أخذت في جره خلفها نحو ذلك الخيال مرة أخرى وهو يتبعها بخطوات متعثرة من أثر النعاس ، وما إن وصلا حتى طار النوم من عينيه يفركهما بقوة ليتأكد مما يراه .... فقد كان المنظر بديعاً للغاية .....
تخيلوا معنا ؛ ذلك المشهد في الصورة ، مع سماء شبه صافية لا يحجبها عن الأرض ورقة واحدة ، و شجيرات صغيرة هنا و هناك تملأ المكان بأكمله وتغطيها نباتات أخرى متسلقة و زاحفة تلتف حولها بلا انتظام ، والأشجار العارية من حولهم مثقلة بكتل الثلج و قطرات المياه من أمطار الشتاء تنزل من على أغصانها متجمدة كما لو أنها ستائر تحجب رؤية ما سوف يحدث لهذا المكان البديع ، وكأنما يمكن أن يزداد هذا المكان جمالاً و روعة فوق روعته بالفعل ...
لوكاس : ' بسعادة مشدوها من جمال المكان ' حسناً ، هذا شيء يستحق الرؤية بالفعل ...
سيرافينا : ألم أقل لك ! ' بحماس ' ولكن هذا ليس كل شيء !
لوكاس : ألا يزال هناك المزيد ؟!
سيرافينا : ' بسخرية ' في بعض الأحيان أتسائل كيف يمكنك أن تكون حارساً للغابة ولا تعلم شيئاً عن ساكنيها ... ' تهمس ' غبي ...
لوكاس : ' سمعها ' شكراً عزيزتي ، فقد انتقلت لي عدوى الغباء منك ...
عادا للشجار مرة أخرى ولكنه لم يستغرق طويلاً ، إذ ظهر القمر أخيراً من خلف الغيوم ليشع المكان لمعاناً يخطف الأنفاس ، وما هي إلا ثواني حتى ... اممم ... كيف يمكن وصف ذلك ... امممممم ... أوه أجل ! كأنما انفجر الربيع في قلب الشتاء ! امتلأ المكان بأزهار لؤلؤية اللون متوسطة الحجم تتفتح الواحدة تلو الأخرى في تناغم شديد و تلمع بتلاتها البيضاء تحت ضوء القمر كالمصابيح ، ومن تلك الأزهار خرجت جنيات الثلج الصغيرة بفساتينهن المصنوعة من ندفات الثلج و ريش الحمام الأبيض لتبدأ عملها ككل شتاء ...
بعضهن تتراقص هنا و هناك فيهطل الثلج في المكان ، و البعض الآخر يصنع ستائر الماء المتجمد حول الأشجار ، وآخريات تهتم بجمع الصنوبر الجاف و تزرعه للسناجب حتى تجد ما تأكله للشتاء القادم ....
هبط كلاهما نحو ذلك المكان يمشيان بحذر و بطء شديدين حتى لا يؤذيا أياً من الكائنات الصغيرة اللطيفة التي تطير حولهم ... أو كانت لطيفة ...
إذ لاحظتهم بعض الجنيات فطرن مسرعين نحو سيرافينا يجذبن شعرها و يركلن رأسها و أنفها ويتحدثن غاضبات إليها بلغتهن التي لا تفهمها إطلاقاً ، من الواضح أنهن غاضبات منها لسبب ما ولم يتركنها حتى أبعدهم عنها لوكاس ...
لوكاس : يبدو أن مشكلاتك لا تقتصر علينا فقط ، ماذا فعلت بهن ليغضبوا منك هكذا ؟
سيرافينا : ' بحيرة ' لا أعلم ، اليوم هو أول مرة أرى فيها تلك المخلوقات الشرسة اللطيفة ...
لوكاس : ' باستغراب ' هذا غريب فعلاً ، هل أنت متأكدة ؟
سيرافينا : ' مستنكرة ' ليس معنى أني أحب افتعال المقالب أني أحب الكذب ! أنا متأكدة مما أقول !
أطرق لوكاس يفكر قليلاً ، ثم تحرك نحو الجنيات الصغيرات وتحدث معهن بلطف يسألهن عمّا حصل ... وسردت له جنيات الثلج ما حدث لرفيقاتهن بسبب سيرافينا ...