى المكان وتركت جاسر يفحص التشطيبات بعناية....
دققت النظر حةلها جيدا لترى دوائر الأتربة التي تركتها الشكائر علامة لموضعها على الأرض...حتى رأت اعقاب كثيرة من السيجار ملقى بأحد الزوايا ومن بينهم " سيجارة " ذات شكل غريب وكأنها ملفوفة على انامل اليد!! جثت جميلة وأخذتها بنظرة متمعنة...انتبه جاسر لما تنظر اليه بين أصابعها وذهب اليها بتعجب...خطف منها السيجارة وقال بضحكة :-
_ شكلك صاحبة مزاج
قالت بحدة:- هنهزر؟! البتاعة دي شكلها غريب ومش شبه السجاير اللي بتتباع !! اكيد دي بتاعت حد من العمال
نظر جاسر حوله بنظرة ماكرة وابتسامة خبيثة على شفتيه وغمغم :-
_ اكيد بيجيبو حريم هنا ، الكلاب ما قالوليش
قالت جميلة مستفسرة:- بتقول ايه؟
اجاب جاسر ببساطة وابتسامة:- دي سيجارة حشيش يا روحي ، آه وربنا
اتسعت عين جميلة ذهول ثم هتفت بعنف :-
_ مش معقول ده يحصل هنا ؟! انا لازم اكلم رئيس العمال اللي هنا واهزقه
الق جاسر السيجارة من يده على الأرض وقال بحدة:- وانتي مالك ؟!
احنا هنا لينا شغلنا وبس مالناش دعوة بيشربوا ايه !! وبعدين انا هقول لرئيس العمال بطريقتي ما تتكلميش انتي خاااالص
ضربت جميلة الارض بقدميها وقالت :- بس الموقع ده مسؤول مننا !!
اجاب جاسر وبدأ ينفذ صبره من عنادها :- مسؤولين عن الشغل ، اما العمال نفسهم مش مسؤولين مننا ده شيء خاص برئيس الشغل ، اقل اجابة هيقولهالك أنتي ليكي عندي الشغل اللي طلباه وبس اما العمال انا المسؤول عنهم....العصبية مش ذكاء على فكرة
قالت بسخرية:- وأنت هتعمل ايه يا شمشون ؟!
قال جاسر بحدة:- هعمل اللي هعمله بس خليكي انتي بعيد ومالكيش دعوة بحاجة غير الشغل ولو شوفتك بتتكلمي انتي حرة...خلينا نخلص بقى يوسف مكلمني من ساعتها والمفروض كنت رجعت المكتب
************
**بالمكتب**
حدج الشباب في يوسف بذهول ليقل رعد بابتسامة تدرجت لشفتيه :-
_ عمي هيتجوز ؟! انت سمعت منه الكلام ده كويس ولا مافهمتش كعادتك ؟!!
اكد يوسف الأمر وهو يستند على حافة المكتب بظهره وقال :-
_ متأكد وابصم بالعشرة كمان ، لو عايزني اتصلك بيه دلوقتي اسمعك هتصل...
آسر بتعجب :- يا ترى ايه اللي يخليه يغير رأيه بعد ما كان رافض يتجوز تمامًا ؟!
قال يوسف بابتسامة :- اكيد حب ، أول مرة أشوف عنيه بتلمع كده وهو بيتكلم ، كان بيقولي الخبر وكأنه بيقولي أهم خبر في العالم...وفي نفس الوقت حسيت أنه بيداري فرحته !!!
رمق رعد آسر بنظرة مغتاظة وهتف :- بطل عقدك دي يا آسر وبعدين عمي وجيه مش كبير ومن حقه يفرح ، الناس كلها كانت مستغربة هو رافض الجواز ليه بس أنا كنت عارف
يوسف بتعجب :- عارف ايه ؟!
نهض رعد من مقعده ونظر اليهم بمرح قائلا بثقة :- كل واحد فيكم أنا عارف بيفكر أزاي بالضبط ، جاسر بيحب جميلة بس مش عايز يعترف لنفسه كبرياء بقى وكده والمصيبة انه عايز يقنع نفسه أنه بيضحك عليها ، وانت يا يوسف كنت دايما بتحب حميدة بس كنت خايف تقولها ولا حتى تبينلها أي حاجة وكنت بلاحظ نظراتك ليها وهي بتشتغل....اما آسر بقى
نهض آسر من مقعده وهتف بعصبية :- مالي بقى أن شاء الله ؟!
قال رعد بمكر :- لسه تايه ومتوها معاك ، خف على البت دي مش حملك وهتندم ندم عمرك لو خليتها تكرهك بغبائك ده
هتف آسر بغضب :- ايه الهبل اللي بتقوله ده ؟!
رعد بسخرية :- ماشي هبل بس اعتبرها نصيحة وفكر فيها ، عمي وجيه مكنش رافض الجواز يا اغبيا ، هو رافض يتجوز من غير حب ، انا متأكد أنه حب بدليل كلام يوسف عن فرحته وسعادته اللي بيحاول يداريهم....
يوسف بخبث:- طب وأنت بقى يا معلم ؟!
ابتسم رعد وهو يضيق عيناه متذكرا حبيبته وقال باعتراف :-
_ آه بحب رضوى مش كارثة يعني ، بس مش هقولها غير لما احس أنها بتفكر فيا وهتوافق ، هفضل وراها لحد ما تحبني
آسر بسخرية:- هو الحب بالعافية ؟!
رعد بثقة :- أنا مش غبي زيك يا آسر اضيع سعادتي بإيدي ، يمكن البنات دول مش احلى بنات قابلناهم ، يمكن كمان اقل بنات شوفناهم من حيث الشكل ، بس انا عن نفسي حابب وراضي ومرتاح ومصمم انها تكون شريكة حياتي ، الجمال انا شوفته قدامي مليون مرة بس عمري ما حبيت وجود واحدة في حياتي اد رضوى...ساعات بحس أنها من دمي !!
يوسف بابتسامة :- انت صح يا رعد ، انا فعلا بحب حميدة من زمان ، بس كنت خايف من حاجات كتير....لكن جاسر ماينفعش نسيبه كده !
رفض رعد وقال :- لأ ، هو اللي يختار ويقرر انه يعترف لنفسه قبل أي حد ، لو واجهته هينكر زي ما بيعمل على طول ، سيبه لحد ما يوصل لبر الآمان وساعتها هتشوف جاسر تاني خالص...
انفعلت نظرات آسر بغضب وقرر الذهاب قائلا :-
_ أنا ماشي ، انتوا شكلكم فاضيين وما وراكوش شغل ؟!!
قال رعد بقوة :- فكر في اللي قولتهولك يا آسر وما تخليش العند ياخدك لطريق مسدود....
وقف آسر بنظرة مقتضبة ثم فتح باب المكتب وخرج مغلقاً الباب خلفه...
*******
أنت تقرأ
امبراطورية الرجال ... للكاتبة رحاب ابراهيم
Romansاربع شباب هم ورثة عائلة من فروع استقراطية قديمة العهد..رسم كلاً منهما وجهةٍ لحياته خاصة به..بينما يأبى العم الأعزب والمسؤول عنهم بعد وفاة آبائهم في حادثة أن ينغمس كل شاب فيهم بحياته فيقرر أن يسلبهم من إرثهم عقاباً على استهتارهم..فتقذفهم الحياة للحي...