الجزء الثالث

611 46 5
                                    


ممر طويل تملئه الاضاءة البيضاء ولكنه يحمل احزان من جميع الجوانب.. كل غرفة ممن في هذا الممر بها الآن قصة ربما تبدأ ،وهناك قصة تنتهي برحيل أبطالها عن العالم

كانت امرأة يبدو عليها التعب الشديد جالسة على الفراش بملامح هادئة ولكنها خائفة على من ستخلفه ورائها من روح كانت متشبثة بها، كانت هي طوق النجاة لها، كانت الجزع الذي يتمسك بها الغريق ويحاول الفرار من الموت، كانت هذه الروح جالسة بجانبها ،شاباً لم نري ملامحه لانه خبأها بيده وهو مستند بالأسفل تسقط دموعه على الارض لكي لا تراه أمه..

الأم بصوت حنون: عزيز يا حبيبي انا هفضل معاك ومش هسيبك ابداً ،انا عارفة اني اكتر حد انت حبيته في دنيتك وعايزك تعرف ان انت كمان احن قلب انا شوفته في حياتي وحبيته يا حبيبي، رغم انك بتخبي قلبك ده عن ناس كتير بس معرفتش تخبيه عني، اوعي تزعل مني في يوم، انا حاولت كتير علشانك بس شكلي مش قوية كفاية

وضع يده متشبثاً بها بقوة دون ان يحرك راسه من الاسفل

الأم بمرح: عزيز مش هتخليني اشوف عيونك اللي واخدها مني؟ اخوك من ساعة موت ابوك وهو رافض يرجع لحياته الطبيعية، اوعي تعمل زيه م بعدي انا عيزاك احسن حد في الدنيا

سمعت صوت بكاءه الذي يحاول اخفاءه فحسست على يده بتعب: كان نفسي اجي معاك حفلة التخرج بس انا هبقي معاك وهتحس بيا ،وقت ما تحتاجني كلمني ياعزيز وانا هسمعك

امسك يدها وهو مخبأ راسه في الفراش لينتهي المشهد على ذلك الشاب تائهاً لا يعلم لمن يلجأ..

" ولدي الغاضب لين القلب ،لا تكن عابثاً لا تصبح غاضباً، لا تقلق من اي شئ، ابقي طباعك مثلما كنت صغيراً ،ان لم تستطع بعد ان ارحل جد لنفسك فتاة جميلة وبريئة التي يمكنها ان تلوي اذنك وتزوجها... ولكن لا تنسي ان تدعو أخيك للزفاف، اعلم انه قد يرفض المجئ لذا شده الي العرس حتي يري سعادتك من خلالي ،اجعله يرقص لاني اعرف انه لا يحب الرقص ولكن شده من يده والقي به في منتصف حفلة الرقص ... كن رجلاً صالحاً لا تكن غاضباً لانك عندما تغضب لا تستطيع التحكم في نفسك ، لا تستسلم لا تتشتت مهما حدث لك واينما كنت حتي لو بمشكلة ..."

من بين الحين والآخر يفتح الصندوق الصغير الذي تركته له ممتلئ بصورها هي ووالده في زفافهم وصور اخري له هو واخيه في صغرهم ،بين الحين والآخر يقرأ هذه الورقة بخط يدها ليشعر بها من حوله، ولكنه الآن يعلم انها بعيدة عنه كل البعد، ربما لن تطيق النظر في وجهه، فهذا لم يكن يوماً عزيز التي عرفته هذه المرأه الجميلة والتي ربته على المبادئ ،ولكنه يرمي عليها كل اللوم فهي من تركته وحيداً في طريق طويل مظلم لا يعلم اين سيذهب ولا يوجد يد تمد له العون، ظل بمفرده من بعدها بعد ان كانت تمسك يده ليعبروا الطريق معاً...

عزيز و عهدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن